الاعتراف رهينة التنسيق الأمني

الرئيس محمود عباس

يعرف عباس أنه يحتاج إلى التعاون مع اسرائيل لضمان تأييد الامم المتحدة لدولته المستقبلية

بقلم: تسفي بارئيل

لمواصلة التعاون الأمني أو لتجميده – هذه هي المعضلة الصعبة التي تشغل بال القيادة الفلسطينية في اليومين الاخيرين، وهذا ايضا هو السبب الذي يجعل القرار في هذا الموضوع يتلبث. ففي جلسة الحكومة الفلسطينية التي عقدت يوم الاربعاء في اعقاب وفاة الوزير زياد أبو عين، أوضح عباس بان المقاومة الشعبية ستبقى بكل الوسائل، ولكنه امتنع عن ذكر الخطوات العملية التي ستتخذها السلطة.
جلسة اخرى عقدت أمس سارت على خلفية المحادثات التي عقدها عباس مع عبدلله ملك الاردن، وبعد مكالمات هاتفية مع مسؤولين في واشنطن طالبوه بالامتناع عن تجميد التعاون الأمني. والى هذا انضم اغلب الظن ايضا الضغط المصري كاستمرار لزيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الى عمان، والذي أيد هذا التعاون.
من الجهة الاخرى، يجد عباس صعوبة في تجاهل الضغط الجماهيري الذي يدعو الى قطع العلاقات مع اسرائيل، الضغط الذي يشارك فيه مسؤولون كبار في القيادة الفلسطينية مثل جبريل الرجوب ومصطفى البرغوثي. ولا تنقطع هذه المعضلة عن الخطوات السياسية التي يسعى عباس الى المبادرة اليها وعلى رأسها التوجه الى الامم المتحدة لتحديد موعد لانهاء الاحتلال.
لقد ألمح عباس بذلك حين قال ان الرد الفلسطيني على موت – مقتل، على حد تعبير عباس – أبو عين، يجب أن يدرس بعناية شديدة، وانه يجب الاخذ بالحسبان الاثار الاوسع التي ستكون لهذا القرار. صائب عريقات، المسؤول عن المفاوضات مع اسرائيل، قال هذا الاسبوع، قبل موت أبو عين، انه اذا ردت الامم المتحدة طلب تحديد موعد لانهاء الاحتلال، «ففي نفس اليوم ستنضم فلسطين الى ميثاق روما والى محكمة الجنايات الدولية». بمعنى ان الانضمام الى المحكمة هو العصا التي يلوح بها عباس ضد الرفض الدولي للطلب الفلسطيني.
وبالتالي، فانه يسعى الى الابقاء على هذه الاداة للخطوة الاستراتيجية الاهم والا يستخدمها كرد على موت الوزير. ولكن، لاقناع الامم المتحدة وعدم الوقوع في مطب مساعدة اسرائيل والولايات المتحدة، اللتين تعارضان الخطوة، فان عباس ملزم بان يظهر استعداده لان يكون جارا مسؤولا، بمعنى، ان يواصل التعاون الأمني الذي يشكل اساسا جوهريا في علاقات السلطة مع اسرائيل. وبدونه سيجد صعوبة في أن يقنع ليس فقط الولايات المتحدة بل وايضا الدول الاوروبية للانضمام الى حملة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والتي بدأت منذ الان.
ليس واضحا كيف سترد واشنطن على المبادرة الفلسطينية. فامكانياتها تتراوح بين استخدام الفيتو وتبني الصيغة الرقيقة التي تقترحها فرنسا.
وحسب مصادر امريكية، تفهم واشنطن بانه لم يعد يمكنها أن ترفض بشكل مطلق الطلب الفلسطيني، اذا كانت ترغب في الحفاظ على التحالف العربي الذي يعمل الى جانبها ضد داعش. والحفاظ على التحالف هو ايضا الفرصة التي تخدم الان عباس، ولكن تجميد التعاون الأمني من شأنه أن يقلل بشكل كبير الوزن السياسي لهذه الورقة، ولا سيما على خلفية اتهامات اسرائيل في أن عباس يحرض ويشكل مصدر الهام للعمليات الإرهابية في افضل الاحوال، او بنفسه إرهابي في اسوأ الاحوال.
تعرض واشنطن وحلفاؤها التنسيق الأمني المتين كدليل على ان عباس ليس فقط ليس إرهابيا، بل انه جزء لا يتجزأ من الحزام الدفاعي لاسرائيل. ومن هنا ينبع تقدير النشطاء الفلسطينيين في أن عباس سيمتنع عن تجميد التنسيق وسيجد سبلا اخرى لتهدئة الجمهور وزملائه في القيادة الفلسطينية.
يفترض بعباس وحكومته أن يواصلا البحث في الموضوع غدا ايضا لايجاد صيغة خروج من المعضلة. ومع ذلك، قال أمس رجل فتح، عضو في المجلس الثوري لـ «هآرتس» أمس: «ليس المنطق السياسي هو الذي يملي الخطى دوما. يكفي أن يقع غدا حدث مشابه كي يقلب المنطق رأسا على عقب. فلولا مقتل أبو عين لما كانت طرحت على الاطلاق مسألة التنسيق الأمني».

هآرتس

تسفي بارئيل

حرره: 
م.م