سوريا والزاوية الإسرائيلية

الجيش الحر

اليكس فيشمان

لخمس سنوات وإسرائيل تجلس على الجدار حيال ما يجري في سوريا، تستمتع بوضع السير مع والشعور بدون: لا تتدخل بيد فظة، ولكن تهتم وتنبش قليلا، ولا سيما في ما يجري على حدود الجولان.

هذا آخذ في الانتهاء. ليس بعيدا اليوم الذي ستضطر فيه إسرائيل إلى النزول عن الجدار واسماع موقف علني وواضح في المسألة السورية. ومن ناحيتها فان المسألة السورية ليس فقط من يجلس في دمشق بل ـ وبالاساس ـ من يجلس في هضبة الجولان، من هي القوات التي ستنتشر هناك، في أي ظروف، تحت أي اتفاقات وماذا سيكون تأثير إيران وحزب الله في هذه الجبهة.
عيون العالم تتجه الان نحو المعارك التي يخوضها الجيش السوري، بمساعدة روسية، حول مدينة حلب. فللمعركة في هذه الجبهة سيكون تأثير حاسم على وضع الثوار وعلى مصير نظام الاسد.
ناهيك عن أن القتال في حلب يخلق كتلة اخرى من اللاجئين الفارين إلى اوروبا. لقد تحدث الاسد في نهاية الاسبوع عن استمرار القتال، رغم الاعلانات عن بدء محادثات مع الثوار ووقف للنار، إذ أنه يوجد في حالة زخم في مركزها محاولة استعادة الحكم في المدن الاربعة الكبرى: دمشق، حلب، حماة وحمص. عودته إلى المدن الكبرى ستعيد له السيطرة على سوريا كدولة.
إلى جانب الجبهة الاساس في حلب ـ ادلب في شمال سوريا، يجري جهد ثانوي، سوري ـ روسي في جنوب سوريا. فالجيش السوري يقترب الان من مدينة درعا، ويهدد بمحاصرتها. اما من ناحية إسرائيل فان هذا الجهد الثانوي هو القلق الاساس. فدرعا باتت عندنا، في الساحة الخلفية.
مدينة درعا هي أحد الرموز لاندلاع الحرب الاهلية في سوريا. يوم الجمعة، 18 اذار 2011، نشبت هناك اضطرابات بعد الصلاة في المساجد، بحجم وقوة لم يشهد لهما مثيل في سوريا حتى ذلك الحين. فأحد لم يتصور في حينه بان الحدث العنيف المحلي سينتشر ليصبح حربا اهلية مضرجة بالدماء، بعد مرور خمس سنوات ستقطف حياة نحو نصف مليون انسان، وتجعل ثلث سكان سوريا لاجئين وتدمر الدولة السورية حتى الاساس. إذا عاد الجيش السوري إلى درعا فستكون هذه هزة أرضية، الحجر الحاسم في الدومينو الذي سيسقط الواحد تلو الاخر معاقل الثوار الذين يسيطرون اليوم على معظم هضبة الجولان.
يستهدف الجهد السوري ـ الروسي في جنوب سوريا السيطرة على محور دمشق ـ درعا. الجيش السوري، بمساعدة ميليشيات شيعية وميليشيات شعبية سوريا (الشبيحة)، نجح في ان يحتل حتى الان بلدتين اساسيتين على المحور: الشيخ مسكين وعثمان. وبالتوازي، سيطر الجيش السوري مجددا على احدى القواعد المركزية في المنطقة، والتي كانت تعود للواء 82 السوري والتي مكث فيها الثوار حتى الان. إذا سقطت درعا في ايدي الجيش السوري، فان كل الفكر السياسي الإسرائيلي في سوريا سيكون تحت الاختبار.
بين إسرائيل وروسيا يوجد تفاهم حول العمل العسكري للدولتين في هذه الساحة، وهدفه منع الصدام جراء الاخطاء. واذا لم يكن لإسرائيل وروسيا، منذ الان، تفاهمات حول مستقبل هضبة الجولان بعد أن يستقر الوضع في سوريا فان السياسة الإسرائيلية تساوي في قيمتها قيمة قشرة الثوم.
اذا لم تكن إسرائيل والولايات المتحدة منسقتين في الموقف الذي ستعرضه الولايات المتحدة في محادثات المصالحة في المسالة السورية، ولا سيما بالنسبة للشروط العسكرية التي ستسود في هضبة الجولان السورية، فهذا ليس مجرد قصورا سياسيا ـ بل دعوة لمواجهة مسلحة. فالامين العام لحزب الله والإيرانيون لا يخفون نيتهم لتوسيع الجبهة حيال إسرائيل: من البحر المتوسط وحتى جنوب هضبة الجولان. لقد هاجمت إسرائيل حتى اليوم كل محاولة من إيران وحزب الله للسيطرة في هضبة الجولان وأخذت عن وعي مخاطرة التدهور إلى مواجهة شاملة في جبهة لبنان.
معقول الافتراض بان في قلب المحادثات التي اجراها وزير الدفاع يعلون مع الملك الاردني عبدالله في المانيا الاسبوع الماضي كانت مسألة مثلث الحدود ومنطقة درعا. فسواء إسرائيل أم الاردن ينظران إلى جبهة جنوب الجولان بقلق متعاظم.
اذا لم يكن لإسرائيل تفاهما مع القوى العظمى حول الجولان، فلا يوجد سبب يمنع إلا يصل في اعقاب الجيش السوري إلى هذه الجبهة رجال حزب الله والإيرانيون. تماما مثلما يوجد سبب يبقي اتفاقات الهدنة وفصل القوات التي سادت في الحدود السورية حتى اندلاع الحرب الاهلية على حالها كما كانت في الماضي.يديعوت

 

حرره: 
م.م