لغز "الجاسوس" الذي حَوَّلَ "وقت المرح" إلى مجزرة في خانيونس

خانيونس
سناء كامل
 
(خاص) زمن برس، فلسطين:  "إبراهيم، سليم وحمدي" الصالي، ثلاثة أشقاء ارتقوا في مجزرة ارتكبتها طائرات الاحتلال الإسرائيلية على شاطئ بحر خانيونس جنوب قطاع غزة، في التاسع من شهر يوليو في بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع، انتشل إبراهيم وحمدي وبقي سليم مدفوناً تحت تراب الكافتيريا الخاصة بهم التي كانوا يعملون بها.
 
29 يوماً ظلت عائلة أبو كامل الصالي على أمل أن يكون ابنهم الأوسط سليم حياً، خاصة بعد توالي الأقاويل والأحاديث عن أنه حي يرزق لكنه مختبئ من هول الصدمة في أحد المنازل المجاورة، لكن يوم الخميس الماضي تم انتشال جثمانه عن بعد 8 أمتار تحت الأرض التي قصفت بالمقهى "مصدر رزقهم الوحيد"، والذي بناه الشبان الثلاثة بالمشاركة مع أخيهم الأكبر بأيديهم ليكون من أفضل المقاهي على مستوى شاطئ بحر خانيونس كما يقول أفراد  العائلة.
 
زمن برس زارت منزل العائلة والتقت بوالدته "مروة" (55 عاماً) التي مازالت تعيش هول صدمة فقدان أولادها الثلاثة في يوم واحد، وخاصة ابنها الأصغر حمدي الذي كان يملأ المكان ضحكاً وحياةً، فتقول لزمن برس وعيناها ترغرغان بالدموع:" أنا لا أصدق أنني فقدت أبنائي الثلاثة في يوم واحد، رغم أنني كنت أشعر يومها أن شيئا ما سيحدث لهم لأنني طوال الوقت كنت أشعر بضيق واختناق".
 
وتتابع:" يومياً بعد الإفطار كان يذهب أبوهم وأخوهم الأكبر إليهم ولكن في هذا اليوم بالذات اتصلوا علينا وأخبرونا بألا يذهبا، فالوضع غير مناسب، وفي الوقت نفسه طلبت من أبيهم ألا يذهب وهو أكثر يوم أصريت عليه ألا يذهب، أما إبني الأكبر فحاول أن يذهب ولكن لم يقبل أحد أن يقله، وفي حوالي الساعة العاشرة سمعنا قصفاً شديداً، وفجأة وجدت الناس تتوافد علي بيتي وقتها أطلقت صرخة وقلت أبنائي الثلاثة ماتوا، لكنهم أخبروني بأنهم أصيبوا أما داخليا شعرت بأنني فقدتهم جميعاً".
 
وراحت تنظر إلى صور أبنائها الثلاثة المنصوبة بالغرفة التي كنا نجلس فيها وتشير إلى إبراهيم، وتقول:" يا حبيبي كان نفسك تتزوج، والله كنت راح أخطبلك يوم عيد ميلادك في 5/11 لكن هيك رحت قبل ما تفرح بحالك"، وراحت تضيف:" حسبنا الله ونعم الوكيل على العرب كلهم واليهود وكل واحد تاركنا للإجرام الإسرائيلي وبتفرج علينا".
 
أما والدهم المسن أبو كامل (65 عاماً) فيرغب بالبكاء على فقدانه فلذات كبده لكنه كتمها في قلبه، ويقول:" لم أتصور ولا بأي حال من الأحوال أن يتم استهداف أبنائي ولا حتى استهداف الكافتيريا الخاصة بنا، نحن لا ننتمي لأي أحد من فتح أو حماس أو جهاد إسلامي كل ما نبحث عنه قوت يومنا".
 
وكانت  العائلة تمتلك كافتيريا "وقت المرح" على شاطئ بحر خانيونس، وكان أبنائهم الثلاثة يمتلكون روح المرح فعلاً كما وصفهم الجيران، وهي كانت ممتلئة بالمرح والفرح ، مماً كانوا يدخلون السرور على قلوب زبائنهم الذين غالبا ما كانوا يرتادون المقهى بشكل يومي.
 
"ولكن العملاء هم من قاموا بالتبليغ عن هذه الكافتيريا بالذات" يقول كامل أخ الشهداء لزمن برس،:" تعرف أحد جيراننا على العميل الذي بلغ عن إخوتي، وأخبرنا بأنه عرفه، وكان من المفترض أن يقوم بإبلاغنا باسمه في اليوم التالي، ولكن في الليلة ذاتها تم قصف البيت الذي يقطن فيه الشاب فاستشهد هو وعائلته".
 
وبذلك يبقى لغز استهداف عائلة الصالي، مدفوناَ مع الشهيد ميلاد الأسطل الشاهد الوحيد على اسم العميل الذي كان سبباً في ارتكاب هذه المجزرة التي هزت مدينة خانيونس وأبكت رفاق وأهل وأحباب الشهداء الثلاثة الذين تحولت مدينة مرحهم إلى سراب وكأنه لم يكن موجوداً".
 
 
 
حرره: 
م.م