رجل في المطبخ!

صورة توضيحية

الرجال نوعان: نوع يدخل المطبخ، ونوع لا يدخل المطبخ.

ومن يدخلون المطبخ نوعان أيضًا: نوع يدخله سائحًا، أو لإعداد القهوة كحد أقصى، ونوع مغامر يحاول أن يجاري ربة البيت فيما تفعله هناك، لظرف طارئ، أو تلبية رغبة أبناء يرون أباهم كل شيء، حتى "منال العالم"!

عن النوع الثاني سأتحدث.
إن دخولك المطبخ يشبه دخول غرفة تحكم الطائرة؛ كمية هائلة من الخزائن والأرفف والجوارير، وعشرات العلب المرتبة بنظام عجيب، وفق تصنيف ديوي مثلاً أو الكونغرس، لكن دون أرقام ورموز، وهذه هي الطامة الكبرى.

خبرتك في الثلاجة، هي فقط في مكان التبريد، حيث الماء والبيض والحمص والجبن وبعض الخضار. أما "الفريزر"، فمكان في منتهى العجب؛ فحتى لو كنت أنت من يشتري الأشياء، فإنك لن تعرف ترتيبها هناك؛ أكياس تشف عن أشياء حمراء وبيضاء وخضراء متجمدة، لكن، صدقني، لن تهتدي إلى ما تبحث عنه بسهولة.

قد تخرج كيس حمص منقوع وتكتشف بعد أن يذوب أنه ذرة، والألوان هنا مخادعة يا صديقي؛ فلون الكيس وملمس الحب لا ينبيك دومًا عما فيه.

في خزانة، هي الأكبر غالبًا، ستجد "التموين" مرتبًا بنظام عجيب، ومعبأً في علب النسكافيه المعاد تدويرها، دون أي إشارة. هي علب مرتبة كالتوائم المتطابقين، والحظ العاثر دومًا سيدفعك لفتح كل العلب لتجد ما تبحث عنه، بينما بإمكان زوجتك أن تخرج العلبة المقصودة من المرة الأولى بخفة ساحر، وهي تتحدث مع جارتها على الهاتف.

قرب الغاز، هناك رفوف عليها علب كثيرة للبهارات، وهذه مقتلك إن قررت أن تستخدم منها شيئًا. دعك من مهاراتك المزعومة أيام كنت أعزب، فبالكاد كان عندك ملح في صحن وقد تحجّر، وعلبة بهارات يتيمة منتهية الصلاحية تستخدمها لكل طعامك البائس، وقد تضع منها على القهوة أيضًا، مدعيًا أنك تعد القهوة الألذ في الكون!

المهم أن هذه العلب مليئة بأشياء متشابهة غالبًا، فقد ترش قليلاً من الفلفل الأبيض لتكتشف أنه هال مطحون، وقد تستخدم القرفة بدل الكاري. أتذكر الكاري؟ ذلك الذي ذهبت إلى محل البهارات أول مرة وقلت للرجل المشدوه: أريد كناري!

الفضل لزوجتك التي علمتك الأسماء كلها.

أما قشارة البطاطا، فمخبأة في مكان سحري!

وثمة خزانة تشبه المتحف، فيها أشياء للزينة فقط. قد يعجبك فنجان، لكنه ليس لك، ستورّثه زوجتك لابنتكما، كما ورثته من أمها، وهكذا.
والصحون حكاية أخرى، فهي مرتبة كمكتبة الجاحظ، وحركة بلهاء منك، قد تسقطها فوقك مثل الراحل، ولئن كان فقيدَ الكتب، فإنك ستصير فقيد الصحون، ويا لها من ميتة بائسة!

واعلم، رعاك الله، أن وراء كل طباخ فاشل، امرأة ترتب الأغراض في المطبخ كأنها أرقام حقيبة سرية.

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.