مات الملك والسعودية في أوج نفوذها

ملك السعودية

بقلم تسفي برئيل

«حاولت البحث عن طربقة لاوضح من خلالها لسكان إسرائيل ان العرب لا يرفضونهم او انهم يمقتونهم، ولكن العرب يعترضون على اعمال القمع غير الانسانية التي تمارسها قيادتهم ضد الفلسطينيين. واعتقدت ان هذه ستكون رسالة ممكنة للإسرائيليين». هكذا عرف الملك عبد الله عندما كان وليا للعهد المبرر الذي دفع إلى بلورة المبادرة العربية. في عام 2002 صرح بذلك لمراسل الـ «نيويورك تايمز» توم فريدمان، وبعد شهر من ذلك عرض المبادرة في مؤتمر القمة العربية المنعقد في بيروت، والذي كان بمثابة اختراقة تاريخية في السياسات العربية تجاه إسرائيل والتي اصبحت بعد ذلك جزء من الحل السياسي في اي من المفاوضات الفاشلة التي واكبت المسيرة. ومثل قراري 242 و 338 وغيرها من قرارات الامم المتحدة التي بقيت على الورق.

بعد ثلاث سنوات ونصف تم تتويج عبد الله ملكاً على السعودية بعد ان كان لمدة عقد من الزمن قبل ذلك بمثابة الحاكم الفعلي للسعودية بسبب مرض اخيه الملك فهد. وقد انتهى قبل ايام حكم الملك عبد الله بعد عشر سنوات من توليه عرش السعودية في ظل وضع معقد ومركب من الضغوط الداخلية والدولية، حولت السعودية إلى دولة مبادرة ورائدة ابعدت دول مثل العراق وسوريا ومصر عن القيادة العربية للشرق الاوسط.

وتحولت السعودية من دولة تعمل من وراء الكواليس إلى دولة تسير مع الاجماع العربي وكانت السعودية رأس الحربة في النضال ضد منظمات الإرهاب، بعد ان قام مواطنوها بتنفيذ هجمات الـ 11 ايلول 2001، وقادت النضال ضد نظام بشار الاسد واقامت السور الواقي ضد النفوذ الايراني في الشرق الاوسط، ولم تتردد في قطع علاقاتها مع قطر كجزء من نضالها ضد الاخوان المسلمين. وهي تشارك في الحرب ضد داعش، وتحولت من دولة تسرق الخيول مع النظام الامريكي إلى اكبر دولة مصدرة للخيول ولربما الوحيدة في المنطقة.

ولربما تكون هذه هي الورثة التي نقلها الملك عبد الله إلى وريثه سلمان ابن الـ 79 سنة، والذي توج يوم الجمعة ملكاً على السعودية. والذي كان وزير دفاع وعضو مجلس الأمن القومي. وقد تعهد في خطاب العرش ان يتمسك بسياسات الملك عبد الله والتي تتضمن فيما تتضمن كبح ايران، ومواصلة سياسة تصدير النفط التي ادت إلى انخفاض الاسعار وتطوير العلاقة المتينة مع الولايات المتحدة، على الرغم من الخلاف معها في موضوع النووي الايراني والمصالحة مع ايران.

وتتضمن هذه السياسات مواصلة دعم مصر والسلطة الفلسطينية إلى جانب النضال ضد الاخوان المسلمين. وبداخل المملكة سيضطر الملك سلمان إلى تهدئة الاجيال الشابة من الامراء الذين يحاولون منذ زمن زيادة تأثيرهم في الحكم. وان الملك سلمان الذي عانى من حدث دماغي في الماضي، يؤدي مهامه بشكل جزئي. وحسب تقارير اجنبية لم تؤكدها السعودية انه يعاني من شرود دماغي او فركنسون، ولهذا السبب، وعندما كان ولي عهد عين له ولي عهد، الامير مقرن بن عبد العزيز والذي واجه معارضة غير قليلة. ومقرن ابن 69 سنة كان رئيس المخابرات السعودية ومستشار خاص للمك عبد الله وهو المسئول عن ملف سوريا وملف افغانستان وهو الابن الصغير لمؤسس المملكة الملك عبدالعزيز آل سعود ومن هنا فلاحقاً سيضطر المجلس العائلي السعودي أو مجلس الأمناء المقام في عام 2007 الذي مهمتة اقرار تعيين الوارثين ليقرر من الذي سيرث مقرن وماذا سيكون نظام الوراثة. ولكن المملكة ستعيش الان حالة من الهدوء السياسي.

والتقديرات الان هي ان ولي العهد مقرن سيكون الشخصية المسيطرة في ادارة سياسات المملكة السعودية وهو مثل الملك عبد الله سيتطلع إلى الحفاظ على التوازنات والكوابح التي حافظت على استقرار المملكة. وهذه هي المهمة الصعبة والمركبة التي ستضمن مستقبلا اقتصاديا واماكن عمل ملائمة لشباب المملكة ممن يشكلون نصف عدد السكان وتقليص العمالة الاجنبية بشكل كبير. والمناورة بين مطالب الليبراليين السعوديين والسماح بالمزيد من الحرية التعبير للنساء والسماح لهم بقيادة السيارات وزيادة عدد الوظائف التي يسمح لهم القيام بها وبين معتقداته الاصولية الوهابية المحافظة.

لقد نجح الملك عبدالله في تفادي تأثير الثورات في الدول العربية من خلال تخصيص مبالغ كبيرة لتحسين الرواتب وبناء عشرات الاف الشقق لقليلي الدخل، وبعث بالاف الطلاب السعوديين للتعلم في الخارج وحسن حجم المساعدة للفقراء ووجه دعاة الدين إلى صد التطرف الديني. ولكن وعده بمنح النساء حق السواقة لم يتحقق. ولا يمكن للنساء أن يعملن في سلسلة طويلة من الاعمال وحرية التعبير اعتمدت على توجيه البلاط الملكي. وهنا يكمن الفرق الهائل بين صورة السعودية كدولة مؤيدة للغرب وبين الطبيعة الحقيقية للنظام البعيد جدا مما هو دارج رؤيته كقيم غربية. ولكن مقابل مصر التي وبختها الولايات المتحدة كثيرا على السلوك غير الديمقراطي للنظام، فان السعودية التي تشتري السلاح الامريكي بمليارات الدولارات معفية بالطبع من الحاجة إلى شهادة حسن سلوك.

هآرتس

حرره: 
س.ع