الهدوء أفضل ولكن الصبر الإسرائيلي أقصر

حزب الله

دان مرغليت

من الشمال جاء الشر، كما هو متوقع. لحزب الله توجد مصلحة. فقد فقدَ أغلب الظن اكثر من الف من مقاتليه في المعارك في سوريا حيث وقف الى جانب بشار الاسد الذي فقد شعبيته؛ وهو عدو طبيعي لداعش الذي احتل مكانه في التطرف الديني وحافظ تقريبا على الصمت المطلق في اثناء «الجرف الصامد»، حين ضربت حماس؛ ومؤيدو حسن نصرالله يتوقعون منه شيئا آخر، اكثر عنفا. ولهذا فقد بدأ يستجيب بتواتر اعلى لتوقعات المتطرفين، ولكن بحجوم لا تجره الى حرب لبنان ثالثة. بعد اكثر من ثماني سنوات من تسببه بحرب لبنان الثانية، يجدر بنصرالله نفسه أن يتذكر ما قاله بعدها في أنه لو عرف حجوم الرد الحازم للجيش الاسرائيلي في الضاحية في بيروت، لما كان اختطف ايهود غولدفاسر والداد ريغف الراحلين. يحتمل أن تكون السنوات التي مرت واخفاقاته في ساحات اخرى انسته معنى الاستفزاز لاسرائيل.

في الجيش الاسرائيلي لاحظوا حركة متعاظمة في الشمال. ولم تكن زيارة موشيه بوغي يعلون وبيني غانتس في المنطقة جزء من الجولات العادية، بل بنية الوقوف عن كثب على ما يجري في الساحة. فاصابة الجندي اللبناني يوم الاحد لم تربط بحادثة أمس. فقد توجه للبحث عن مهربين واجتاز بالخطأ الحدود واصيب. ولكنه كانت لحزب الله مصلحة في احداث احتكاك ما، ووجد هذا تعبيره في العبوتين اللتين زرعتا قبل وقت وتم تفعيلهما امس.

تقدر اسرائيل باحتمالية عالية ان ليس لحزب الله مصلحة في فتح جبهة اخرى حيال اسرائيل الان. فهو يقاتل باحباط الى جانب الاسد، ومهمته اثقل من قدرته، ولكن المعارك الاخيرة في الشرق الاوسط – من حرب لبنان في 2006 وعلى طول كل الاشتعال في جبهة غزة – دارت خلافا لتوقعات وتقديرات القادة، على جانبي المتراس على ما يبدو.

نصرالله ليس معنيا، ولكن في تموز قدروا بان اسماعيل هنية ايضا أو خالد مشعل ليسا معنيين باستفزاز مستمر، والنار خرجت عن نطاق السيطرة. ناهيك عن أنه في الشرق الاوسط كلمات «الهدوء يستجاب بالهدوء»، لا تعتبر كاقتراح عملي بروح متنازلة، بل كمؤشر على الضعف ممن يقترحها.

في هذه الظروف من شأن نصرالله ومستشاريه ان يقدروا بان قدرة امتصاص اسرائيل كبيرة جدا، وانه بعد الجرف الصامد ستفعل كل ما في وسعها لمنع اشتعال آخر، وهذه هي دوما حسابات النهاية التي تظهر كحساب مغلوط.

ليس لاسرائيل مصلحة في معركة عسكرية اخرى، ولكن اقل استعدادا لان تحتمل تنقيط صواريخ او عبوات جانبية سيئة الصيت تشبه تلك التي كانت في الايام اياها في الحزام الامني في لبنان، وليس لها خمسين يوما آخر لتصعيد بطيء وتدريجي مثلما لغزة. الهدوء افضل، ولكن الصبر قصير الفتيل. حزب الله – ومعه حكومة لبنان – ملزمان بان يأخذا بالحسبان بان قدرة الامتصاص في بلاد الارز ادنى من قدرة الفلسطينيين في قطاع غزة، وان اسرائيل لن تسمح بفحص اعصابها وصبرها وضبطها لنفسها لزمن طويل. ليس كل تصعيد سيكون بطيئا، اذا ما نشأت، لا سمح الله، حاجة.

 

إسرائيل اليوم