في سجون غزة.. العقاب مضاعف

سجون غزة

زاهر الغول

(خاص) زمن برس، فلسطين: أوضاعٌ معيشيةٌ صعبة وإهمالٌ طبي يطفو على سطح معاناة سجناء وموقوفين موزعين على 21 مركز توقيف، وخمسة سجون مركزية في قطاع غزة. وبدا واضحاً في الأشهر الخمسة الأخيرة ما قبل الحرب وحتى  يومنا هذا تزايد عدد السجناء والموقوفين يومياً وبشكل ملحوظ.
وفي ذات السياق فقد ازداد حجم الجريمة في قطاع غزة مثل السرقات والشجارات العائلية وتجار المخدرات، وهو ما يدل على تضخم الجريمة على الرغم من عدم توفر احصائيات بشكل دقيق، كما أفاد مصدر مسؤول في وزارة الداخلية بغزة. موضحاً بأن نسبة الموقوفين على ذمم مالية 30% من مجموع الموقوفين داخل النظارات التابعة لمراكز الشرطة.
تزايد أعداد الموقوفين يومياً كان سبباً رئيساً في تفاقم المعاناة داخل سجون القطاع والتي اختلفت أشكالها وألوانها، وجميعها تعلق على (شماعة) عدم صرف موازنة لإدارة السجون من قبل حكومة التوافق الوطني، والتي أدت إلى نقص حاد في مواد التنظيف بشكل ملحوظ، وعلى أثرها انتشرت الأوبئة والأمراض وأبرزها، الجرب والسعال والنزلات المعوية وكذلك الإنفلونزا الشديدة. كما يقول عمر عوض مدير العلاقات العامة والإعلام لإدارة السجون.
ويوضح عوض الكارثة الإنسانية التي تعيشها سجون غزة قائلاً "السجون غير مهيأة لحياة النزلاء، هم مذنبون ويتلقون عقابهم، ولكن يجب ان تكون السجون مهيأة وفق القوانين والمعايير المتفق عليها دولياً، فلا فراش ملائم ولا طعام كافي، ولا كهرباء ولا ماء، هذا وغيره يجعل السجون بيئة غير مهيأة لاستقبال النزلاء داخلها، ما من شأنه تعيرض النزلاء لكارثة حقيقية تتبعها مسؤولية كبيرة تقع على عاتق إدارة السجون والنظارات".
ويقول (ز. غ) وهو مفتش سابق للنظارات في غزة، إن من ضمن المهمات المكلف بها، جولة طبية أسبوعية كانت تضم طبيب متخصص لمتابعة المرضى ولم تكن بشكل منتظم، والغريب في الأمر ان نوع الدواء الذي يتم صرفه للمرضى هو نوع موحد لجميع الأمراض (حبة ديكلوفين مسكن) لمن يعاني من السعال والنزلة المعوية والآلام بشكل عام، كانت تصرف للنزيل وفي حال تبين نتيجة فحص الطبيب لمرض عضال او ما شابه يكتب له وصفة طبية واسم علاج ليعطيه لذويه ليقوموا بشرائه له، ومن لم يستطع أهله فله الله.
وأوضح أن مشكلة انقطاع مياه الاستخدام العادية هي أزمة شبه يومية، تعاني منها كافة النظارات في غزة والسبب انقطاع التيار الكهربائي، في ظل انعدام وجود مولدات خاصة للنظارات ومراكز التوقيف يزيد من الأزمة. مشيراً الى قلة الفراش والأغطية مع دخول فصل الشتاء ونزول البرد، وهو أمر من شأنه رفع عدد حالات الإنفلونزا نظراً لضيق المكان، وما يصاحبه من أمراض أخرى مثل النزلات المعوية وغيرها.
وتضطر إدارة السجون إلى السماح لأهالي النزلاء بإحضار الطعام لأبنائهم، وهو ما يكون فرصة لإدخال البعض الممنوعات عبر الطعام، ويوضح (ز.غ) لزمن برس" بعض العائلات تدخل الممنوعات والمخدرات من خلال الطعام، كما حدث مع زوجة سجين حشت الملفوف حشيش بدلاً من الأرز، وأخرى دست حبوب الترامادول في نعل الحذاء الذي أرسلته"، موضحاً" أن ذلك يزيد من مجهودهم في التفتيش وهو ما يرهقهم بشكل كبير خاصة أنه في حال انقطاع التيار الكهربائي قد يحول دون التفتيش السليم".
وبالعودة لعوض فقد اشتكى من عدم توفر غاز الطهي وهو ما يضطرهم للطهي على الحطب الموقد، فيبعث بالدخان السام للعنابر ويجعل المصابين بالأزمة عرضة لدخول المستشفيات للعلاج.
وعلى الرغم من أننا في فصل الشتاء إلا أن الحشرات الضارة وفي مقدمتها "الصراصير" تنتشر داخل عنابر المساجين، ناهيك عن الحمام الواحد الذي يستخدمه أكثر من 30 شخصاً في اليوم الواحد، مما يضطرهم أحيانا لصف طابور "لقضاء الحاجة" دون مراعاة وجود كبيرٍ في السن بين النزلاء، مما قد يدفع لنشوب شجارات بينهم، كما يوضع بعضهم في الزنازين الانفرادية.
وأكد الناطق باسم الشرطة في غزة أيمن البطنيجي" أن أعداد الموقوفين في النظارات التي تفوق 1800 موقوف، وهو ما يزيد عن عدد النزلاء في السجون المركزية والتي تقدر ب 1500 نزيل، مشيرا إلى أن بعض النظارات مثل مركز الشجاعية التي لا تتعدى مساحتها( 9x6 م )يقبع داخلها 120-130 نزيل، وكذلك الحال بالنسبة لمركز الشيخ رضوان حيث يوجد فيه 85 نزيلاً، وجميع النزلاء يستخدمون ذات الحمام، وهو أمر يؤدي إلى نقل الأمراض والأوبئة بشكل كبير.
وأضاف البطنيجي أن كل ذلك " ناهيك عن ازدواجية التفكير التي يشعر بها مدير المركز، حيث يصبح في حيرة من أمره، هل هو مدير لمركز توقيف مؤقت أقصاه 48 ساعة، أم هو مدير سجن مركزي، وعليه مسؤوليات وتبعيات مدير سجن من توفير طعام وشراب وفراش وأسرة وأدوية في حالات المرض" .
وقال مفتش السجون لزمن برس إنه" يضطر أحيانا إلى جمع بعض الأدوية من معارفه وبعض العيادات الحكومية ليمنحها للنزلاء داخل النظارة التي قد ينتشر داخلها مرض معين أو اثنين".

