هل عباس وسيط أم طرف في اتفاق؟

محمود عباس

لتحقيق وقف إطلاق النار على اسرائيل أن توافق على أن يكون أبومازن ضمن تفاهماته
 

بقلم: تسفي برئيل

بدأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد مكالمات هاتفية أجراها مع رئيس مصر ورئيس وزراء تركيا ومع حاكم قطر، يعمل مثل رئيس للفلسطينيين جميعا ويجرب قدرته على الوساطة. وقد زار مصر أمس لمحادثات طويلة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي ورؤساء الاستخبارات المصرية المسؤولين عن «الملف الفلسطيني».
لم يكتف عباس بالمكالمة الهاتفية التي أجراها مع السيسي، بل جهد ليأتي بنفسه الى القاهرة للفحص عن امكانية صياغة جديدة للاقتراح المصري لوقف اطلاق النار. ويفترض أن يبقى في القاهرة الى يوم الجمعة وأن يلقى رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل ومسؤول المنظمة الكبير موسى أبو مرزوق. وقال مصدر مصري لصحيفة «هآرتس» إن الاقتراح المصري تم بحثه مع اسرائيل وعباس قبل أن يعرض على حماس لا بسبب التوتر بين مصر وحماس بل لأن التصور المصري هو أنه بعد المصالحة بين فتح وحماس وانشاء حكومة الوحدة، صارت مصر ترى عباس عنوانا رئيسا وإن لم يكن الوحيد، وستساعده في كل جهود الوساطة.
لكن عباس سيضطر الى احراز انجازات حقيقية – من مصر ومن دول اخرى (اسرائيل خاصة) – كي يستطيع اقناع حماس بوقف اطلاق النار. وتستطيع مصر على سبيل المثال أن تلتزم لعباس بفتح معبر رفح بشرط أن يعمل في المعبر مراقبون من قبل السلطة (من المؤكد أن يشملوا ممثلين من حماس ايضا). وهناك طلب مهم آخر لحماس هو ضمانات دولية للوفاء باتفاق وقف اطلاق النار وهو طلب موجه في الاساس الى الجانب الاسرائيلي. ليس من الواضح ما هو جوهر هذه الضمانات وما هي الدول التي يطلب اليها إعطاؤها. ويُشك في أن تستطيع حماس أن تطلب الى الامم المتحدة أن تتبنى اتفاق وقف اطلاق النار بل أن تعرض ضماناتها كما حدث في اتفاق وقف اطلاق النار بين اسرائيل ولبنان بعد حرب لبنان الثانية. لكن عباس الذي يمثل دولة معترفا بها (وإن لم تكن عضوا) هو في مقام طلب هذا القرار لأن غزة جزء لا ينفصل من فلسطين بحسب صيغة اتفاقات اوسلو. وهناك امكان آخر هو أن يُطلب الى مندوبي الرباعية (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة) أن يضمنوا وفاء اسرائيل بالاتفاق في حين يلتزم عباس باسمه وباسم حماس باقامة الاتفاق في الجانب الفلسطيني.
وسيحاول عباس مع هذه الامكانات أن يجند دعم تركيا وقطر لاتفاق وقف اطلاق النار وذلك في الاساس لكونهما آخر سند بقي لحماس. فما زالت قطر وتركيا تمولان الادارة في غزة. وتستضيف قطر فيها ايضا خالد مشعل وتوجد علاقات صداقة قريبة بين اردوغان ومشعل. وقد التزمت قطر بأن تساعد في تمويل اعادة إعمار غزة بعد الحرب، وتنشيء تركيا مشاريع مدنية منها مستشفى في غزة. وقد يكون لموقفهما تأثير كبير في موقف حماس لكنهما بعيدتان عن التأثير في اسرائيل وعلاقاتهما بمصر سيئة، بلغة مهذبة. في يوم الثلاثاء زار حاكم قطر تميم إبن حمد، تركيا والتقى الرئيس عبد الله غول ورئيس الوزراء اردوغان. ولم تصدر تفاصيل عن مضمون اللقاء، لكن مصدرا تركيا قال لصحيفة «هآرتس» إنه ليس قصد تركيا وقطر اقتراح صيغة منهما لوقف اطلاق النار بل أن تعرضا على حماس أفقا اقتصاديا.
وهذا ما يجعل تدخل عباس في الوساطة حيويا ايضا لأن الفرض هو أنه يستطيع الحصول على موافقة اسرائيل على تسهيلات كالسماح للبنوك الفلسطينية بدفع رواتب نحو من 45 ألف موظف تستعملهم حماس، وضمان تسهيلات فتح المعابر.
وافراج هاديء مراقب عن سجناء حماس. ويمكن أن تكون هذه في ظاهر الامر نقطة خروج ممكنة من ازمة وقف اطلاق النار. لكنه يجب على اسرائيل لتحقيقها أن توافق لا على أن يكون عباس وسيطا فقط بل أن يكون طرفا في الاتفاق ايضا. لكنها اذا وافقت على ذلك ستنقض سياستها التي تريد التفرقة بين حماس والسلطة الفلسطينية. وستضطر حماس من جهتها الى أن تهضم مكانتها الجديدة التي يُطلب اليها فيها أن تخضع نفسها لوساطة عباس بل أن تمنحه موافقتها على أن يضمن سلوك حماس. وهذه ألغام كبيرة قابلة للانفجار ليس واضحا هل تُحل وكيف.

هآرتس 

 

كلمات دلالية: