حماس تعلم أنها هُزمت

تدمير غزة

ينظر الجيش الإسرائيلي إلى الدمار في غزة برؤية من انتصر في المعركة

بقلم: يوسي يهوشع

لم يكن من تجول أمس في مكاتب الضباط الكبار من الجيش الاسرائيلي في الكرياه، لم يكن قادرا على ألا يشعر بالاحباط الكبير الذي شوهد على وجوه الجنرالات لا من نتائج الحرب بل لأنهم لا ينجحون في فهم شعور الجمهور بالكآبة واضاعة الفرصة من نتائج عملية الجرف الصامد. وينظر ضباط كبار فيما يحدث الآن في غزة وهم على يقين من أن الجيش الاسرائيلي هزم حماس؛ فلم يكن ذلك تعادلا ولا 1: صفر صغيرا بل هو انتصار.
وقد تكون هذه هي القضية بالضبط، أعني أن النصر العسكري على الارض لم يعد كافيا. فالاعداد: أعداد القتلى والصواريخ والانفاق التي تم تدميرها لا تحكي الحكاية كلها. وقد نجحت حماس في شل الحياة في اسرائيل خمسين يوما جلست بعد أن انتهت الى طاولة المباحثات مع اسرائيل وهي تثير مطالبها جميعا، ولا تستطيع أية صورة استخبارية أن تغير هذا الشعور.
«يجب أن نفهم أنه لم يعد يوجد حسم عسكري. والرغبة في رؤية العدو منهارا توجه رومانسي، والذي يتحدث عن «حسم» لا صلة له بالواقع»، يقول ضابط رفيع المستوى في الجيش الاسرائيلي، ويسأل: «وماذا كان سيحدث لو هزمنا حماس؟ كنا سنحصل على العراق أو الصومال».
ما مبلغ تأثير «الجرف الصامد» في الردع؟ يعتقدون في الجيش الاسرائيلي أن الحكم على ذلك سابق لأوانه. «كان في الايام الستة حسم عسكري مطلق، لكن بدأت حرب الاستنزاف بعد وقت قصير»، يقول الضابط الكبير. «وانتهت حرب لبنان الثانية الى شعور كبير بالكآبة لكننا نعلم اليوم النتائج وأنها أحرزت ردعا كبيرا. وقد تم الحفاظ على الردع في هذه الحال وربما قوي، ومن المؤكد أنه لم يُصب».
يقول كبار قادة حماس بعضهم لبعض إنهم هُزموا، ولو كان الامر معلقا بهم لما بدأوا الحرب. «من يريد العودة الى السادس من تموز؟ أنحن أم هم؟»، يقول ضابط رفيع المستوى آخر متحديا سامعيه. «لو كانوا يستطيعون اعادة العجلة الى الوراء لأعادوها فرحين».
وأسأله: وهل يدرك حزب الله ذلك ايضا؟
«رأى حزب الله ايضا قوة النيران التي استعملها الجيش الاسرائيلي في غزة في الايام الاخيرة. ولم نكن نقصد ذلك لكن الدمار عظيم ومجلجل وهو بمثابة «رب البيت جُن»، وستكون القوة في لبنان أقوى كثيرا. إن الاستعمال الكثيف للقوة يحبط شهوة جهات اخرى. وما زالت لبنان لم تنته من مسار التعمير من الحرب».
إن الشعور في هيئة القيادة العامة هو أن اتخاذ القرارات خلال عملية الجرف الصامد كان جيدا. «أُدير القتال بصورة صحيحة جدا وبتقدير للامور وبفهم مواضع قوتنا والمواضع التي نحن أقل قوة فيها»، يلخص ذلك الضباط الكبير في هيئة القيادة العامة ويزعم أنه «كان يمكن الانجرار وراء دعوات حرب على اختلافها الى داخل المنطقة المزدحمة، لكن لا يتضح لماذا. فقد كان يمكن أن يكون الثمن فظيعا. وهذا هو محيط القتال الأكثر تعقيدا فضلا عن تحدينا الأكبر ألا وهو الحفاظ على صورة الانسان. فقد اتصلنا حتى قبل قصف أبراج فيها 17 طابقا في غزة، بكل عائلة في كل واحد من الطوابق كي نحذر من الهجوم.
«ليس امتحاننا هو القانون الدولي بل قيم الجيش الاسرائيلي، ونحن نطلب من أنفسنا أكثر مما تطلب وثيقة جنيف، ولا يسلك أي جيش في العالم هذا السلوك».
