حماس بين فكي محوري الشيعة والسنة!

حماس

سناء كمال، زاهر الغول 

(خاص) زمن برس، فلسطين: "وقت عصيب"  الذي تمر فيه حركة حماس في هذه المرحلة، خاصة في ظل النقاشات المتداولة داخليا بين عناصرها وقادتها بالانضمام والتحالف لأحد المحورين "السني" بزعامة المملكة السعودية التي غيرت من سياستها بشأن الإخوان المسلمين والتي تعتبر حماس امتداداً لها، والمحور "الشيعي" الذي تقوده إيران في ظل توسعها بالشرق الأوسط بشكل كبير.

ومما لا شك فيه أن خيار حماس ما بين المحورين صعب للغاية خاصة وأن أحلاهما "مر بالنسبة لها"، في ظل التغيرات الاقليمية التي عصفت بالمنطقة بالفترة الأخيرة وانقلابات السياسات الخارجية التي قادتها السعودية بغية "تحجيم التغول الإيراني في الشرق الأوسط" كما يقول محللون سياسيون.

قادة حماس يحاولون مسك العصا من منتصفها، ويفضلون الصمت على التعقيب عما يجري حاليا، خاصة وأن كل كلمة ستكون محسوبة عليهم في هذه المرحلة الحساسة، مفضلين استخدام النفي في بعض المواضيع كما حدث أخيرا من مكتب رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل بشأن وساطة حماس بين السعودية واليمن.

مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر، يرى أن وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز وتولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم، هو ما خلق هذا التحول في السياسة الخارجية للسعودية، من الاسلام السياسي وخاصة المعتدل منه، مشيراً إلى شعورهم الكبير بالتغول الإيراني في المنطقة بسبب سيطرة ايران على بغداد و دمشق وبيروت وصنعاء، إضافة إلى نفوذ ايراني في غزة، على حد تعبيره.

ويضيف:"هذا ما دفع السعوديون إلى تعزيز  موقعهم السني في مواجهة الشيعة، وغيرت من نظرتهم العدائية لحركة الاخوان المسلمين في مصر وحماس في غزة، إلى استجلابهم لموقع الأصدقاء لطمث التمدد الشيعي في المنطقة، وهذا ما يفسر  التقارب السعودي الواضح مع حماس".

وتعاني حركة حماس من أزمة مالية خانقة جمدت اقتصادها في قطاع غزة، وحاصرتها بشكل كبير وهو ما جعلها تستعيد جزء من علاقاتها مع إيران في سبيل دعمها مالياً لتستطيع مواجهة إسرائيل، وذلك بعد قطيعة استمرت سنوات عقب تخلي الحركة عن الحليف الأقوى لإيران، الرئيس السوري بشار الأسد.

هذه المعطيات صَعبت على أبو سعدة التكهن إلى مسار ستتجه حماس في المرحلة المقبلة، فهي كما يقول المثل "رجل تقدم ورجل تؤخر"، حيث أنها في كلا الحالتين ستتأذى سياسياً، حسب وصفه، إلا أنه يرى أن حماس لديها المتشددون أمثال القيادي محمود الزهار والذي يدعو للتوجه إلى إيران والمعتدلين أمثال خالد مشعل وموسى أبو مرزوق للتوجه إلى البعد العربي الاسلامي السني المتمثل بالسعودية.

قراءة الوضع الداخلي لحماس ليس بالأمر الهين إذا ما ارتبطت بالمصالح، خاصة وأن " قيادة حماس العسكرية بعد استشهاد أحمد الجعبري لا تربطها علاقات قوية مع إيران، وقد يكون الآن عناصر حماس المتوجهة للخط السلمي أكثر من المعارضين المتشددين" يقول أبو سعدة.

لكن الكاتب والباحث في الإسلام السياسي محمد حجازي يرجح أن يكون توجه حماس إلى المحور الإيراني، خاصة وأن كتائب القسام هي صاحبة القرار فيها على اعتبار أنها حليف استراتيجي لإيران التي تمدها بالمال  والسلاح لمواجهة إسرائيل، حتى وإن كانت تعاني من أزمة مالية.

ويقول حجازي لزمن برس:" الطرف المدني في حماس هو الذي يعاني من الأزمة المالية خاصة المنتمون إلى حكومة حماس، لكن حماس ما زالت تجبي الضرائب في غزة وتستطيع أن تصرف على نفسها بالحد الأدنى من خلال الضرائب"، مشدداً على "أن العسكر في حماس لن يتخلوا عن حليفهم الاستراتيجي".

وأرجع حجازي ذلك إلى أن"  انتقال حماس إلى المربع السني لن يكون بالهين عليها خاصة وأن السعودية لن تقدم المال لحماس لشراء الأسلحة بل ستقدم لها الدعم لشراء سكوتها وهو ما لن يتوافق مع القسام.

"إضافة إلى أنه سيتطلب استحقاقات سياسية عليها أن تدفعها" يضيف حجازي لزمن برس، ويتابع :" أولى هذه الاستحقاقات عليها أن تقطع علاقتها مع إيران وتعيد حساباتها على الساحة الفلسطينية في سبيل تحقيق المصالحة الفلسطينية، من خلال مبادرة ستعرض عليها".

وينوه حجازي إلى أن الأمرين ليسا بالهينين على حماس ففي حال تخليها عن إيران سيضعف ذلك مصداقيتها بشكل كبير، وبخصوص المصالحة لن تقدم عليها حاليا في ظل التدخل القطري لتمكين قوتها في غزة من خلال توافقها مع إيران لإعادة إعمار غزة وتسليم النقود إلى حماس مباشرة بعيداً عن الأونروا والمؤسسات الدولية" يستطرد حجازي.

وحسب حجازي فإن"  هذا ما يجعل حماس بطيئة في تحولها في الوقت الراهن، إضافة إلى أن توجهها إلى السعودية يخلو من القيمة السياسية الكبرى التي تسعى لها حماس في هذا المحور السني"، منوها إلى أن حماس تفكر بعدة خيارات فالطريق لن تكون مفروشة بالورود لها في ظل عدم ثقة السعودية و بعض الدول الاقليمية بها.

وبالعودة إلى أبو سعدة فهو يستبعد أن تقدم السعودية على مبادرة مصالحة فلسطينية جديدة، لسببين،  الأول أنها جربت المصالحة الفلسطينية خلال مبادرتها التي وقعت عليها كل من فتح وحماس في مكة عام 2007 وفشلت بعد ثلاثة شهور فقط، والثاني أن ملف المصالحة يعتبر من ملفات مصر وهي صاحبة النفوذ في الملف الفلسطيني لذلك لا يمكن للسعودية أن تطلق مبادرة مصالحة فلسطينية جديدة" يقول أبو سعدة.

حرره: 
م.م