بالصور: الطفلة شهد..مرض نادر أظلم حياتها ومستقبلها

شهد

 سناء كمال، زاهر الغول 

(خاص) زمن برس، فلسطين: تعاني الطفلة شهد العفيفي من مرض نادر يصيب جلدها بالتآكل، فتسمى بالطفلة "السمكية" أو "الشمعية"، كما تعيش مع عائلتها في بيتٍ بالإيجار بعد أتت جرافات الاحتلال على مكان سكنهم الاول وقضت عليها تماماً ليتشردوا حينها كما باقي الأسر التي شردت من منازلها في بيت حانون شمال قطاع غزة.

في هذه الأيام بلغت شهد 7 أعوام من عمرها، على الرغم  من أن الأطباء قدروا لها عمرا افتراضيا لن يتجاوز ال24 ساعة فقط، فهي لم تولد طبيعية أو بتشوه خلقي بسيط، وإنما تشوه كامل في جسدها، ولكن الله قدر لها أن تعيش حتى يومنا هذا وتتحدث إلينا وإلى غيرنا، فهي ودودة واجتماعية ولا تحب العزلة عن الناس فتلعب كباقي الأطفال وتطلبهم في حال غيابهم عنها.

"على الرغم من حالتها الصحية التي لا تتحسن منذ ولادتها حتى هذا الوقت، إلا أنها كانت بمثابة المنقذ لنا من الفقر المدقع الذي غرقت فيه عائلة جدها، خاصة بعد عام 2000 عقب الانتفاضة الثانية التي قضت على حياتنا بعد أن جلسنا في المنازل ومنعنا من العمل داخل الأراضي المحتلة" يقول جدها المسن اسماعيل العفيفي (60 عاما)".

وتعتاش العائلة منذ ولادة شهد على المساعدات الإنسانية من أهل الخير إضافة إلى مبلغ مالي تتحصل عليه من وزارة الشؤون الاجتماعية كل ثلاثة شهور بناء على رعايتهم لطفلة _غير طبيعية_، وهو ما ساهم نوعا  ما في مساعدتهم لاستكمال حياتهم.

وعلى الرغم من ذلك إلا أن غصة تعاني منها جدتها أم عماد التي كانت تود لو ترك لها ابنها الذي توفي في أحد الأنفاق التي كانت منتشرة على الحدود الجنوبية لمدينة رفح، بعد  أن ضاقت به سبل الحياة واضطر للعمل فيها، لو كان ترك لها طفلاً سليماً يساعدهم حين يكبر، "لكن قدر الله ونحن راضون به، ونحب شهد كما لو أنها طبيعية تماما، فهي ما تبقى لنا من والدها"، تضيف الجدة.

وتقول أم عماد إنها كانت تخشى أن تذهب ضحية العدوان الأخير على القطاع، فتبقى شهد لوحدها لا تجد أحدا يعتني بها.

وتضيف أم عماد لزمن برس:" وبعد انتهاء الحرب، اضطررنا أن نستأجر منزلاً بملغ باهظ الثمن بالنسبة لنا وهو 750 شيكل، لا نستطيع توفيره شهرياً فزوجي لا يعمل وأبنائي كذلك من قلة الشغل والعمل في غزة".

وحاول أبو عماد أن يسعى عبر الوزارات الحكومية وكذلك وزارة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" لأن يسجل اسمه ضمن المتضررين إلا انهم أخبروه بأن منزله ليس المستهدف وأنه تضرر بصفة الجيرة، لذلك لا يحق له أن يكون ضمن قائمة المتضررين كليا على الرغم من تسجيل الأونروا لمنزله بأنه متضرر بشكل جزئي".

ويقول أبو عماد لزمن برس:" نعم البيت تضرر بسبب قربه من المنزل المستهدف ولكنه تضرر بشكل كامل لأنه هو أصلا غير صالح للسكن".

ويشتكي أبو عماد من سوء تعامل المسؤولين مع حالته، فكلما ذهب إلى أحد المسؤولين ليرفع شكوى ضد تباطؤ الإجراءات بشأن تسجيله ضمن المتضررين يكون ردهم عليه " حل مشكلتك مش عنا روح شوف وين ممكن يساعدوك" على حد تعبيره.

وتعيد إلى ذكراه هذه الطريقة في التعامل مع المسؤولين ذات الطريقة في تعاملهم مع وضع شهد، حين كانت ترغب عائلتها بتحويلها للخارج كي تتلقى علاجا يخفف من وضعها، إلا أن الأطباء "أحبطونا وقالوا لنا مفش الها أي علاج في الخارج، وهي أ سهل شي ممكن يحكوه"، يقول أبو عماد.

ويطالب الوالد، الرئيس محمود عباس ورئيس وزراء الحكومة رامي الحمد الله وأهل الخير وكافة القادرين على مساعدته أن يوفروا له فقط إيجار المنزل، أو أنهم سوف يلقون في الشارع في حال عدم دفعهم للإيجار بشكل شهري، وتراكمت الديون عليهم".

وبالعودة إلى شهد التي هي بحاجة إلى رعاية خاصة بها وحدها، فهي تعاني من تقشر جلدها بشكلٍ مستمر، ولكن في فصل الشتاء يكون وضعها أكثر صعوبة وألماً، خاصة وأن ينجم عن تقشر جلدها جروح لا تدمل بسرعة، بسبب عدم تعرق جسدها وهو ما يحول دون اندمال الجروح بسرعة، مما يجعلها تتألم طوال الوقت ولا تستطيع الحراك في أوقات أخرى، وهو ما يجعل عائلتها تلتزم البيت غالبا وألا يتركوه جميعاً في ذات الوقت، وذلك كي يبقى أحد  منهم في البيت لرعاية شهد، التي غالبا لا تذهب مع جدتها وعماتها إلى زيارات عائلية، كي لا تكون منتقدة بين الأطفال الآخرين، أو يخافون من شكلها.

وتقول جدتها:"كلما كبرت أشعر بحسرة ولا أستطيع أن آخذها بزيارات عائلية حتى لا تكون منتقدة بين أبناء جيلها، إبني راح وكنت آمل أن يترك لي ذكرى جميلة، ولكن ما بقي منه يذكرني بمعاناته وكيف متل، وأشعر بحسرة تخنقني".

ودمعت عيناها للحظة ثم راحت تضيف:" عندما أراها أشعر بالعجز عن مساعدتها"، أجلس بجوارها وابكي بحرقة فكيف سيكون حالها من بعدي؟! وأفكر فيها من كافة النواحي أصعب لحظات في الحرب عندما كنت أشهر أنني قد أموت وأتركها خلفي وحيدة من سيرعاها".

"بدي ألعب مع قاسم" هذه آخر كلمات سمعناها من شهد قبل مغادرتنا منزلها فتخبر جدتها أن تستدعي ابن عمها قاسم الذي في مثل سنها كي يلعبا بالمكعبات البلاستيكية وبصعوبة بالغة تحاول أن تلتقط المكعبات بأطراف أصابعها المضمورة لتبني بيتها المفقود ، فيما تحاول في أحيان أخرى أن تمسك بالقلم لتخط على الدفتر برسومات غير مفهومة".

حرره: 
م.م