أمريكا لا تهتم

الولايات المتحدة

واشنطن فقدت اهتمامها بالشرق الأوسطلأنها أصبحت مصدرة وليست مستوردة للطاقة

بقلم: عوديد طيرا

حتى السنوات الاخيرة استوردت الولايات المتحدة 25 بالمئة من صادرات النفط العالمية. اعتمادها على النفط السعودي والكويتي ودول اخرى كان كبيرا. الآن الولايات المتحدة ستتحول إلى مصدرة للطاقة وخصوصا للغاز الطبيعي الموجود لديها بكميات هائلة. طورت الولايات المتحدة خلال العقد الاخير اساليب جديدة للتنقيب عن مصادر الطاقة التي وضعت تحت تصرفها غازا طبيعيا رخيصا وبكميات كبيرة. الآن هي تبحث عن اسواق جديدة لتصدير النفط والغاز وهدفها لا يتجه إلى منطقتنا الغنية بمصادر الطاقة. الدليل على ذلك أنه ليس للولايات المتحدة اهتمام بالشرق الاوسط كمستهلك للغاز وللمنتوجات الاخرى نظرا لأن الشرق الاوسط يتمتع بقوة شرائية منخفضة. يوجد للولايات المتحدة اهتمام للتجارة مع الشرق الاقصى وربما مع اوروبا. يمكن أن الولايات المتحدة ترى في قناة السويس عاملا استراتيجيا حيويا، لكن حسب رأيي القناة مهمة الآن أكثر لاوروبا.

موضوع النفط هو مثال واحد لمكان لم يعد فيه للولايات المتحدة اهتمام باسرائيل، وهناك امثلة اخرى كثيرة. الذخر الاساسي لاسرائيل هو التكنولوجيا، للولايات المتحدة توجد تكنولوجيا ولكنها دائما كانت تشتري التكنولوجيا من اسرائيل بواسطة شراء الشركات الاسرائيلية التي قامت بالاختراع من قبل الشركات الامريكية ابتداء من الشركات الصغيرة وانتهاء بالشركات الاكثر نضوجا، كما كانت هناك عملية تبادل للمعرفة بين الجيوش. رغم ذلك يمكن الافتراض أن الولايات المتحدة يمكنها تدبر أمرها من غيرنا.
من يحتاجون التكنولوجيا هم في الاساس الدول الاوروبية والصين وروسيا. الصين تحتاجها لكنها معروفة أيضا كـ «سارقة» للتكنولوجيا وهي لا تحترم حقوق الملكية الفكرية. اوروبا تحتاجها من اجل النمو الاقتصادي الذي يمكنه أن يشكل بديلا للهجرة اليها، لكنها آخذة في التأسلم سريعا وقد وصلت إلى نقطة اللاعودة حتى من غير الهجرة الاضافية. أما روسيا فهي ترى في الإسلام المتطرف عدوا مركزيا وهي اليوم تشكل العامل الاستراتيجي الاقوى. في الوقت الذي تنطوي فيه امريكا على نفسها وترتدع عن خوض الصراعات فان روسيا تمضي قدما رغم الازمة الاقتصادية التي تمر بها. امريكا التي ترى في تنظيمات الإسلام السني المتطرفة عدوا يهدد بالخطر بلادها، تعقد الاتفاق مع إيران والشيعة. تقديري هو أنه في أعقاب ذلك فان العلاقات بين إيران الشيعية وروسيا ستضعف، كما أن المصالح الحقيقية بين اسرائيل والولايات المتحدة ستتلاشى. في الحقيقة هناك تضارب مصالح بدأ يظهر منذ الآن الامر الذي يفسر تصرف اوباما وحزبه تجاه نتنياهو.
اذا قررت روسيا أنها ترى في اسرائيل مصلحة مهمة فستكون هي الحليف المناسب. في نفس الوقت علينا أن نتذكر أن روسيا هي الدولة الاولى التي اعترفت باسرائيل والتي زودتها بالسلاح في حرب الاستقلال، في حين أن الولايات المتحدة ترددت وفرضت حظرا على الشرق الاوسط الامر الذي كان معناه المس باسرائيل. من اجل «الانتقال» إلى التحالف مع روسيا تحتاج اسرائيل إلى ولايتين من حكم الديمقراطيين في الولايات المتحدة، وذلك من اجل القيام بانتقال تدريجي من دون العداء الامريكي، ومن دون قطع العلاقات من قبلهم ومن دون فرض الحظر على قطع الغيار والعتاد والوسائل القتالية التي قمنا بشرائها.
بشكل عام يمكن القول: الولايات المتحدة تتجه إلى ترك المنطقة، وليس مهما كم سنكون لطيفين، علينا البحث عن شريك آخر.

معاريف

عوديد طيرا

حرره: 
م.م