ويقول:" هو ذات الدواء نعطيه لكافة النزلاء أيا كان مرضه وعلته، ولكننا أمام مسؤولية أخلاقية ففي حال تغيبت الإدارة عن تحمل مسؤوليتها نكون مضطرين أن نجمع لهم الأدوية لمساعدتهم في العلاج".
وقالت وزارة الداخلية بغزة إنها قامت بخطوة للتخفيف عن السجناء وبالأخص الموقوفين منهم على ذمة قضايا مالية، مبررةً للبعض منهم" أن ما لحق بهم كان سببه حالة الفقر وسوء الأحوال المعيشية نظرا لما يمر به قطاع غزة نتيجة لتبعيات الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، وحجم البطالة المتزايد يوماً بعد يوم مما ترتب عليه عدم استطاعة البعض بسداد ما عليه من التزامات مالية".
وتم تشكيل لجنة منذ أكثر من عام تتكون من وزارة الشؤون الاجتماعية والإدارة العامة للسجون ومختصين اخرين، وتم وضع معايير للمستفيدين من المشروع".
ويشرح علاء البطة رئيس اللجنة الحكومية لكسر الحصار واستقبال الوفود عن المعايير لتلك اللجنة بأن المستفيدين هم أصحاب قضايا تتعلق بعجزهم عن السداد نتيجة الحصار والظروف الاقتصادية المحيطة على أن لا يتجاوز المبلغ المستحق (1000$)، بالإضافة لموافقة الدائن بالتنازل عن جزء من المبلغ المستحق مع إسقاط حقه القانوني والعشائري، ولا يمكن للمدين الاستفادة إلا مرة واحدة".

كما تم التواصل مع وزارة الداخلية في رام الله، إلا أنه لم يكن هناك أي رد إيجابي أو تعاون من أجل الرد على ما الاتهامات التي وجهت لوزارة الداخلية وحكومة التوافق بالتقصير في متابعة شؤون قطاع غزة وبالاخص في موضوع السجون.

حرره: 
م.م