ويقول الضابط الكبير إن صورة حربه ليست الاهداف التي هوجمت بل الاهداف التي لم تتم الموافقة على مهاجمتها خشية اصابة المدنيين.
إن المعركة الآن هي على الرواية التي ستروى بعد الحرب. وكما يدركون في اسرائيل يقولون في حماس بعضهم لبعض إننا صمدنا خمسين يوما للعدو الصهيوني ولاقوى جيش في الشرق الاوسط وأطلقنا النار على أجزاء كبيرة داخل دولة اسرائيل ومنها تل ابيب ومطار بن غوريون وأوقعنا من العدو 70 قتيلا منهم 64 جنديا. وأفرغنا من السكان منطقة كاملة وأثرنا مشكلتنا في برنامج العمل العالمي.
لكن الصورة مختلفة من وجهة نظر الجيش الاسرائيلي، فحماس لم تنجح في تنفيذ عمليات خاصة من الجو والبحر، ولم تُحدث القذائف الصاروخية البعيدة المدى – وهي سلاح المنظمة الاستراتيجي – لم تُحدث خسائر واعترضتها جميعا تقريبا القبة الحديدية ووسائل اخرى. وقُتل أكثر من ألفي شخص في غزة نحو النصف منهم نشطاء ارهاب، وقد تعرف الجيش الاسرائيلي منهم الى الآن أكثر من 600 نشيط من حماس أو من الجهاد الاسلامي.
ويسجلون في شعبة الاستخبارات من الجيش الاسرائيلي وفي «الشباك» ايضا اغتيال كبار قادة المنظمة وفي مقدمة ذلك احباط محمد ضيف الذي لم يتضح هل نجح – والذي لم يعد يؤدي عمله على كل حال على إثره. ودمر الجيش الاسرائيلي الانفاق الهجومية التي بنتها حماس مدة سنين وضرب 5 آلاف كنز لحماس كمنشآت صنع وسائل قتالية وبيوت قادة وغرف عمليات ومنصات اطلاق صواريخ و3 آلاف قذيفة صاروخية واماكن تخزين وأهداف للسلطة.
ويرفض رجال الاستخبارات باليدين كليهما الانتقاد الذي قُذفت به «أمان» والذي يقول إنهم لم يعرفوا معرفة صحيحة قصد حماس في غزة الى الخروج للحرب. «لم يشأ قادة حماس الخروج للحرب في ذلك الوقت ولا مخالِف عن ذلك»، يقول ضابط رفيع المستوى في هيئة القيادة العامة. «إن هذه المعركة من وجهة نظرها فُرضت عليها وجُرت اليها مرغمة. فحماس لم تُرد الحرب وحينما ترى النتائج يتضح لماذا ايضا».
«ما الذي خرجت به حماس من الحرب؟ لا شيء»، يقول ضابط كبير في هيئة القيادة العامة، «فقد حصلوا اليوم على ما كانوا يستطيعون الحصول عليه في اليوم الخامس لكن من غير الضرر والمصابين. وقد طلبت حماس الهدنة وطلبت وقف القتال. وأي شيء يكون الردع إن لم يكن أن يطلب طرف وقف القتال؟».
ويضيف الضابط الكبير قائلا: «ستزن حماس جيدا هل تبادر الى مثل هذه العملية في المستقبل، وهي تدرك أن عندها ألفي قتيل وعشرة آلاف جريح وخمسة آلاف بيت سُويت بالارض وآلاف البيوت الاخرى التي أصيبت بأضرار عارضة. إن الدمار في غزة فظيع والمباني عندهم أهم احيانا من البشر».
ويثور سؤال: لماذا استمر ذلك اذا خمسين يوما. ألم يعدوا بحروب قصيرة في الجيش الاسرائيلي. «هذا صحيح لكن ليس كل شيء متعلقا بالجيش»، يُبين الضابط الكبير. «توجد تحديدات من المستوى السياسي لاهداف العملية لكن سلوك الطرف الثاني أهم من ذلك، فاذا استمر على اطلاق النار بكل ثمن فليس ذلك متعلقا بنا. يمكن أن يُسأل الجيش الاسرائيلي كم تحتاجون من الوقت لعلاج الانفاق أو لاحتلال غزة، وهذا سؤال نعرف أن نجيب عنه، لكن متى يقرر العدو اطلاق آخر قذيفة صاروخية؟ أنا لا أعلم تقدير ذلك».

يديعوت 

 

حرره: 
م.م