رمضان جيد للنساء

النساء

مصر التي ولدت فيها حركة تحرير المرأة توجد اليوم في أسفل القائمة الحقوقية

تسفي برئيل

ضاقت نفس مشيرة من شدة الحزن. خلال ثلاثين حلقة من مسلسل «الكابوس» وهي تبحث عن قاتلي ابنها، الشاب الذي كان يحب اللهو واستطاع أن يكسب الكثير من الأعداء. هي تحلم أحلام اليقظة، وتتذكر الاوقات التي كانت حاملا فيها، وتتذكر أيضا المرة الاولى التي أراها فيها زوجها ماكينة تصنيع القمامة التي اشتراها لتكون استثمارا مبدئيا في مصنع كبير ستُديره مشيرة، من الحلقة الثانية بعد أن مات زوجها بسبب نوبة قلبية في أعقاب جدال حاد بينه وبينها.

لكن الشيء المهم في هذا المسلسل هو الدور الجدي والهام الذي تلعبه الممثلة غادة عبد الرازق، التي تمثل دور مشيرة، وهو دور نسائي غير استفزازي. وهو تجديد في عالم المسلسلات التي تسيطر على اغلبيتها شركات انتاج خاصة، تحارب من اجل الفوز بوقت المشاهدين خلال شهر رمضان. حسب استطلاع موقع «اصوات مصرية»، فان 14 من أصل 29 مسلسل تم انتاجها في مصر هذه السنة، فان النساء يلعبن أدوارا رئيسية، وهؤلاء النساء لسن «بضاعة تباع للجمهور». ويشير الموقع إلى أن هذه هي السنة الثانية التي تلعب فيها النساء أدوارا جدية وليس مجرد ظهورهن لعرض أجسامهن.
يبدو أنه ليس فقط النساء غيرن طريقة ظهورهن في الافلام والدراما التلفزيونية، بل أيضا ميل المخرجين لعرض مشاهد استفزازية، حدث فيه تغيير. من خلال بحث أجراه مركز الاستشارة الإعلامي في السعودية قبل ثلاث سنوات حول 11 مسلسل تم بثها في شهر رمضان، تبين أنه كان فيها 1536 مشهد لعري جزئي للنساء، أو لبسن فيها الملابس الشفافة. و111 مشهد لشرب الممثلين للكحول. وفي 46 مشهد ظهر الشباب وهم يضربون والديهم أو يشتمونهم. كان أحد استنتاجات البحث أن سلطة القمر الاصطناعي «تركز على وصف النزاعات العائلية والاخلاقية والدينية وكأنها أمر طبيعي في المجتمع العربي». في العام الماضي لم يتم اجراء بحث مشابه، إلا أن ناقدي البرامج التلفزيونية في مصر لديهم انطباع أنه حدث تراجع في عدد هذه المشاهد، وأن الرقابة الذاتية ومراعاة رد الجمهور تفرض نهجا جديدا.
في ظل غياب بحث موثوق، فان اسباب ذلك، حسب التقديرات، هي الثورات التي حدثت في الربيع العربي حيث كان للنساء دور هام في المظاهرات والتجنيد في الشبكات الاجتماعية. أيضا ظاهرة اهانة النساء في مصر والضجة الجماهيرية التي حدثت في أعقاب ذلك، أثرت هي الاخرى.
لكن الواقع في الشارع وفي اماكن العمل ما زال بعيدا عن طموح النساء. مثلا هناك قوانين تم سنها بعد الثورة تحدث عن عقوبة السجن مدة عام أو غرامة تبلغ 5 آلاف جنيه مصري بحق كل من أُدين بالتحرش الجنسي. وأكثر أهمية من ذلك أنه تم اعتبار التحرش الجنسي مخالفة للقانون، في حين أنه في السابق اعتبر مساً بالاحترام. لكن هذا القانون يفرض على الضحية اثبات المخالفة بحيث يكون على المرأة الامساك بمن تحرش بها أو احضار الشهود. وقد تم رفض طلب المنظمات النسائية تشكيل دوريات شرطية من اجل الردع.
اضافة إلى ذلك، فان عدد الرجال في المناصب العليا ضعف عدد النساء على الاقل، وأجرهن أدنى بأكثر من 13 في المئة. في الحكومة الحالية توجد خمس نساء، مقابل 32 رجلا، والنساء لا يتبوأن منصب المحافظ أو القاضي. وفي شباط فقط وافق مجلس الدولة، الجسم القانوني الاداري الاعلى في مصر على أن يعين لاول مرة 26 امرأة كقاضيات.
المداولات على تعديل قانون الانتخابات للبرلمان في ذروتها وموعد الانتخابات لم يتقرر بعد. وحسب القانون، سيخصص للنساء 70 مقعدا على الاقل من اصل 567، ومنهم سيكون تعيين 14 من الرئيس. وفي عهد حسني مبارك ايضا كانت في البرلمان 68 امرأة، وان كن جميعهن تقريبا عضوات في الحزب الحاكم. في الانتخابات للبرلمان بعد الثورة، لم تنتخب سوى عشر نساء. اما هذه المرة، كما تأمل النساء، فسيحظين بتمثيل مناسب في احزاب اخرى ايضا. وتنشغل رئيسة المجلس الوطني لمكانة المرأة، السفيرة السابقة، ميرفت تلاوي هذه الايام بخوض حملة اعلانات بين النساء في المدن والقرى. وتشرح المتطوعات للنساء أهمية مشاركتهن في الانتخابات، الانظمة وكيفية فحص من هم المرشحون المناسبون.
مصر، التي ولدت فيها في بداية القرن الماضي حركة تحرير المرأة، توجد اليوم في اسفل قائمة الدول في مجال مساواة الحقوق للنساء. ولعل الخلاص يأتي الان عبر السينما والتلفزيون، اللذين ربيا الجمهور على معرفة من هو المرشح المناسب للمرأة. ولكن الثورة ليست هنا بعد. فعندما أعلنت سيدة الاعمال الشابة والحسناء شهيناز النجار بانها تعتزم التنافس في الانتخابات، تلقت وابلا من الانتقادات. النجار هي زوجة رجل الاعمال الملياردير احمد عز، المقرب والممول لمبارك. عز لا يحق له التنافس في الانتخابات «ولهذا فقد بعث بزوجته»، هكذا اتهموه.

هآرتس 

 

حرره: 
م.م