أوباما في مواجهة الواقع في الشرق الأوسط

أوباما

بقلم: إفيعاد كوهين

لو استطاع براك اوباما لمحا الاسبوع الماضي من تاريخ رئاسته لأن درجة تأييد الجمهور له بلغت في ذلك الاسبوع حضيض 40 بالمئة من التأييد فقط، ومن اسباب ذلك في الاساس الانتقاد السريع لنظام حكم المالكي في العراق.
وتوجد السخرية في حقيقة أن سلفه ايضا في الغرفة البيضوية جورج بوش الابن عانى من درجة تأييد مشابهة في أواخر فترة رئاسته الثانية، لكن في وقت كان فيه بوش مهندس التدخل في العراق وآمن من أعماق قلبه بالقضاء على نظام قمع صدام.
قد يمهد أوباما لانشاء ديمقراطية تعددية في المنطقة بين الفرات ودجلة، ورفع اوباما راية الانفصال عن العراق. وبرغم ذلك نشهد أن الرئيس الحالي يتعرض لنقد لاذع يشمل الحزبين في المجال العراقي برغم أنه أوفى بالموعد الذي وعد به لاتمام الانسحاب.
إن مصدر هذا التناقض موجود في القلق العام السائد من التحدي الذي أوجدته منظمة داعش لنظام المالكي. وهذا القلق مصحوب بشعور بأن الرئيس الـ 44 نكث مع كل ذلك التزامه الصريح للأمة الامريكية، وهو أن يسقط من برنامج عملها القضية العراقية حتى نهاية سنة 2011 لأنه بعد سنتين ونصف من ترك آخر جندي امريكي لبغداد أخذ ينهار سريعا النظام السياسي الجديد الذي صيغ في العاصمة العراقية بوحي من واشنطن.
ولم يكن هذا فقط بل إن قرار الرئيس على أن يرسل الى العراق 300 «مستشار» ورجل استخبارات وحراسة (مع تغطية جوية يكمن فيها خطر تصعيد ايضا) أثار من هاوية النسيان مأساة امريكية اخرى ألا وهي حرب فيتنام.
ما زال كثيرون يذكرون جيدا اخفاقات وفشل الماضي التي جعلت ادارتي كنيدي وجونسون تنزلقان في المنزلق الزلق الى الدوامة الفيتنامية التي لا مخرج منها بعد أن كان بدء تلك الصدمة القومية وضع بضع مئات من المستشارين الامريكيين على ارض فيتنام الجنوبية في 1960.
برغم صدود اوباما العميق عن استعمال القوة يتعرض لانتقاد شديد بسبب ما يفسره الجمهور بأنه عودة ممكنة في نفق الزمان الى السيناريو الفيتنامي الكارثي وهو الغرق التدريجي في مستنقع مُغرق قد يجبي ثمنا بشريا واقتصاديا باهظا.
وتعبر استطلاعات الرأي العام الاخيرة مع ما يضاف الى ذلك من رواسب ايام فيتنام، عن ايمان بأن ادارة اوباما واصلت مسيرة حماقة سلفه بوش في حين آمن هو بأن خطة التحويل الى العراقية التي صاغها ستُمكن القوات الامريكية من مغادرة الميدان دون خشية فوضى وسفك دماء. لكن مصير هذا التصور يبدو اليوم كمصير خطة «الفتنمة» السيئة الذكر.
وبعبارة اخرى فانه في مجتمعات مشحونة بالانقسام العرقي والديني والعقائدي، لا يكون التحويل الكثيف لمساعدة عسكرية واقتصادية والنفقة الكثيرة على توجيه وتدريب القوات الموالية للنظام ضمانا لاستقرار سياسي في الحد الأدنى، ويتم التعبير عن ذلك الآن في الجبهتين العراقية والافغانية.
مع عدم وجود شرعية واسعة ودعم اجتماعي للنظام السياسي الذي يعتمد على الحراب الامريكية بقيادة المالكي غير الموثوق به بصورة واضحة، فلا فائدة من المساعدة والدعم والتأييد بتحكم من بعيد لضمان بقاء نظام الحكم.
ستُبين الايام والاسابيع القريبة هل يصحو العم سام من بعض أوهامه على الأقل أم يستمر على السير نحو النهاية المحتومة للعصر الامريكي.

اسرائيل اليوم