نحن وحماس

حماس

بقلم: باروخ ليشم

69 سنة مرت منذ انتهت الحرب العالمية الثانية، ولكن كتبا جديدة عنها تواصل النشر. الكُتّاب، وكذا القراء لا يزالون يحاولون فهم كيف وقع هذا الشر المطلق في اوساط أمة ثقافية. رد مشوق على ذلك يحاول توفيره المؤرخ البريطاني ايان كرشو في كتابه «النهاية» الذي نشر قبل نحو سنتين. ويشرح كرشو لماذا واصل معظم الالمان تأييد النظام النازي حتى في السنة الاخيرة من الحرب، عندما كان واضحا للجميع تقريبا بانهم يوشكون على الهزيمة.
في بحر من الوثائق والشهادات اجتذبت انتباهه شهادة جندي الماني في الاسر: «اذا لم ننتصر، ستكف المانيا عن الوجود. ولهذا سننتصر. الروح ضد المادة. حتى اليوم لم يحصل أن احتلت التكنولوجيا وحدها الروح».
يرى الكثير من الاسرائيليين في حكم حماس في غزة جسما عسكريا دكتاتوريا، يتبنى ابادة شعب آخر لتحقيق اهدافه الايديولوجية. وهم مقتنعون بان سكان غزة ايضا يرون فيه كيانا شريرا لا يوفر حياة المدنيين، بمن فيهم من نساء واطفال، في معركة لا يمكنهم ان ينتصروا فيها عسكريا.
ان من رأى في حملة «الجرف الصامد» معركة على الوعي الفلسطيني قد أخطأ على ما يبدو. فالافتراض بانه يمكن الفصل بين جيش المقاتلين من حماس وبين السكان تنبع على ما يبدو من أمنية لدينا أكثر مما تنبع من الوضع على الارض. والحقيقة هي أن حروب غزة تتكرر، حتى عندما يخيل أنه اعد فيها لضربات عسيرة على الاحتمال. فدافعهم لم يتضرر، والتعاون بين الميليشيات العسكرية والسكان المدنيين هو تعاون كامل. ان حربنا ضد الارهاب الغزي هو في اساسه معركة على وعي الاسرائيليين. نحن أقوى منهم عسكريا واقتصادنا قادر على أن يحتوي صراعا طويلا ضدهم. نقطة ضعفنا هي في صعوبة احتمال خسائر في الجنود وفي موقفنا الانساني من حياة مدنيي العدو. كما يوجد أيضا الجدال السياسي الداخلي فينا: هي ينبغي التصدي للارهاب بوسائل عسكرية فقط أم استخدام وسائل سياسية أيضا.
تعمل منظمة حماس في محاولة لقطع نقاط التماس هذه في الوحدة الاسرائيلية. فهم يطلقون النار على المراكز السكانية المدنية ويحاولون المساس قدر استطاعهم بجنود الجيش العاملين ضدهم. في مرحلة معينة، عندما يشتد الضغط الدولي على اسرائيل ويتعاظم الضيق في أعقاب الارتفاع في عدد الشهداء، ينشأ الاساس للموافقة المشتركة على وقف النار. اليوم، عندما تجرى المحادثات في القاهرة في محاولة للوصول الى ترتيب ما، يمكن محاولة اجمال انجازات الحملة. يوجد فهم بانه ليس هناك حسم عسكري. فهل انتصرنا في المعركة على الوعي؟ لقد درج يعلون على استخدام اصطلاح «كي الوعي» الذي يعني: الاعلام من خلال ضربات النار. والافتراض هو أن القصف الشديد على سكان غزة سيلحق باجسادهم نسبة حرق عالية لدرجة أن يؤثر ايضا على روحهم. اما التاريخ فيثبت بان هذا الامر لا ينجح.
هل نحن مقتنعون باننا انتصرنا؟ حسب المظاهرة التي اجراها سكان غلاف غزة في نهاية الاسبوع في تل أبيب مطالبين باستعادة أمنهم، فانهم لا يعتقدون بان الوضع تغير. بمعنى، انه في المعركة على الوعي حماس بالذات هي التي انتصرت والتغيير يجري عندنا.
في استطلاع أجري قبل نهاية المعركة وافق 53 في المئة من المستطلعين على وجوب استئناف المفاوضات مع ابو مازن، 37 في المئة عارضوا. هذا ليس بعد كي في الوعي، ولكن الاسرائيليين بالتأكيد يشعرون بحُرقة في الحلق من هذه الحرب.

يديعوت 

 

حرره: 
م.م
كلمات دلالية: