سطو مسلح في قرية النبي صالح

بقلم: عميره هاس

الجندي الذي خنق محمد التميمي (12 سنة) في الاسبوع الماضي ينتمي إلى منظمة تنفذ وتحرس سطو مسلح متواصل لاراضي قرية النبي صالح، بواسطة استخدام طرق مختلفة للتخويف ضد السكان. هذا ليس السطو الاول والاخير. فالسطو المسلح ليس ضد هذه القرية، وليس فقط من النبي صالح يأخذون مياه النبع لصالح المستوطنين الاسرائيليين.
المديح الذي حصل عليه الجندي من والده ومن وسائل الاعلام على «ضبط النفس» يعطي مؤشرا على ما حدث للمجتمع الاسرائيلي: بالنسبة له السلوك المدني الشجاع أمام جندي مسلح هو تمرد. وبالنسبة له الزي الرسمي هو مبرر لاطلاق النار، لاصابة وقتل المدنيين، ومنهم الاولاد. والاستثناء الذي يستحق التقدير هو «ضبط النفس».
من اجل الجندي وعائلته آمل أنه بالفعل وعن وعي لم يبحث عن الزناد، وأن الكاميرات لم تكن السبب في ضبط النفس. نريمان التميمي، مثل كل أم عاقلة، قاومته بقبضتها من اجل ترك إبنها، واكتشفت ايضا الولد الذي في الجندي، وغضبت عليه. الأب، باسل التميمي، الذي رأى الجندي وهو يخنق إبنه قال عن ضبط النفس إنه «دليل على أن كل انسان يعاني من اللاانسانية، لذلك فان والد الجندي يحاول تصوير تصرف إبنه بخلاف ما كان ـ العنف».
التميمي هو الذي استدعى الضابط لانقاذ الجندي من الوحل الذي أدخلته اليه سياسة السطو المسلح. الأب الفلسطيني اهتم بحياة إبنه وفي نفس الوقت اهتم بسلامة الجندي. لم يرغب في أن يحاول أحد الشباب الغاضبين في القرية التعرض للجندي، الذي كان الحلقة الاضعف في تلك اللحظة في ذلك التنظيم المسلح.
يبدو أن اللون الاشقر للعائلة هو الذي جعل وسائل الاعلام تتحدث عن الشقيقة عهد (14 سنة): «تحرشت» في السابق مع الجنود فقاموا باعتقال شقيقها الاكبر، وبكاءها وصراخها لم يؤديا إلى تحريره. الاسرائيليون يجدون نوعا من الاستمرارية في سلوك العائلة (استمرارية الخروج على القانون)، ولا ينظرون إلى الاستمرارية الحقيقية في سرقة مياه النبع والاراضي لصالح «حلاميش»، ومنع سكان القرية من البناء في جزء كبير من الاراضي.
وسائل الاعلام الاسرائيلية تحدثت كثيرا عن الحجارة التي رشقها أو لم يرشقها الطفل. «أنا لا أفهم» قالت عهد التي تملصت من الصحافيين الذين لا يرفعون أعينهم عن جدائلها الشقراء، «هل هذا يعتبر عنفا أما البندقية فليست عنفا؟».
لو لم تكن هناك مصادرة للاراضي ولم يكن هناك مستوطنين أسياد، لما كانت حاجة إلى البندقية كي تسمح للمستوطنة بالنمو والتوسع، في الوقت الذي توزع فيه الادارة المدنية أوامر الهدم ووقف البناء لمنازل القرية الفلسطينية التي تُبنى على اراضيها المستوطنة. ولو لم يكن هناك بنادق وجنود يمنعون الوصول إلى النبع، لما كانت هناك حجارة. الامر بسيط؛ تماما كما يُكتب ويُسمع.
المشكلة الحقيقية ليست الحجارة بل المظاهرات الاسبوعية المتواضعة والمصممة بسبب استمرار السطو المسلح. هذه المظاهرات التي تقع على كاهل القليلين واقتحام منازلهم واعتقالهم والغاز المسيل للدموع والخوف من الاصابة والموت ـ كل ذلك يؤتي ثماره، قالت نريمان التي أطلق أحد الجنود النار على أخيها قبل ثلاث سنوات ونصف (شقيقها شرطي في الشرطة الفلسطينية وهو لم يرشق الحجارة ولم يطلق النار)، لكنه قُتل. وفي مظاهرة لذكراه أطلق عليها الجندي الرصاص الحي وتسبب باصابة بالغة في قدمها عندما كانت تصور. إنها تعترف أن صراع القليلين مُتعب. «نحن لم نختر هذه الشُهرة وهذه المكانة. ولو كان عدد أكبر من الناس انضموا إلينا لكان صراعنا أقوى».

حرره: 
د.ز