هل يجرُّ انضمام فلسطين للجنايات الدولية فصائل المقاومة إلى المحاكمة؟

المقاومة الفلسطينية

أمون الشيخ

(خاص) زمن برس، فلسطين: في عدوان وحشي استمر شهراً على قطاع غزة، ويتوقف مؤقتاً بسبب هدنة 3 أيام هذا هو آخرها، قصف الاحتلال براً وبحراً وجواً منازل المواطنين المدنيين العزل على رؤسهم وقصف المدارس التي نزحوا إليها والمساجد والمستشفيات ومحيطها، وحتى استهدف تجمعات للمواطنين بشكل مباشر في الشوارع، مخلفاً نحو 1900 شهيد و10 آلاف جريح، في مجازر أباد فيها عائلات بأكملها أو ترك منها فرداً واحداً وحيداً أيمنا ولى وجهه في غزة رأى دماراً خيالياً حوّل أبراج وطوابق عمارات إلى حطام.

وتطالب مؤسسات حقوقية السلطة الوطنية والرئيس محمود عباس بملاحقة إسرائيل قانونياً على ما يرتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في محاولة لتحقيق انتصار آخر على الاحتلال الذي صمدت المقاومة في وجهه شهراً تتصدى لهجومه البري بل وتنجز عمليات إنزال خلف خطوطه موقعة فيه خسائر منها ما وثقته بالفيديو.

وتشاع تخوفات عن إمكانية أن تضر خطوة الانضمام إلى نظام روما الأساسي ومحاكمة قادة الاحتلال أمام محكمة الجنايات الدولية، بالمقاومة وجرها هي الأخرى إلى المحاكمة، فما مدى واقعية هذا الطرح وما مدى جدواه لفلسطين؟.

خطوات جدية وعملية

ويقول د.عصام عابدين الخبير القانوني في مؤسسة الحق إنهم في المؤسسة "وفي إطار سعينا لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين في الجرائم التي يرتكبونها وخاصة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في قطاع غزة نعمل بشكل مكثف على انضمام فلسطين لنظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية وعقدنا سلسلة اجتماعات في هذا الموضوع مع المستوى السياسي الفلسطيني والأحزاب وممثلين عن الفصائل وشخصيات مجتمع مدني وشخصيات اعتبارية وتم التواصل مع الرئيس محمود عباس عن أهمية هذا الطرح القانوني ومدى الاستفادة منه على المستوى السياسي ولدبلوماسي والقانوني".

وقال عابدين إنه تم رفع رسالة من منظمات حقوق الإنسان من خلال "مؤسستنا إلى الرئيس الفلسطيني قبل فترة بسيطة وذلك خلال الحرب واجتمعنا مع ممثليات أوروبية لدعم هذا التوجه وخاصة بعد الموقف غير المشجع للأوروبيين خلال الحرب".

وتابع إن "هناك خطوات عملية جدية تم اتخاذها في هذا الموضوع وأقول إننا قطعنا شوطاً كبيراً ومهماً".

هل نجر المقاومة إلى الجنايات الدولية بأيدينا؟

وقال الخبير القانوني عصام عابدين إن المستوى الرسمي طلب منهم تقديم أوراق رسمية تبين إيجابيات ومحاسن ومحاذير الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية وقال إن الطرح في النهاية أكد أهمية الانضمام لأن ما ارتكب في غزة يندرج الكثير منه في إطار جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وهذا اختصاص المحكمة.

وقال عبادين إنه فيما يتعلق بفضائل المقاومة فهذا متروك للمحكمة، لكن هناك مبررات قوية جداً تتعلق بالدفاع عن النفس والضرورة، وهذه تحمي المقاومة من المحاكمة، وقال إن من سيتأثر في النهائية ويخسر من رصيده قانونياً ودبلوماسياً وسياسياً هو الجانب الإسرائيلي والقادة الإسرائيليون العسكريون والسياسيون ومجرمو الحرب الإسرائليون لأنهم هم الذين يتحركون في كل دول العالم والانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية سيجعلهم ملاحقين منها.

ويشرح ياسر العموري دكتور القانون الدولي بجامعة بيرزيت أن الانضمام إلى نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية هو بمثابة الانضمام إلى معاهدة دولية، والمعاهدة الدولية بموجب قاعدة نسبية آثار المعاهدات تعني أن أطراف المعاهدة يلتزمون بما في هذه المعاهدة ما لهم فيها من حقوق وما عليهم منها من التزامات، وهي تلاحق مرتكبي أربع أصناف من الجرائم وهي جريمة الحرب وجريمة ضد الإنسانية وجريمة العدوان وجريمة ضد الإنسانية والإبادة الجماعية فبالتالي إذا طنت طراً في نظام روما وطرف آخر ارتكب إحدى هذه الجرائم يمكنك ملاحقته من حيث المبدأ.

