خلية إرهابية وليس ذئبا منفرداً

خلية

عاموس هرئيل

عملية اطلاق النار والطعن التي قتلت خلالها المجندة في حرس الحدود، هدار كوهين، في باب العامود، هي احدى المحاولات الأولى للمخربين الفلسطينيين لتنفيذ خطة معقدة نسبيا في المواجهة الحالية.  الشبان الثلاثة، من سكان بلدة قباطية في شمال الضفة الغربية، لم يخرجوا لتنفيذ الهجوم ضد الهدف المطلوب، بالنسبة لهم، على حاجز الجلمة المتاخم للخط الأخضر. بل اختاروا الهدف الذي تكهنوا بالتأكيد، بأنه ستكون للعملية فيه تداعيات أكبر،  في البلدة القديمة في القدس. والى جانب السكاكين، حملوا معهم الرشاشات والعبوات الناسفة المرتجلة. وبفضل الرد السريع من قبل طاقم شرطة حرس الحدود الذي اشتبه بالثلاثة، تم منع سقوط عدد اكبر من الضحايا، بالإضافة الى الشرطية التي قتلت وصديقتها التي اصيبت بجروح متوسطة.

حسب المعلومات المتوفرة، فان المخربين الثلاثة لم ينتموا، مثل غيرهم من غالبية منفذي العمليات السابقة، الى تنظيم معين. ولكن في حالتهم، لا يمكن بعد الحديث عن "ذئب منفرد"، ليس فقط بسبب عدد المشاركين في العملية، وانما، ايضا، بسبب حجم التخطيط المسبق الذي تطلبه تنفيذ هذه العملية. لقد حصل الثلاثة على السلاح وسافروا طوال الطريق من شمال الضفة الى القدس وتمكنوا، بشكل ما، من اجتياز الجدار الفاصل دون أن يتم كشفهم.

هذه اصبحت عملية لخلية ارهاب محلية، حتى ان لم تكن تابعة لهرم تنظيمي معين، فإنها تدل على جرأة معينة واستخلاص العبر من تجارب العمليات السابقة. السلاح الناري، واختيار الخروج كخلية لتنفيذ العملية، هدف الى التسبب بعدد كبير من الإصابات، مقارنة بعمليات الطعن التي يتم احباط بعضها من قبل قوات الأمن وتنتهي بإصابات قليلة في الجانب الاسرائيلي. يبدو انه للسبب ذاته تزود الثلاثة ايضا بالعبوات التي لم يتمكنوا من استخدامها.

سيكون هنا الكثير من العمل امام جهاز الشاباك، في فحص مسار وصول الثلاثة الى القدس وشكل تسللهم اليها. لقد اتضح، امس، ان احدهم كان ممنوعا من دخول اسرائيل لأسباب أمنية. واذا دخلوا الى القدس وهم يحملون السلاح فهذا يعني انهم استغلوا ثغرة في شبكة الحراسة حول الجدار الفاصل. واذا حصلوا على السلاح في القدس، ستكون هناك حاجة الى كشف من الذي نقل لهم السلاح. على كل حال، يصعب في المرحلة الحالية استبعاد تلقي المخربين لمساعدة من شخص آخر.

وهناك سؤال آخر سيتحتم فحصه وهو ما اذا كان يفترض بالتحضيرات المسبقة للثلاثة ان تشعل أضواء حمراء لدى اجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. إسرائيل تجد، منذ عدة اشهر، صعوبة في صياغة طريقة تسمح لها بالاعتراض المسبق للمخرب المنفرد، الذي يترك على الأغلب رسالة غامضة على صفحته في الفيسبوك، قبل خروجه حاملا سكين المطبخ. ولكن المقصود هذه المرة، خلية شبه منظمة قد تكون تركت من خلفها دلائل يمكنها ان تدل على نواياها. في المواجهة الحالية سبق وقتل ستة شبان من قباطيا، خلال قيامهم بتنفيذ عمليات طعن على حاجز الجلمة. وقد بين فحص امني سابق بأن المخربين من قباطيا جاؤوا من الدائرة الاجتماعية ذاتها، وان تقليد سابقيهم او الانتقام لموتهم كان الدافع الأساسي لعملهم. وقد نشر احدهم منشورا على الفيسبوك، مؤخرا، هدد فيه بتنفيذ عملية انتقاما لموت صديقه.

ربما تكون هذه هي خلفية العملية الحالية. هذه ليست ظاهرة استثنائية. لقد تكررت في عدة مناسبات، وتم تشخيص علاقات مشابهة في السابق بين خمسة مخربين، من ذات الحمولة في قرية سعير، شمال الخليل، الذي قتلوا الواحد بعد الآخر خلال العمليات في المنطقة. بل اتضح في سعير ايضا، ان مخربا خرج لتنفيذ عملية بعد ان شارك في تشييع صديقه الذي قتل قبل يوم من ذلك.

لقباطيا دور طويل في النضال الفلسطيني. في 1988، عشية بدء الانتفاضة الأولى، نكل سكان من البلدة بجارهم الذي تعاون مع إسرائيل، وكانت تلك هي الحادثة الأولى لمئات حوادث قتل العملاء الفلسطينيين خلال السنوات اللاحقة. في حينه طوق الجيش البلدة طوال عشرات الأسابيع. وخلال الانتفاضة الثانية شارك العشرات من سكان البلدة، خاصة نشطاء فتح والجهاد في تنفيذ عمليات ضد اسرائيل.

عودة الارهاب الى القدس، بعد عدة اسابيع من الهدوء النسبي، والتوجه العام نحو تخفيض العنف في المدينة منذ كانون الأول الماضي، سيحتم على الشرطة مواصلة الاحتفاظ بقوات معززة في المدينة وخاصة على خطوط التماس وفي شرقي المدينة. التواجد المكثف لقوات الشرطة يثبت نفسه في الرد السريع والفاعل على العمليات، كما حدث امس.

مع ذلك، ورغم الرد العاجل للشرطة، يطرح السؤال حول الحكمة في ارسال شرطيتين متدربتين، التحقتا بحرس الحدود قبل شهرين فقط، ولم تنهيا التدريبات بعد، الى منطقة باب العامود الذي وقعت فيها تسع عمليات خلال الأشهر الأخيرة. بشكل عام يمتنع الجيش عن ارسال المتجندين الجدد الى المناطق في مثل هذه المرحلة المبكرة من التدريب. الان، كما يبدو سيضطر حرس الحدود الى اعادة فحص سياسته في هذا الشأن.

حرره: 
م.م