الكل يريد وقف النار إلا مشعل

خالد مشعل

بقلم: يوسي ميلمان

قبل سبع ساعات من موعد انتهاء وقف النار في غزة، وفي الوقت الذي كان الجميع يسعى الى معرفة ماذا سيحصل بعد منتصف ليلة أمس، القى جهاز الامن العام «الشاباك» – المخابرات قنبلة. ففي استعراض للصحافيين روى مسؤول كبير في الجهاز بانه اكتشفت في الضفة الغربية وفي القدس شبكة ارهاب كبيرة لحماس، خططت ضمن امور اخرى لتنفيذ عمليات في اسرائيل، واثارة مسيرة تؤدي الى انتفاضة رقم 3 وبناء شبكة تستعد لامكانية انقلاب عسكري ضد حكم السلطة الفلسطينية، مثل الانقلاب الذي قامت به حماس قبل اكثر من سبع سنوات في قطاع غزة.
ومع ذلك، تطلعت عيون الجميع نحو المحادثات، التي استمرت حتى ساعة متأخرة في القاهرة، وعلى لسان الجميع كان السؤال – ماذا سيكون؟ وكانت المشكلة أن احدا لم يعرف، بما في ذلك رئيس الوزراء ووزير الدفاع. واذا ما عرفا كيف يقدرا الامر فلم يرغبا في اشراك الباقين في ذلك؛ لا وزراء الكابينت ولا وسائل الاعلام وعبرها الجمهور. أمس، عند وقت قريب من منتصف الليل، كان كل شيء متوقعا والامر معروف.
حقيقة أن الوفد الاسرائيلي الى المحادثات بقي في القاهرة هي مؤشر جيد. وقد دل على أن المباحثات استمرت حتى اللحظة الاخيرة، وان ايا من الاطراف لم يكن معنيا بكسر الاواني. وقالت مصادر أمنية في اسرائيل ان كل الاطراف، بما فيها السلطة الفلسطينية، حماس غزة، الذراع العسكري والجهاد الاسلامي كانت مستعدة لمواصلة وقف النار. المشكلة هي أن رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، الذي يبدو أنه أكثر مما يكافح في سبيل منظمته، يكافح في سبيل كبريائه وعزة نفسه.
لقد كانت المباحثات وستبقى على اساس المبادرة المصرية، التي تقترح تمديد وقف النار دون أي قيد زمني في ظل التزام كل الاطراف بخوض مفاوضات جدية وجذرية بعد شهر على كل المواضيع التي على جدول الاعمال، بما فيها بناء ميناء كبير في غزة. وحسب المصادر، فان ايا من الامكانيات لم تستبعد تماما.
وكان على جدول الاعمال خمس امكانيات: ترتيب (تسوية بعيدة المدى)، احتمالات تحقيقها في هذه المرحلة طفيفة؛ بيان مصري من طرف واحد على أن الطرفين وافقا على تمديد وقف النار؛ بيان مشترك من كل الاطراف على تمديد وقف النار؛ وترتيب «نحيف» – اتفاق مخفف يسمح بتمديد وقف النار وسلسلة من الاعمال على الارض، مثل فتح المعابر، تمديد وقف النار بـ 24 ساعة فقط، في محاولة للوصول الى اتفاق دائم. ولكن في الخلفية كان معلقا الخيار الاضافي، الذي لم يكن اي من الاطراف يريده: استئناف النار.
وعليه، ففي الجيش وفي جهاز الامن الاسرائيلي لم ياخذوا الفرصة ويستعدوا لهذه الامكانية ايضا. فحركة القطارات بين سدروت وعسقلان، التي مقطع من السكة فيها مكشوف للنار من غزة، توقفت أول أمس. وفي بعض من كيبوتسات غلاف غزة حصنوا باسوار من الاسمنت رياض أطفال.
وفوق كل شيء – الجيش الاسرائيلي سيرد على كل نار بضربة نار قوية على نحو خاص. «شيء واحد واضح. لن نوافق على حرب استنزاف»، أوضح امس وزير الدفاع يعلون.
وعودة الى جهاز الامن العام «الشاباك»، حيث شددت أوساطه على ان توقيت النشر أمس مصادف وأنه جاء في أعقاب رفع نحو سبعين لائحة اتهام ضد المشبوهين في الشبكة. وبزعم الجهاز، فان كشف شبكة حماس لم يأتِ ليكون دعاية أن حرب نفسية لدق اسفين بين حماس والسلطة الفلسطينية في اليوم الذي يبحث فيه في مستقبل وقف النار في غزة.
واضح في هذه اللحظة بانه حتى لو مُدد وقف النار، فان احتمالات الوصول الى تسوية بعيدة المدى بين اسرائيل وحماس من خلال السلطة الفلسطينية ليست كبيرة. فالحقيقة المريرة هي أن حكومة نتنياهو، التي استخفت حتى الان بالرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) وفعلت كل شيء كي تضيع هباء تسعة اشهر من المفاوضات السياسية العقيمة، معنية الان بتتويجه على غزة.
وبالمقابل، فانها لا تؤمن بقدرته على السيطرة في الضفة الغربية. وفهم هذه الحكومة هو أن حماس في نهاية المطاف، سواء من خلال صندوق الاقتراع أم بمعونة البندقية، ستسيطر على الضفة.
مهما يكن من أمر، فان حكومة اسرائيل غير معنية بكل حال بتسوية سلمية او باي تسوية تلزمها باخلاء مستوطنات واعادة توطين المستوطنين. وعليه، فان كل ما تفعله الان هو إدارة الازمة، مثل تلك التي تسود اليوم في غزة ومواصلة العيش من أزمة واحدة الى أخرى.

معاريف 

 

حرره: 
م.م