ويتابع "إيجابات الانضمام أننا يمكن أن نلاحق إسرائيل على جملة من الانتهاكات الجسيمة التي ترقى إلى مصاف جرائم الحرب ومنها مثلاً جرائم قتل المدنيين سواء بشكل فردي أو جماعي، واستهداف المنشآت المدنية خاصة البيوت والأحياء السكينة جريمة حرب أيضاً، واستهداف المنشآت المحمية والأشخاص المحميين حماية خاصة مثل الصحفيين فاستهداف الصحفيين جريمة حرب، واستهداف المستشفيات ودور العبادة، ونستطيع القول أن من إيجابيات انضمامنا إلى نظام روما جملة من الملاحقات القانونية".

سلاح ذو حدين

ويوضح الدكتور العموري "السؤال من حيث المبدأ نعم يمكن أن تساءل أنت كما تُسائل لكن عند التفصيل أين هي جرائم الحرب التي تقترفها المقاومة حتى نخشى من الانضمام إلى معاهدة روما؟".

وأوضح العموري أن الفعل المقاوم بحد ذاته والعمل على التخلص من الاحتلال بكافة الوسائل بما فيها الكفاح المسلح هو فعل مشروع بموجب أحكام وقواعد القانون الدولي، والمقاومة حق مشروع استناداً إلى حق الشعوب في تقرير المصير والفعل المقاوم لا يشكل انتهاكاً للقانون الدولي أو القانون الدولي الإنساني.

وتابع "متى يمكن أن ينتقل الفعل المقاوم من مشروع إلى غير مشروع؟ في حال لم تلتزم المقاومة بمحددات موضوع المقاومة ومنها استهداف المحميين لدى العدو ومنه مثلاً استهداف المدارس أو المدنيين الذين ثبت لهم حق الحماية إلا إذا أزيلت عنه صفة الحماية لأنه مثلاً يحمل السلاح أو يعرض الطرف الآخر إلى الخطر".

وأضاف "أنا باعتقادي وتحديداً بخصوص المقاومة في فعلها المقاوم في العدوان الأخير لم تقترف أي من الانتهاكات الجسيمة التي ترتقي إلى مصاف جرائم الحرب ومعنى ذلك أن إيجابيات انضمامنا إلى نظام روما هي أضعاف سلبيات ما يمكن أن نخسره من الانضمام وأنا ممن يدعون إلى ضرورة الانضمام لنظام روما بسبب الإيجابية الأكبر بكثير من السلبية التي قد تقع هنا أو هناك".

انضمام إسرائيل إلى روما ليس شرطاً لمحاكمتها

وهذا ما أوضحه أيضاً عابدين حيث قال إن الاعتقاد بأن إسرائيل يجب أن تكون منضمة لمحكمة الجنايات الدولية لمحاكمتها غير صحيح ويمكن أن يحاك قادتها دون أن تنضم، وقال إن الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية من قبل فلسطين يعني تحريك شكاوى أمام المحكمة باعتبارنا طرفاً منضماً لهذه الاتفاقية على أي جريمة وقعت على الأرض الفلسطينية.

وقال إنه وبخصوص أي جرائم ضمن اختصاص المحكمة ووقعت على أراضي  دولة عضو أو مواطن من مواطنيها هو الذي ارتكبها ينعقد الاختصاص لها.

وكل دول العالم سواء كانت منضمة أو غير منضمة لمحكمة الجنايات الدولية فهي مطالبة بأن تتعاون في إطار مجال تسهيل عمل المحكمة في إطار الأدلة التي يطلبها المدعي العام، كما بيّن عابدين.

 

الجنسيات الأخرى التي يحملها مجرمو الحرب الإسرائيليون مفيدة!

وتلزم الدول التي يحمل المجرمون جنسيتها بتسهيل عمل المدعي العام سواء بالمعلومات أو الأدلة التي يحتاجها لمحاكمتهم، وهذه

وأوضح الخبير القانوني عابدين أيضاً بأنه يمكن محاكمة الاحتلال بجريمتي الاستيطان وهي جريمة حرب ومستمرة ومن التي ينعقد فيها اختصاص المحكمة إضافة إلى جريمة التمييز العنصري، "كما أن هناك جرائم مختلفة مستمرة ترتكبها إسرائيل يمكن أن نحاكمها عليها غير الجرائم المرتكبة في الحرب على غزة".

وأكّد أن زيارة من وزارة الخارجية الفلسطينية تمت لمكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية قبل يومين، موضحاً أن الموضوع جدي _على الأقل أكثر من السابق_ وتخوفات من أنشطة المقاومة والصواريخ وموضوع المدنيين، لا يجب أن تكون عائقاً أمام الانضمام للمحكمة لأن هناك تسنيد لهذه الأنشطة بمبررات الدفاع عن النفس والضرورة والحاجة.

 

وقال إذا ما جرت محاكمات مجرمي الحرب الإسرائليين فإتها ستجعلهم لا يغادرون الطائرات لدى وصولهم الدول الأوروبية التي هي طرف في المحكمة.

حرره: 
ا.ش