"سرطان الخيانة" يهدم عش الزوجية

سماح عرار

(خاص) زمن برس، فلسطين: لم تفلت المواطنة (ص. ك) من خيانة زوجها رغم امتلاكها صفات الجمال والأدب والدين وهي مواصفات يتمناها أي رجل في يومنا الحالي لفتاة أحلامه المستقبلية.

وتابعت، وهي تبكي وتتنهد، وكأن الدنيا تضيّق من حولها " لقد حاول اغتصاب ابنتي (13 عاما) وخانني مع فتيات أخريات إلا إنني كنت أسامحه حتى يحميني وبنتي من هذه الحياة بعد وفاة زوجي الأول".

وتحكي (ص.ك) بصوت مرتجف وما تزال الدموع تنهمر من عينيها وهي تتذكر مشهد محاولته اغتصاب ابنتها " لقد أحببته بصدق، وأسكنته منزلي، وكنت أعمل لأصرف عليه وعلى ابنتي، ورغم ذلك خانني وكانت أول مرة مع ابنتي التي أنقذتها في آخر لحظة حيث كان يستعد لاغتصابها وهي تقول: مشان الله يا عمي لا.. مشان الله".

وحين سألتها مراسلة زمن برس ماذا فعلتِ، قالت "لقد جاء وركع عند قدماي وسامحته بعد أن طلب المغفرة"! وأضافت الزوجة بكلام يكاد أن يسمع "لقد خانني مرة أخرى مع عشيقة له ورأيت ذلك بعيني".

وتتذكر تلك اللحظة جيدا " كنت أراقبه من الحمام في المنزل وبمجرد أن وضع يده على عشيقته خرجت من الحمام كالمجنونة وبدأت أضربه بلا وعيّ مني". وتضيف "كل ما أتذكر الموقف بطير عقلي، لو كان معي سكين بهديك اللحظة كان قطعته، على قد ما وجعني".

"الخيانة": علاقات، فيسبوك، تفكير، لقاءات..

(ص.ك) تمثل حالةً لقضية ‘الخيانة الزوجية‘ الموجودة في مجتمعنا التي يعد الحديث عنها من "المحرمات" وتبقى مدفونة داخل الأسرة، إلا أن المواطنة (ص. ك) قررت الحديث عن معاناتها في الخيانة لما ألم بها، ما فتح الباب على مصراعيه للحديث عن قضية الخيانة وأنواعها وعن شكلها بالقانون الفلسطيني".

إن مفهوم الخيانة يشمل كل ما من شأنه أن يوجد علاقة غير شرعية سواء بالكلمات أو المراسلات أو اللقاءات ذات الأهداف المشبوهة والتي يترتب عليها مشاعر جنسية وارتباطات عاطفية حتى وإن لم تصل إلى درجة الاتصال الجسدي.

لماذا نخون؟

قال د. محمد بريغيث مستشار الصحة النفسية لـِ زمن برس" إنه يوجد عدة عوامل لموضوع الخيانة سواء من الزوج للزوجة أو العكس، تبدأ بالخيانة النفسية والعقلية حيث تبدأ الأفكار بموضوع تغيير الشريك أو خيانة الشريك من خلال مجموعة أفكار متعددة الأسباب بناء على عدة اختبارات وظروف منها أن يكون موضوع المشاكل النفسية أو عدم الإشباع بالإضافة إلى ضعف الثقة بالنفس وهي بالعادة تحدث بفقد أحد الزوجين الثقة بالنفس بالتالي وازع ما يسمى بـِ"القوى الكامنة النفسية" يكون ضعيف مما يعرض الشخص تحت أي ظرف إلى الاقدام على اشباع حاجة أو رغبة معينة وهنا يضيع جزء من قيّمه التي من المفروض أن يتعامل معها بشكل أكثر احتراما وأخلاقا ضمن معايير الحياة الزوجية".

وأضاف بريغيث" أن الخيانة هي نوع من أنواع الشذوذ، شذوذ نفسي وشذوذ جسمي، وشذوذ أخلاقي بنفس الوقت".

