1992 !

شهرزاد أبو دية

وأنا أكبر من أوسلو وما تمخض عنها من ميلاد السلطة، تمخض الجمل فولد فأرًا ! ظنوه جملًا حاقدًا، أتى ليسترد فردوسه المفقود وعرشه المسلوب،
ظنوه سينهي الفوضى، لكنه أتى بفوضى أكبر متذرعًا بالشرعية والنظام؛ وأمن البلد  !

أنا أكبر من الجزيرة بأربع سنوات، فلسطينية أكبر منها  قبل أن تكون فلسطين قضية الحصاد، وقبل أن تأتي بأدرعي ليظهر بأنه الضحية ونحن الجلاد - لا أُنكر أنها ساهمت في تعريف العالم بفلسطين- لكنها أوجدت للجلاد منبرًا من وسط جريمته ! 

وأنا أكبر من حزيران، قبل أن تراق الدماء، وتسقط الأقنعة، قبل أن تعطي الضفة صكوك وطنية لغزة، وغزة مثلها تفعل، على وقع صوت فيروز يمشيان " ومثل فعلك فعلي، ويلي من الأحمقين" ويلنا من الأحمقين ..
أكبر من عمر الإنقسام فعلًا، أكبر من اليد المدججة بالسلاح و ليتها شُلت قبل أن تُرفع في وجه أخيك، أكبر من التنفيذية والأمن الوطني، والوقائي ! أكبر من سجون غزة ورام الله !

سجن فلسطين الكبير أكبر من سجونكم في غزة والضفة! كفوا عن حماقاتكما، سذاجتكما التي  دسّت أغلال المحتل في أعناقنا بدلًا من أن تزيلها ! وأنا أكبر ممن قبضوا ثمن نضالاتهم؛ نعرفهم حقًا ولا نريد أن ننقسم على ذاتنا مرات ومرات !

وأنا أكبر من الجدار وكيانه، أولى النظرات في القدس والقلوب  على أبوابها تعلقت؛ قبل أن يقام الجدار وتصبح وجهتنا رام الله بدلًا من القدس .. من الجيب إلى القدس أحتاج إلى ١٢ دقيقة فقط، كانت كذلك  !

وأنا أكبر من محتل لعين يحول دون وصولي للبحر وعكا وحيفا ومجدل عسقلان؛ ووصولي لصديقة في الناصرة وأخرى في النقب وثالثة في اللد؛  أكبر من بندقية تحمي خلفها كائنًا لا يُشبه الإنسان إلا في شكله؛ أكبر من آلات التفتيش وأذونات الدخول، أكبر ممن أسقط حقنا في صفد، وأكبر ممن تذرع بالمقاومة ليُكفر هذا وذاك باسم الوطن والدين .
وأنا أكبر من الإحتلال، اشتدت سواعدنا ونحن نعلم كلما تقدم عمر الإحتلال تعجل زواله، فعمره مني -٢٢عامًا، بالاضافة إلى -٤٥ عامًا، فكم تبقى من عمره؛ عمره ليس موجبًا بل سالبًا سالبًا يحتسب .

وعمري من عمر الوطن يُؤخذ؛

من عمر جدي المختار، عمره من عمر النكبة وأكبر؛

من عمر أمي وأبي، من عمر النكسة وأكبر؛

من عمر أخي، من عمر صبرا وشاتيلا وأكبر؛

وأنا الوطن والوطن أنا؛ من رحمه ولدت، وفيه أعيش؛ وإن شاء إله الكون في ثراه سأُدفن .

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.