سوريات في لبنان يعشن جحيم "العبودية الجنسية"

زمن برس، فلسطين: تروي إحدى اللاجئات السوريات اللواتي خضعن لسنوات طويلة "للعبودية الجنسية"، كيف تم احتجازهن داخل غرف مظلمة طليت نوافذها بالأسود وأجبرن على ممارسة الجنس، وكيف تم تعذيبهن.

وتقول سهى سهى (27 عاما) والتي تستخدم اسما مستعارا "كان علينا أن نمارس الجنس مع 15 إلى 20 رجلا في اليوم، وأحيانا يصل العدد إلى 40".

وفي بداية نيسان الجاري، هزت لبنان فضيحة كشف فيها عن شبكة للاتجار بالبشر. وبحسب المنظمات الحقوقية، ازداد عدد النساء اللواتي يمارسن الدعارة أو هن عرضة للاتجار بالبشر منذ بداية الحرب في سوريا في 2011، لا سيما في لبنان والاردن.

وزاد من وقع الصدمة توجيه سياسيين اتهامات لمسؤولين في شرطة الآداب بالتواطؤ مع القيمين عن شبكة الاتجار هذه.

وتروي سهى التي تمكنت من الفرار من "سجنها" قبل أربعة أشهر من الكشف عن الشبكة، كيف كان يتوجب على الفتيات ارضاء الزبون أيا كانت رغباته. وفي حال عبر الزبون عن عدم رضاه، يتم جلدها بعد ربطها على الطاولة في ساعات الصباح الأولى".

وأفاد تحقيق صحفي نشرته وكالة فرانس برس أن معذب الفتيات، وهو عنصر سابق في المخابرات الجوية السورية قدمته السلطات بحرفي اسمه الاولين ع.ر. فر إلى سوريا، وفق مصادر أمنية. وكان يدير بيتي الدعارة "شي موريس" و"سيلفر" في منطقة المعاملتين المعروفة بملاهيها الليلية شمال بيروت.

وتقول سهى "بعد اغلاق المحل في الصباح كان ع.ر. يمدد الفتاة بثيابها الداخلية على طاولة ويضربها بالكرباج أو بواسطة ماسورة، ويرمي عليها مياها باردة. وإذا حاولت الهرب، يلاحقها بالضرب بقدميه على رأسها وبطنها".

كان التعذيب يحصل أمام جميع الفتيات ليكون "درسا" لهن في حال عدم خضوعهن. وفي احدى المرات، اضطرت شابة "للبقاء شهرا كاملا في السرير" نتيجة الضرب المبرح، بحسب سهى. ولم يكن يسمح للفتيات بالخروج سوى في حال واحدة، وهي حين تثير اعجاب ع.ر. ويأخذها معه "ليمارس الجنس معها فتقضي الليل معه ويختبر بذلك كيف تقوم بعملها"، وكأنها مجرد سلعة يجربها ويعيدها إلى المحل، وفق سهى.

ويقول رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي المقدم جوزف مسلم إن التحقيقات كشفت أن "الفتيات كن يحتجزن فور وصولهن إلى لبنان، وتتم مصادرة أوراقهن الثبوتية وهواتفهن الخلوية". ويوضح أن القوادين "يختارون في سوريا الفتيات من عائلات هشة أو اللواتي فقدن والدهن ووالدتهن ليحولوا دون أي ملاحقة جدية في لبنان".

وكان بعض القوادين يعرضون على الفتيات "العمل، وآخرون يعدونهن بالزواج، قبل احضارهن إلى لبنان"، وفق ما تقول مايا عمار، منسقة التواصل في جمعية "كفى" المدافعة عن حقوق المرأة والتي مع جمعيات أخرى. وتضيف "تم اغتصاب عدد من النساء في اليوم الأول لوصولهن، بغية اخضاعهن". وبحسب سهى، كان يتم "شراء" بعض الشابات، وبالتالي تبقين سجينات إلى وقت غير محدد، و"استئجار" أخريات لبضعة أشهر قبل نقلهن للعمل مع شبكة أخرى.

وتروي سهى كانت الفتيات يجبرن أحيانا على الاجهاض القسري "ان كان لدى طبيب أو عبر أخذ أدوية". وبعد الاجهاض، كان "الجنين يؤخذ ويدفن في الحديقة الخلفية لشي موريس". ونتيجة الاجهاض القسري هذا، كانت غالبية الفتيات تصاب بالتهابات وأمراض داخلية.

ويقول مسلم إن فتيات كثيرات فكرن بالانتحار بسبب "رعب حقيقي" كن يشعرن به، خصوصا أن القوادين "أقنعوهن أنهم قادرون على القيام بما يشاؤون" وأنهم يتمتعون بنفوذ قوي في لبنان. ويقول سكان المنازل المحيطة بشي موريس إنهم كانوا يسمعون صراخ الفتيات، لكن فور أن يقوم أحدهم بإبلاغ الشرطة، يتوارى ع.ر. عن الأنظار.

وتقول سهى إن الفتيات لم يكن يتجرأن على الحديث مع الزبائن. لكن وبعد معاناة طويلة، نجح عدد منهن بالفرار في بداية نيسان بمساعدة بعض الزبائن. وتتراوح عقوبة المتورطين في الاتجار بالبشر بين خمس و15 عاما في السجن، وفق قانون جديد دخل حيز التنفيذ في العام 2012.

لكن بحسب عمار، هناك قانونان متناقضان الأول يعاقب الفتاة التي تمارس الدعارة والثاني المتعلق بالاتجار بالبشر والذي يعتبرها ضحية. وتنتقد عمار "الازدواجية" في المجتمع اللبناني، مشيرة إلى أن بيوت الدعارة المنتشرة في المعاملتين ليست سرا على أحد.

وتشير إلى "حالات أقل تطرفا إنما يتم تجاهلها"، مثل الفتيات القادمات من روسيا وأوروبا الشرقية واللواتي يحملن "تأشيرة فنانات" يمنحها لهن الأمن العام اللبناني، لكنهن في الواقع يمارسن الدعارة.

 

حرره: 
د.ز