فصائل غائبة عن الساحة وشبان يقودون المعركة

مواجهات مع الشبان في بيت لحم

ديالا الريماوي

(خاص) زمن برس، فلسطين: اعتداءات وانتهاكات بحق المسجد الأقصى، اعتقال المرابطات وضربهن، قتل الشباب بذرائع واهية، التنكيل بجثث الشهداء، مشاهد أجبرت الشبان على الخروج إلى نقاط التماس والاشتباك مع جنود الاحتلال، ومنهم من حاول أن يجد طريقة أخرى للمواجهة غير الحجر.

فمنذ بداية أكتوبر، نفذ العديد من الشبان عمليات فردية من طعن ودهس وإطلاق نار استطاعت أن تزرع الرعب في قلوب المستوطنين وجنود الاحتلال، ولعّل مشاهد هروب جنود يحملون سلاحهم بيدهم خوفا من سكين يحملها شاب أثبت أن هذا الجيش الذي يقهر.

مدير المركز الفلسطيني للأبحاث والدراسات الاستراتيجية محمد المصري قال إن طبيعة الحراك الموجود في الشارع هو حراك شبابي أكثر من شعبي شامل، إذ أن الفئات العمرية المشاركة لا تتجاوز 22 عاما، وهم الذين ولدوا ما بعد اتفاق أوسلو هؤلاء وجدوا أنفسهم مكبلين باتفاق أوسلو، فبدلا من أن يأخذهم إلى بر الأمان وجدوا أنفسهم أمام حالة من الغضب نتيجة الانقسام والحصار والبطالة، وهو ما دفعهم لمواجهة المحتل.

وأوضح المصري لـ زمن برس أن الشباب الفلسطيني لم يخرجوا إلى الشوارع بإرادة فصائلية أو سياسية، فهم لا يعتبرون أن الفصائل تشكل مرجعية لهم، بل على العكس فهي تدمر معنويات الشباب لأنها لم تجد الحلول حتى على المستوى الداخلي، إذ أن كل فصيل يسعى للحفاظ على مصالحه.

في هذا السياق، أفاد المختص بالشأن الإسرائيلي أنس أبو عرقوب بأن جهاز "الشاباك الإسرائيلي يرى أن هذه انتفاضة شبان وهؤلاء لا يمتثلون لأي طرف فصائلي وثورتهم موجهة نحو الاحتلال، لكن جزءا منها غضب على قادة الفصائل المنشغلين بحروب على المناصب، وفق ما يقول الشاباك.

وقال أبو عرقوب لـ زمن برس إن الكتاب والسياسين الإسرائيليين يدركون أن هذه الانتفاضة هي شعبية، ومنفذون العمليات الفردية لا يأتمرون بأمرة أي حزب، على الرغم من أن بعض الفصائل تحاول ركوب الموجة، إلا أن وجهة نظر إسرائيلية لا ترى في هذه الفصائل أي صلة بما يحدث على أرض الواقع.

وحول الأسباب التي دفعت الشباب للعزوف عن العمل ضمن قاعدة فصائلية، بيّن المحلل السياسي جهاد حرب أن هناك ظروف معينة منها عدم ثقة الشباب بالأحزاب، وعدم وجود حاضنة وبُعد الأحزاب السياسية عن الشباب وبالتالي أصبح يقرر بذاته للعمل ضد الاحتلال، وأصبح يواجه بما يتوفر له من أدوات مثل السكين، والدهس، وإطلاق النار.

وأشار لـ زمن برس إلى أن التنظيمات السياسية لم تعد قادرة على استيعاب العمل الشعبي، وبقيت متقوقعة على ذاتها بسبب عدد القيادات التي هي أكبر من عدد أعضائها، فهي تريد الحفاظ على ذاتها أكثر من التوجه نحو العمل الفدائي في مواجهة الاحتلال، كما أن العالم أصبح يشهد ما بعد الحزبية، فهي لم تعد الأساس في العمل السياسي، بل أن العمل الشخصي والأفراد هم الذين يقومون بأعمال بعضها أكبر من الأحزاب الموجودة.

ورغم أن هذا الحراك الشعبي يقوده الشبان، إلا أن الاحتلال ما زال يخشى ظهور دور للفصائل، إذ قال أبو عرقوب إن صحيفة هآرتس العبرية كشفت أن هناك مخاوف من نجاح بعض الفصائل في تنظيم نفسها من جديد، وتقوم بتنفيذ هجمات منظمة داخل الضفة الغربية أو حتى في الداخل المحتل، وهو ما يثير مخاوف الأجهزة الاستخبارية ويضعها أمام تحدٍ جديد.

وأشار أبو عرقوب إلى أن تقديرات "الشاباك" تشير إلى أن العمليات الفردية وارتقاء شهداء فلسطينيين قد يدفع التنظيمات وخلايا تابعة لها إلى تنفيذ عمليات، وهذه الهجمات ظهرت من خلال مقالات عديدة نشرتها الصحف العبرية، إذ لم تستبعد أيضا أن يستمر  تنفيذ عمليات خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة إذا ما استمر قتل الفلسطينيين.

أما عن تطور هذه العمليات الفردية، قال المصري إن الشعب الفلسطيني لديه حالة إبداع عالية، معتبرا أن لكل مرحلة ظروفها الخاصة وأصبحنا أمام خيارات جديدة وجيل وأشكال جديدة من النضال، وهو ما يتفق معه جهاد حرب إذ أن التعدد في وسائل المقاومة بما هو متوفر وبالتالي إمكانية الابداع في مثل هذا النوع من العمليات.

حرره: 
د.ز
م.م