خربة الطويل .. باقية رغم قبضة الاحتلال والاستيطان

خربة الطويل

- تقرير من أعداد طلبة الإعلام في جامعة النجاح الوطنية

زمن برس، فلسطين: حياة ريفية هادئة، بيوت مشتتة التوزيع الجغرافي ومتجاورة في الاسوار، وسكان آلفو بعضهم البعض يعيشونَ حياةً مملوءة بالمودة والمحبة، حيث نسمات الهواء العليل تبعث بالروح السكينة والطمأنينة وخيوطٌ تُغزلُ من أشعة الشمسِ الذهبية لِتداعب أوراق الأشجار وتلامس سفوح الجبال وأشجارٌ تمتد باسقة نحو السماء وزهور تتمايلُ مع نسائم أيار، فراشاتٌ هائماتٌ في فلك الربيع،  وأصوات العصافير تتسلكُ وراء الأفقِ مع ضوء صباح جديد، هذه هي الحياة في خربة الطويل، التي تتربع في سهلٍ بين جبلين ذي طبيعية خلابة من بساتين وخضرة.

خربة الطويل، خربة صغيرة تعاني من ويلات الاحتلال ويعيش سكانها البالغ عددهم المئتين وخمسين نسمة في جحيم لا يطاق، تضم الخربة ثمانية عشر أسرة، يعتمدون في معيشتهم على الزراعة البسيطة وتربية الماشية والرعي. ويستغل سكان الخربة الأراضي لهدفين الأول زراعتها بالبقوليات والقمح والثاني لرعي حوالي أربعة الاف رأس من الأغنام كمصدرين أساسيين للرزق.

تقع الخربة على بعد أقل من كيلومترين فقط من قرية "عقربا" شرقي مدينة نابلس التي تمتد أراضيها للحدود الأردنية، يزعزع هدوؤها هجمات الاحتلال المتتالية والزحف الاستيطاني الذي يهدد بقائها على الخريطة.

تعزز الإخطارات العسكرية  التي تصل اهالي خربة الطويل بشكل دوري بالمخاوف، اذ تنذرهم بنية الاحتلال مصادرة أراضيهم الممتدة إلى نهر الأردن شرقا، وإخطارات الهدم التي شملت مسجد الخربة، وإخطارات هدم البيوت و"البركسات" الزراعية وحظائر مبيت الأغنام، إلى جانب بعض الآبار التي تجمع فيها مياه الأمطار للشرب ولسقي الماشية.

"الكهرباء قدم فيها اخطار، المدرسة قدم فيها اخطار، المسجد فيه اخطار كل ما نقوم به فيه اخطار" بهذه الحقائق بدأ ممثل خربة الطويل باسم سليم وأحد سكانها الشاهدين على ممارسات الاحتلال رواية قصته، التي تتحدث عن ارض ضاعت احلام ساكنيها، وأضاف: "نحن نتعرض للإجراءات القمعية الاسرائيلية الهادفة لتهويد الارض، وطرد السكان من اراضي الطويل، والتي تمثل مساحات زراعية رعوية، تحيط بخربة قديمة، مضيفا أن اهالي الخربة استلموا جميعهم اخطارات تفيد بضرورة اخلائهم لارضهم قبل هدم منازلهم على من فيها، بهدف طرد المواطن من ارضه.

وقال: هذه ليست بالخطوة الوحيدة لمصادرة الأرضي فقد سبقها عشرات الاعتداءات التي لا تتوقف، وليست بالخطوة الجديدة أيضا على الاحتلال الاسرائيلي، فالمواطنين هنا يعانون من اعتداءات مستمرة من الجيش الاسرائيلي والمستوطنين الذين لم يتركوا اخضرا ولا يابس ولم يرحموا الانسان ولا الحجر. ومنها يذكر إغلاق الشارع الرئيس الموصل للخربة ومنع المزارعين من الوصول لأراضيهم، وإجبار الرعاة على عدم الرعي في الأراضي وهدم "بركساتهم" وخيامهم، عدى عن حجز بعضهم بعد سرقة الخيول والمواشي من قبل المستوطنين، وايضا عمليات التخريب وحرق المحصولات الزراعية ورشه بالمبيدات السامة".  

اضاف سليم :" بأننا نحتاج الى عيادة صحية، وسيارة لنقل الطلاب الى مدارسهم وإعادتهم الى بيوتهم لبعد الخربة عن المدرسة بحدود كيلو او أكثر".

ورغم كل ما يعانيه سكان الخربة من تهديد بالترحيل والتهجير الا ان سكان الخربة مصرين على الصمود والبقاء بأرضهم ولن يتخلوا عنها مهما كان الثمن.

الحاجة رزقيه القاطنة في الخربة منذ سبعة واربعين عاما، والتي انجبت ابناءها على أرضها تتحدث بمرراة عن معاناة اهالي الطويل، الذين طالما تعرضوا لترهيب قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي افقدهم معنى الطمأنينة، فقد هدم الاحتلال منزلها سالباً بصيص الامل الذي تبقى لها. اضافة الى قيام  القوات الاسرائيلية بملاحقة أحد ابنائها، حيث قاموا بحرق ماشيته بعد ان استطاع الفرار منهم، بعد ملاحقة طالت الساعات.

تتحدث والدموع والقلق يتربص بمقلتيها: "لم يبقوا لنا شيئا، حتى مزروعاتنا دمروها بسياراتهم، مناورات عسكرية يومية، سياراتهم تتجول ما بين المنازل تقلق نومنا وترهب اطفالنا مؤكدة على ان المغر ستكون مأواهم في حال انهم طردوا من بيوتهم، اذ تقول: ”لا نستطيع العودة لقرية عقربا لان الحياة مع امتلاكنا لماشيتنا محالة هناك وسنبقى هنا للرمق الاخير وسنعيش بالمغر اذا ما جار الزمان علينا اكثر من ذلك". مضيفة "نحن صامدون هنا الى ان يفرجها الله وتتحرر بلادنا، هم يحاولون ارهابنا واجبارنا على ترك اراضينا، ومنازلنا من خلال مناوراتهم المسلحة بين بيوتنا".

وبدوره عقب رئيس بلدية عقربا أيمن بني فضل على ما قامت به البلدية للحفاظ على المنطقة بالقول: ”قامت البلدية بدور فعال للحفاظ على الارض بهدف حماية الطويل والاغوار التابعة لقرية عقربا، اذ استطعنا تعبيد طريق توصل الخربة بقرية عقربا، وبناء مدرسة وما هذا الا من دافع حرصنا على اطفالنا وللتخفيف عنهم عذاب الطريق اليومي الذي يسلكونه للوصول لمدارسهم".

*هذا التقرير جزء من حملة التواصل والإعلام "الحياة اليومية في مناطق ج" ضمن مشروع "تسهيل فرص الوصول للخدمات والأراضي والممتلكات من قبل التجمعات الأكثر ضعفاً في مناطق ج" والممول من قبل مكتب المساعدات الإنسانية والحماية المدنية في الإتحاد الأوروبي.

حرره: 
م.م