اهزموا حماس

صاروخ

إيال زيسر

حثت حماس بخلاف تقديرات الخبراء وبخلاف تقدير كاتب هذه السطور، على جولة التصعيد الحالية، وتبدو شديدة الحماسة لزيادة ارتفاع اللهب وكانه ليس عندها ما تخسره من استمرار المواجهة مع اسرائيل. كان الفرض السائد في اسرائيل قبل عملية الجرف الصامد ان حماس ستطلب بعدها تهدئة كي تثبت بل كي تؤمن حكمها في غزة، وان قادتها سيكونون اكثر حذرا في سلوكهم مع اسرائيل بسبب ضعف مكانتها في العالم العربي والازمة في علاقاتها بمصر بقيادة عبد الفتاح السيسي.

غير ان حماس تبرهن على انها لا تملك الكثير مما تخسره في رأي قادتها، هذا الى انها تزيد في الرهان بصفتها لاعبة بوكر ذات تجربة، عن فرض ان يكون الطرف الثاني هو الذي يتنازل خشية الخسارة.

تقدر حماس ان اسرائيل غير معنية في الحقيقة بالعودة الى غزة وحكمها، ولهذا ستمتنع قدر المستطاع عن عملية برية كبيرة توجب وجود قوات في المناطق المأهولة المزدحمة (بخلاف عملية في مناطق خالية من السكان كما حدث في اثناء عملية الرصاص المصبوب في 2009). وليس لحماس ما تخسره ايضا لأن القطاع مدمر أصلا والسكان فيه في وضع على شفا العوز والعسر دائما.

ان استراتيجية حماس في صراعها الحالي كما في الصراعات السابقة مع اسرائيل واضحة وبسيطة الى حد الرعب. فهدفها ان تجتاز العملية الاسرائيلية وتستوعب الضربات وترفع رأسها حينما تنتهي العملية وينقشع الغبار. والبقاء يعني النصر عند حماس والنصر من وجهة نظر الوعي بيقين.

ومن سيتذكر آخر الامر بعد ان تنتهي المواجهة الحالية كم من الآبار الخفية أو مواقع اطلاق الصواريخ قصفت اسرائيل. سيتذكر الجميع وبحق رشقات الصواريخ التي أطلقت على تل ابيب لأنها أكثر تأثيرا في الصراع على الوعي وعلى الذاكرة.

ان هذا الواقع يتحدى دولة اسرائيل تحديا حقيقيا، بسبب صعوبة تجنيد تاييد دولي زمنا طويلا وصعوبة الحفاظ على تأييد داخلي من الرأي العام لحرب استنزاف، ولذلك امتنعت اسرائيل بقدر المستطاع عن العمل في غزة. لكن يجب على اسرائيل وقد خرجت في عملية الجرف الصامد ان تنتصر فيها انتصارا واضحا؛ انتصارا يفهمه الانسان البسيط في الشارع في تل ابيب وغزة لا الخبراء فقط. وان كلمة انتصار ليست في محلها في الحقيقة لانه لا يوجد في مثل هذه الحرب في مواجهة عدو كحماس نصر بالضربة القاضية بل انجاز يمنع المواجهة التالية.

يجب ان يشمل هذا الانجاز ثلاثة مركبات: الاول اصابة حقيقية لقيادة حماس فهي لا تظهر حساسية بمقاتليها وبالسكان الذين يخضعون لسلطتها، ربما لانها تعلم قيود اسرائيل فيما يتعلق بالنشاط في منطقة مأهولة مزدحمة. لكن قادتها ليسوا منتحرين، فهم يرسلون رجالهم للانتحار لكنهم يهتمون بانفسهم جيدا. والثاني حرية عمل لاسرائيل للاستمرار على نشاط جار مستمر موجه على حماس ومقاتليها وعدم انجرارها الى وقف اطلاق نار مؤقت تتسلح حماس فيه مرة اخرى.

والثالث اغلاق مسار تهريب الصواريخ عن طريق الحدود بين مصر والقطاع، فاذا لم تعد اسرائيل لتسيطر على هذا الشريط الحدودي الذي يكون أوسع وآمن مما كان محور فيلادلفيا فسيكون تسلح حماس مجددا والجولة التالية مسألة وقت فقط.

 

اسرائيل اليوم