الجمهور راضٍ عن نتنياهو ولكن

نتنياهو

يؤمن أكثر الإسرائيليين بحسب استطلاع للرأي العام بأن أهداف العملية في غزة أُحرزت بصورة جزئية فقط

يوسي فيرتر

دون أبواق انتصار ودون أوهام زائدة، وبنظر واعٍ الى الواقع، ومع تأييد كاسح لا مثيل له للقادة الثلاثة الكبار الذين أداروا عملية الجرف الصامد – هكذا يوجز الجمهور الاسرائيلي أول ايام الهدنة بين اسرائيل وحماس. وتُبين معطيات استطلاع صحيفة «هآرتس» الذي أُجري أمس الثلاثاء بين الجمهور عامة أن أكثرية ساحقة من المستطلعة آراؤهم لا تؤثر فيهم الرسائل التي اشتملت عليها خطب رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع يعلون ورئيس الاركان بني غانتس ومتحدثيهم.
ولو أنه طُلب الى المستطلعة آراؤهم أن يوجزوا المعركة التي دامت شهرا بكلمة واحدة لاختاروا كلمة «تعادل».
فحص الاستطلاع الذي قامت به شركة «ديالوغ»، باشراف البروفيسور كميل فوكس من جامعة تل ابيب عن مواقف الجمهور من إنهاء العملية – في هذه المرحلة بالطبع.
وقد قال أكثر المستطلعة آراؤهم (51 بالمئة) أنه لا طرف من الطرفين المتحاربين «هزم» عدوه في 29 يوم قتال. وقالت نسبة أعلى من المستطلعة آراؤهم (56 بالمئة) إن أهداف العملية التي نصبها المستوى السياسي (القضاء على أنفاق الارهاب وضرب حماس ضربة قاسية) أحرزها الجيش احرازا جزئيا فقط. ويوجد خطأ احصائي يبلغ 5.2 بالمئة لكل سؤال على حدة.
تشير تلك المعطيات بقدر كبير الى علامات نضج وفهم للواقع لدى العينة الممثلة في استطلاع الرأي. وقد جرب الاسرائيليون «عمليات» ومعارك مع منظمات ارهابية: حزب الله في الشمال، وحماس والجهاد الاسلامي في غزة. وهم يعلمون أنه في نهاية كل عملية ونهاية كل حرب توجد بذرة نشوب الجولة التالية. وهم يعلمون أنه لا توجد انتصارات كبيرة ولا هزائم لاذعة بل احراز لأهداف محدودة تثبت لامتحان النتيجة القاسي في الشهور والسنوات التالية في أحسن الحالات.
وقد عبر عن ذلك النضج ايضا سؤال فحص عن موقف الجمهور من تجديد التفاوض مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والحاجة الى أن «تُقويه» حكومة اسرائيل. إن أكثرية واضحة تؤيد ذلك اليوم وهو ما يبرهن مرة اخرى على أن كل شيء نسبي، فقد كان عباس هو الشيطان قبل شهرين. وحلت حماس محله الآن وأصبح الآن فجأة مُضاءً بضوء ساطع.
يجب أن نذكر أنه ندد قبل شهر ونصف باللغة العربية بحضرة وزراء خارجية الجامعة العربية، باختطاف الفتيان الثلاثة وهو شيء زاد في تقدير الجمهور الاسرائيلي له. وينبغي أن نفرض أن الاسرائيليين يُجلّون حقيقة الحفاظ على الهدوء في الضفة الغربية على نحو عام مدة ايام القتال في الجنوب.
على خلفية هذا الشعور السيء خاصة تبدو معطيات الرضى عن نتنياهو ويعلون وغانتس في هذا الوقت والشعب الذي يسكن صهيون يدرك ما هي الصورة الحقيقية، تبدو نادرة.
إن 83 بالمئة من الرضى عن غانتس ليست مفاجئة فهو في نظر الشعب القائد الوحيد لا كما يعتقد عدد من الوزراء زعموا مؤخرا أن رئيس الاركان لم يُظهر الروح القتالية وكل ما أراده هو «العودة الى الوطن بسلام». أما نتنياهو ويعلون فيتمتعان برضى عنهما بنسبة 77 بالمئة. ويوجد هنا تناقض في ظاهر الامر، لأنه اذا لم تكن العملية مُحمسة كثيرا في نظر أكثر المستطلعة آراؤهم فلماذا يحظى الثلاثة الذين أداروها بنسبة تأييد ساحقة كهذه؟.
يوجد تفسيران ممكنان لذلك: 1. إن نتنياهو ويعلون والساسة في المجموعة يحصلون بصورة آلية على دعم من معسكر الوسط – اليسار، الذي أراد إنهاء المعركة، ولم يتحمس لأفكار مضللة كاحتلال غزة أو «اسقاط» حماس. ويحصلون على ما بقي من التأييد من ناخبي معسكرهم، اليمين، الذي أفرحته الضربة القاسية التي تلقاها الغزيون، ويرى نتنياهو ويعلون، قائديه، وهو غير معني بنزع ثقته عنهما. 2. اذا تجدد اطلاق النار في الاسابيع أو في الاشهر القريبة وتبين أن اسرائيل أُذلّت بأخرة فستصبح المعطيات الشخصية أشبه بتلك التي تتناول العملية نفسها، أي أن الجمهور ينتظر أن يرى كيف ستتطور الامور وماذا سيحدث على الارض. وهو في خلال ذلك يعبر عن ثقة شاملة بقيادتيه السياسية والامنية.
تُلح علينا المقارنة باهود اولمرت بعد انتهاء حرب لبنان الثانية، فقد اتُهم آنذاك بالسرعة، وبتقدير للامور غير مناسب وبالتسرع. وخسر سريعا كل معسكر الوسط – اليسار واليمين ايضا بالطبع. ويحظى نتنياهو الذي عمل في الحاصل العام بتقدير للامور وبدا أنه يدير الامور ببرود أعصاب ودون أن تستهويه الحماقات، يحظى بتقدير من المعسكرين.

هآرتس

 

حرره: 
م.م