وعن كيفية علاج الأشخاص الشاذين الذين يقومون بفعل الخيانة قال مستشار الصحة النفسية" إن علاج موضوع الخيانة بتطلب علاج مجمل البنى الفكرية والنفسية والاجتماعية للأسرة".

وأضاف بريغيث" أن موضوع علاج الخيانة في علم النفس الحديث والطب الحديث يحدث فقط عن طريق "المعالج النفسي الأسري" المتخصص بشؤون الأسرة واضطرابات الأسرة، وحتى يتم العلاج يجب أن تكون هناك ثقافة لدى المواطنين في التعامل بموضوع الخيانة على أنه بالفعل هو حالة مرضية شاذة غير طبيعية، ويجب التعامل معها على أنها حالة يمكن أن تتعالج من خلال تبيان مواقع القوى والضعف لدى كلِّ من الزوجين ولدى النظام الأسري".

وعن مدى علاقة الخيانة بوجود جين وراثي لدى أحد الزوجين نفى المستشار النفسي، أن يكون موضوع الخيانة الزوجية مرتبط بالوراثة لأنه غير مثبت علميا.

الفقه والقانون

وقال د. خير الدين طالب أستاذ الفقه والقانون في الجامعة الأمريكية، "إن مفهوم الخيانة الزوجية شرعاً يشمل كل علاقة غير مشروعة تنشأ بين الزوج وامرأة أخرى غير زوجته أو العكس، فهي تعتبر علاقة محرمة سواء بلغت حد الزنا أو لم تبلغ، ويشمل هذا: المواعدات واللقاءات والخلوة وأحاديث الهاتف التي فيها نوع من الاستمتاع وتضييع الوقت بل حتى الكلام العابر واللقاءات التي تجري على سبيل العشق والغرام، وليس قاصرا على علاقة الزنا بين الزوج أو الزوجة وشخص أجنبي أو امرأة أجنبية".

وأضاف" أن الشريعة الإسلامية جاءت فحرمت الزنا لكن ليس الزنا فقط بمعناه المباشر بل حرمت كل الطرق والسبل التي تؤدي إليه من باب سد الذرائع".

حكم الخيانة الزوجية :

تعتبر الخيانة الزوجية من أكبر الكبائر، وإحدى السبع الموبقات، حتى إنه حينما بين الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف آيات المنافق أوضح من بينها أنه إذا أؤتمن خان بغض النظر عن نوع هذه الخيانة.
وكذلك الزوجة أيضاً راعية ومؤتمنة في بيتها ومسئولة عن رعيتها وهي زوجها وأبناؤها فإذا ما ارتكبت جريمة الزنا أو خطت أولى الخطوات في طريقها تعتبر خائنة لأمانة الرعاية.

ثبوت الجريمة :

والخيانة الزوجية كجريمة ينبغي أن تنطبق عليها شروط شرعية كي تكتمل أركانها، وهذه الشروط هي العناصر المادية التي ينبغي توافرها في أي جريمة كالتنفيذ العملي للجرم، فإذا ما اكتملت أركان الخيانة( الزنا) بالأدلة المادية بالبينة أو بالإقرار، ووصلت إلى علم الحاكم حكم على المتزوج أو المتزوجة بالرجم حتى الموت وهي عقوبة شديدة تتناسب وحجم الجرم الذي ارتكب، أما إذا لم تكن الجريمة قد اكتملت أو وصلت إلى حدها الأقصى ( الزنا) فلها عقوبة تعزيزية يقدرها القاضي.

الثغرات القانونية

نص قانون العقوبات الأردني الساري رقم 16 لسنة 1960 على هذه الجريمة تحت بند " الجنح المخلة بآداب الأسرة " لما لهذه العلاقة " الزوجية " من قدسية ربانية واجتماعية حيث جاءت المادة 282 الفقرة 2 على مايلي " يقضي بالعقوبة نفسها على شريك الزانية إذا كان متزوجا وإلا فالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة.

وأيضا المادة 283" يعاقب الزوج بالحبس من شهر إلى سنة إذا ارتكب الزنا في منزل الزوجية أو اتخذ له خليلة جهارا في أي مكان كان.

