طفل داهية أحبَّ اللعبَ مع امرأةٍ غريبة

عطا الله شاهين

ذات مساءٍ وصلتْ امرأةٌ متعبة إلى حاجزٍ عسكري، ووقفتْ مع طفلِها ابن الأربع سنوات، وانتظرتْ على البوابةِ كي يُسمحَ لها بالمرور، لكنها تفاجأتْ بأنَّ الحاجزَ مغلقٌ، فتقدّم منها جنديٌّ وصاح بأعلى صوته لا مرور اليوم ..
فالمرأة المتعبة لمْ تكترث لكلامِه، وظلتْ تنتظرُ كباقي النّاس، لكنّ الطّفلَ طلبَ منها أنْ تحملَه لأنّه مرهقٌ من السير، فحملته وبدا التّعبُ جلياً على سحنتِها، وبعد طول انتظار، عاد ذاك الجندي وزجرها، ولكنها أصرّت على الوقوف، واستغربتْ بأنَّ الطّفلَ فجأة صمتَ.. فهي قبل قليل سمِعتْه يبكي، فأرادتْ أن تعرفَ ما سرُّ هذا الصَّمت الذي حلّ فجأة على طفلِها، فوجدته يلعبُ ببندقية ذاك الجندي بمرحٍ طفولي، فأبعدته عنها، فبدأ الطفل في البكاءِ .. فأسكتته بلوحِ شيكولاتة رخيصة، وظلّتْ تنتظرُ حتى حلّ الليل ..
فأتى جنديٌّ صوب الواقفين في الطَّابور، وقال لهم اليوم الحاجز مغلقٌ حتّى إشعار آخر، فمن الأفضل أنْ تذهبوا لبيوتكم .. فرأتْ المرأة المنهكة بأنّ لا جدوى من الانتظارِ وسارتْ باتجاهٍ عكسيٍّ، وقالت : سأبيت هذه الليلة عند صديقتي الغريبة والضجرة وغدا يمكن أنْ يفتحَ ذاك الحاجز المقيت..
وفي اليوم التالي، رأى الطفلُ بندقيةً بلاستيكية مُعلقةً على بابِ أحدِ المحلّات المتخصّصة في بيعِ لُعبِ الأطفال، صرخَ  الطّفلُ في وجه أُمّه اشتري لي هذه اللعبة يا ماما،  لكنَّ أُمَّه قالتْ له: يا ماما نحن سنذهبُ إلى حاجزٍ ويمكنُ إنْ رأوك سيغلقون الحاجز، فابتسمَ الطفل، وقال لنفسه : أنا أريد أنْ يغلقوه حينما سيرونني لأنني أحببتُ المبيتَ عند صديقة أُمّي الغريبة، فهي بالبارحة كانتْ تهمسُ لي عن الحمامة التي طارتْ، وكان الطفل يتمتم في ذاته وأمه كانتْ تدفع للتاجر ثمن اللعبة التي ستسعفه، وتمتم في الطريق : أنا أحبُّ اللعبَ هناك عند تلك المرأة الغريبة فهي مرحةٌ بشكلٍ يختلفُ عن أُمّي ..

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.