لاجئون وحياتهم الثمن

بقلم: 

فضلوا الطربق الوحيد للنجاة، هذا ليسى افتراضا، بل هو خيارا يأخذ به أكثر الذين اغلقت الابواب بوجههم، 
هو الطريق الخطر الذي يمر بالموت أولاً، طريق البحر في الهجرة غير الشرعية.
بلدان لم ترحم من لجأ إليها، صعوبة في العيش، وقسوة في المعاملة، ومعاناة مريرة لا تنتهي، تجعل ملح البحر حلواً مقارنة بها !

هذا هو القرار الأخير الذي اتخذه كثير من اللاجئين الفلسطينيين في رحلات برية وبحرية، إما الوصول إلى حياة كريمة أو الموت، لاخيار ثالث بينهما.
وككل الأزمات الإنسانية لم تأخذ أزمة اللاجئ الفلسطيني شكلأ واحدا، وفي بقعة جغرافية بعينها، بل أصبحت أزمة الآلاف القابعين في الشتات والمنافي، ظروف معيشية صعبة،حياة بؤس، معاناة يومية باتت لصيقة بهم في حلهم وترحالهم.

نعم ... إنها أحوال اللاجئين ماضية في تدهور وضياع لا تقل بشاعة عن طريقة تعاطي المسؤولين عنهم وعن قضيتهم التي تجاهلها وغاب عنها كثيرا منهم ضاربين بعرض الحائط حمايته ورعاية مصالحه، وتصحيح أوضاعه، بل وتجد منهم من هو سبباً في تفاقم أزماته، ليجد اللاجئ نفسه أمام قرار الموت أو البحث عن حياة تشعره بإنسانيته، قراراً حاسماً لا رجعة عنه.

لقد باتت الأمور واضحه، من خلال الحوادث المأساوبة للاجئين في محاولاتهم بلوغ الضفة الأخرى للبحر .
وكثيرة هي المشاهد والصور التي لها وقع يفوق آلاف الكلمات،
لا شك أنها تلخص بعمق عجز الذين يتشدقون بالمثاليات والقيم وحقوق الإنسان...

نقطة الصفر

لربما تتخيل أنك تهاجر وفي داخلك الأمل الطبيعي متجاوزاً حالات الخطر العبثي، وتشعر به كل لحظة كأنك تنطلق الآن من نقطة الصفر إلى عالم جديد تحدث به نفسك، كالذين انطلقوا وسبقوك في الوصول إلى جنة اوروبا، أو كالذين تحولوا إلى طعام للاسماك، أو دفنوا دون أهل، وبلا توابيت، ومن غير مراسيم عزاء، كي لا تشاهد وحشية العالم وموت الضمير الإنساني،

امنيات سناء

صاغوا أحلامهم بلقاء الغائبين، وجهزوا حقائبهم، ورددوا الأدعية، وأنصتوا كثيراً للمحاذير والوصايا وأهمها وأولها :احذروا من المهربين وتجار البشر ..!
سيذهبون بعيداً وفرص النجاة لا تذكر أمام حتمية هلاكهم وضياع امنياتهم وأحلامهم مع زبد البحر،
كامنيات" اللاجئة  سناء حسين "ابنة مخيم خان الشيح التي قضت غرقاً مع أطفالها الثلاثة في محاولتهم الوصول إلى اليونان، ومن ثم لاوروبا.
لم تصل سناء بعد، ولا أطفالها ..! ولن تلتقي الأحبة والجيران هناك في السويد، وضاعت  كالذين سبقوها غرقاً في قاع البحر وكالذين تاهوا في بلاد الغربة، وكل البلاد دون الوطن غربة !.

عجز واضطراب

إن المآسي التي تخلفها يومياً محاولات عبور اللاجئ الفلسطيني وظروف هجرته تعكس أوضاعأ متأزمة يعيشها بأدق تفاصيلها في مخيمات الشتات، لتكشف حالة العجز والهشاشة والاضطراب الذي يعاني منه الوضع الفلسطيني العام، ويدفع اللاجئ ضريبة ذلك.

ولا بد من التساؤل ؟
أما آن الآوان للمسؤولين أن يلتفتوا لأبناء شعبهم بجدية واهتمام أكثر، ويتصالحون مع انفسهم، ويرجعون  إلى رشدهم، وإلى حاضنتهم ويرعونها حق رعايتها على أرض الواقع في كافة أماكن تواجده، ويأمنوا لهم الحماية والبدائل قبل أن يتفوه الواحد منهم بكلمة، ويحاول منعهم من سلوك طريق الهجرة،؟

آن لكم أيها السادة .. والقادة .. أن تصحوا قبل فوات الآوان، وقبل أن تشاهدوا اخوة واخوات "اللاجئة سناء" جثثا  ملقاة على شواطئ البحار .