وعن كيفية تعامل القانون مع كلا الجنسين، قالت المحامية أحلام دراغمة:" هناك تمييز واضح ضد المرأة حيث أن حالات استفادة الرجل من العذر المخفف يقع في جميع الحالات بينما الزوجة التي تفاجئ بزوجها متلبسا مع إمرأة أخرى ولاتستفيد إلا إذا كان على فراش الزوجية الخاص بها".

وطالبت دراغمة" يضرورة المطالبة بتعديل نص المادة (340) لكي تستفيد الزوجة من هذا العذر المخفف مثلما يستفيد الرجل لأن الخيانة الزوجية هي جريمة تلامس كلاهما بآثارها السلبية وتلامس المجتمع بكافة أصنافه الأخلاقية والاجتماعية والتربوية".

وقالت المحامية، في ختام حديثها لِـزمن برس:" إن قانون العقوبات الأردني لم ينص على الخيانة الزوجية فيما يخص اللقاءات الغرامية والاتصالات، بالتالي تعتبر ثغرة قانونية في قانون العقوبات لا بد من معالجتها".

الدين المسيحي

وقال المطران حنّا عطا الله لِـ زمن برس" إن الدين المسيحي يرفض الخيانة بكافة انواعها، ويعتبرها ظاهرة سلبية ومرفوضة جملة وتفصيلا، مشيرا إلى أهمية الاهتمام في هذه القضية في المؤسسة الدينية".

وأضاف الأب عطا الله، " المسيحية تعتبر الزواج سراً مقدساً دائماً وأزلياً، واعتقد انه في حال حدثت خيانة من قبل أحد الزوجين فان المحبة الشاملة التي بينهما يجب أن تحمي علاقتهما، لافتا إلى أهمية مسامحة الطرف بعدهما عندما يقع احدهم في الخطا شريطة ان يتوب ويعود الى رشده".

وقال الأب عطا الله: في حال لم يعترف الطرف الذي قام بالخيانة بفعله يجب أن يلجأ الطرف المتضرر للمؤسسة الدينية والتي هي من ستأخذ القرار النهائي في هذه المسألة".

وتابع: واجهت الكثير من الحالات بشأن الخيانة لكن 99.9% منها تمكنت حلها من خلال المصالحة والعفو والعودة إلى الطريق الصحيح.

مراكز ومؤسسات

وقالت مسؤولة المرأة والطفل في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان منى الشوا،" الكثير من الحالات بتيجينا بتطلب الانفصال، معظم الشكاوي التي نتعامل معها هي عبارة عن "خيانة الكترونية" وأضافت: تعد الأكثر انتشاراً معللة ذلك بوجود شبكات التواصل الاجتماعي.

وتابعت:" نقدم مساعدة قانونية إما بتدخل قانوني أو استشارة قانونية عن طريق التوجه إلى المحاكم الشرعية.

ونتعامل مع قضايا التفريق ضمن الإطار القانوني والذي يحدد 6 حالات من خلالها تستطيع المرأة أن تطلب الطلاق، بحسب الشوا.

وهذه الحالات هي: 1- عدم الانفاق. 2- الغيبة والضرر. 3- حبس الزوج. 4- العجز الجنسي. 5- النزاع والشقاق.6- الجنون.

من جانبها، قالت المحامية "هنادي حميدات" المدافعة عن حقوق النساء في مركز المرأة للإرشاد القانوني، إن النساء في العادة تتوجه إلى المركز ليس من بداية المشكلة وإنما في وقت متأخر عندما تشعر بأن تهديداً حقيقياً بدأ يطفو على السطح ويهدد أمن واستقرار العائلة.

وعزت حميدات لـِ زمن برس، السبب في وجود الخيانة هو دخول الانترنت في حياتنا واستخدام البعض له بطريقة غير صحيحة لإشباع رغباتهم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.

وعللت المحامية" السبب في ضعف توجه النساء إلى المراكز هو إما ضعف إلمامها بحقوقها كسيدة، وإما أن تكون قد تكيّفت مع خيانة الزوج، أو إلمامها بالثغرات الموجودة في الإطار القانوني في فلسطين، وتابعت:" للأسف القوانين والبطء في اجراءات المحاكم والتقاضي جعلت المرأة لا تطرق حاجز الصمت".

حرره: 
م.م