هل سينصاع الغرب ثانية لايران

اوباما والغرب

لم يستخدم اوباما العقوبات للضغط على ايران وبدلا من ذلك سارع إلى التعهد بالفيتو لمنعها

بقلم: ابراهام بن تسفي

غدا سيجتمع في ميونخ منتدى الدول الست الكبرى، في ظل الاشارات التي ترسلها واشنطن بأنها قررت الالتزام بالبرنامج الزمني والقيام بجميع الجهود من اجل أن يتم التوقيع على اتفاق الاطار مع ايران قبل نهاية آذار. كل الاشارات تشير إلى استعداد ادارة اوباما للوصول إلى تنازلات بعيدة المدى وأبعد من تلك التي تضمنها الاتفاق المرحلي في تشرين الثاني 2013.

في مركز الاحداث يقوم اقتراح جديد يشكل تراجعا كبيرا عن المطلب الاساس للدول العظمى للوصول في الاتفاق النهائي إلى تقليص هائل في عدد اجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، التي ستبقى لدى ايران. وبدلا من الطلب الاصلي لتقليص عددها من 10 آلاف إلى ألفين فقط، فاننا نشهد على موافقة أمريكية أن تبقي بيد النظام الايراني الجزء الاعظم من اجهزة الطرد المركزي الموجودة لديها. وذلك من خلال ادخال تغييرات في بنية وطريقة عملها، تضمن كما يبدو أن تكون كمية اليورانيوم المخصب التي يمكنها انتاجها أقل كثيرا من الكمية الاصلية.
الحديث هنا يدور عن صيغة مثقبة ومليئة بالفجوات، تستطيع ايران – في كل لحظة معطاة – أن تنفذ التعديلات المطلوبة وأن تصعد بسرعة على خط تخصيب سريع لليورانيوم. في ظل هذه التطورات التي من شأنها – اذا نفذت فعلا – أن تقرب ايران من القنبلة بدلا من ابعادها عنها، يثور السؤال لماذا يظهر الرئيس اوباما حماسة كبيرة للاتفاق، ولماذا تتوق الدولة العظمى المسيطرة (حتى الآن) إلى أن تضع حلفاءها الاوروبيين على سكة التنازلات أحادية الجانب وبعيدة المدى؟ يبدو أنه بالنسبة لاوباما فان الاتفاق مع ايران تحول ليصبح «الهدف الموعود «، الذي يمكنه تسويقه كبرهان على نجاحه – ولو بصورة جزئية – في استقرار الساحة الشرق اوسطية المضطربة والعنيفة.
ازاء نجاحاته القليلة في الساحة الدولية (حتى الاختراق الذي حدث مع كوبا لا يستطيع طمسه)، تحوله إلى عراب اتفاق التسوية مع الممثل المركزي «لمحور الشر» من شأنه أن يضمن – هكذا يأمل البيت الابيض – المكانة التاريخية له كمحارب لا ينثني من اجل السلام، الذي يستحق ويستحق جائزة السلام التي أعطيت له سلفا. ايضا اذا أمكننا فهم الجذور الشخصية لهذا التوق للشهرة، التي ستعتم على قناع طويل من الفشل والتقصير، يصعب التسليم مع التعبيرات الاستراتيجية والتكتيكية معا.
هكذا مثلا ليس مفهوما لماذا خرج اوباما في خطابه عن وضع الأمة، بهجوم لاذع على الكونغرس على خلفية نيته اصدار قانون عقوبات جديد، الذي أعد للتوضيح وللاشارة لايران على الخطوط الحمراء التي لن يوافق الجمهور الأمريكي على اجتيازها في أي اتفاق مستقبلي. على الاقل من ناحية تكتيكية من الواضح أن قانونا من هذا القبيل كان من شأنه أن يعطي للرئيس ذخيرة اضافية خلال المفاوضات، كما كان بامكانه أن يثبت لايران حقيقة أن مجال التنازلات الذي بامكانه تقديمها محدودا، وأن الجبهة الداخلية الأمريكية تشكل قوة كبيرة تؤثر على هامش مناوراته. على فرض أنه يوجد للايرانيين مصلحة كبيرة في اتفاق تحت حكم اوباما وفي فترة ولايته، كان هناك مكان لاعطاء دعم هاديء لمبادرة العقوبات كرافعة ضغط اضافية بدلا من الاسراع والتعهد بأن يضع عليها الفيتو.
على كل حال، مرة اخرى (كما في «ازمة الكيماوي» مع سوريا) كان الرئيس هو الذي يضعف أولا وأثبتت للجميع أنه من ناحيته لا توجد خطوط حمراء أو اضواء حمراء عندما يتم الحديث عن ايران.

اسرائيل اليوم

 

حرره: 
م.م