قال شو: "إرهاب فلسطيني"!

بقلم: 

ليس أكثر إثارةً للاشمئزاز عندي من أن يطرح عليَّ أحدهم، في مدينة أوروبية أو أميركية، سؤالاً وقحاً يتعلق بموقفي مما يسمّيه "الإرهاب الفلسطيني"، بعدما شجّعه على ذلك – خطأً - نقدي للتطرف الاسلاموي في المنطقة العربية. ثمة بالطبع ما هو أسوأ: ذلك المنحى لدى بعض "أهل البيت العربي"، هنا، بالاعتماد سرّاً وكثيراً على إسرائيل لكي "تخلّصنا" من مشكلاتنا. حلو! لا ينقص ملغوصة لبنان اليوم سوى أولئك الذين بلغت بهم درجة العمى وكراهية الآخر حدّ النظر الى دولة كإسرائيل، باعتبارها "منقذة" لهذا البلد التعيس، هي التي قامت في أساسها على منطق الإرهاب والترهيب ولا تزال تمارسهما بمباركة دولية.

أنا مثل كثيرات وكثيرين في هذه البقعة السيئة الحظ من العالم، أعتبر أن "حزب الله" ومشروعه السياسي والديني وسلاحه وولاءاته اللا- لبنانية، التي يخفيها بعنجهية وطنية على طريقة "رح اتغداكم قبل ما تتعشّوني"، عائق أمام تحوّل هذا البلد الى دولة. مثل كثيرات وكثيرين في هذه البقعة السيئة الحظ من العالم، أعتبر أن التيارات السلفية ومن يشدّ على مشدّها وتطرّفها الديني وولاءاتها اللا – لبنانية التي لا تخفى على أحد، عائق أمام تحوّل هذا البلد الى دولة. مثل كثيرات وكثيرين في هذه البقعة السيئة الحظ من العالم، قرفتُ من الطاقم السياسي ذاته والوجوه السياسية نفسها التي لم تتغيّر تقريباً منذ ولادتي في السبعينات. مثل كثيرات وكثيرين في هذه البقعة السيئة الحظ من العالم، نفد صبري من الفساد المموّه بكلمة "إصلاح"، ومن الوعود الكاذبة واستحالة الأمل وهجرة الشباب وانقطاع الكهرباء وتدخل رجال الدين في حياتنا الخاصة والعامة والخطابات المكرورة والكلام الفارغ ونغمة التعايش التي لم يعد يصدّقها أحد ونشرات الأخبار الملغومة والعيش على "صوص ونقطة".

... لكن أن تصل مواصيل البعض الى اعتبار إسرائيل "منقذة" للبنان، فهذا مما لا قدرة لهذا البلد على أن يدفع ثمنه بعد الآن. يا جماعة: عدوّ عدوي ليس صديقي على العمياني. عدوّ عدوّي في هذه الحال هو عدوّي الأول. معيب في حقنا، معيب في حق ماضينا وشهدائنا وكل ما عشناه وبذلناه، أن نتحالف، ولو معنوياً، مع دولة ارهابية مغتصبة تدّعي الديموقراطية والانفتاح بينما تجتاح الأرض وتقتل الأطفال وتطرد الفلسطينيين من منازلهم وتضيّق سبل الحياة على شعب لا ذنب له سوى أنه ولد على أرض هي له.

قال شو: "إرهاب فلسطيني"!

المصدر: 
النهار