إما «داعش» أو نصرالله

حسن نصر الله

بقلم ايال زيسر
 

انهيار الجيش السوري امام الثوار، من تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» وجبهة النصرة في عدد من جبهات القتال، أخرج زعيم حزب الله، حسن نصرالله من مخبأه.

ففي خطاب فزع حذر سامعيه، من ابناء الطائفة الشيعية في لبنان بان البرابرة على الابواب وأعدهم لامكانية ان تعلن منظمته عن التجنيد العام للشيعة في لبنان كي توقف التسونامي الإسلامي السلفي الذي يدق حدود البلاد.

في صرخات النجدة لنصرالله يوجد الكثير من الحقيقة. فبسلوكهم على مدى السنة الاخيرة يثبت مقاتلو تنظيم الدولة تصميما على اعادة الشرق الاوسط إلى ظلامية العصور الوسطى.

فهم يدمرون بمنهاجية آثار الحضارات التي بقيت في منطقتنا منذ الاف السنين، ولكن الاسوأ من ذلك، فانهم لا يخفون بانهم هدفهم ليس فقط الاثار العتيقة بل البشر ايضا. كل من لا يقبل بشكل كامل فكرهم ومعتقدهم ـ حكمه الموت. وهكذا تختفي من منطقتنا ليس فقط التماثيل القديمة بل وايضا طوائف الاقليات مثل اليزيديين، المسيحيين الاشوريين وغيرهم.

في ظهور مغطى إعلاميا في قناة «الجزيرة» حاول ابو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة، التي يسيطر مقاتلوها اليوم على معظم هضبة الجولان، مد خط يفصل بينها وبين تنظيم الدولة. وقد شرح بان منظمته تركز على سوريا وليس لها مصلحة في ان تحول هذه الدولة عند سيطرتها عليها إلى قاعدة عمل ضد الغرب. وامتنع عن ذكر إسرائيل تماما. ولكن واضح ان الفرق بين الجولاني، الذي يعلن الولاء للقاعدة وبين تنظيم الدولة تكتيكي وموضوعه الاستعداد لان يؤجل إلى المستقبل، عندما تتاح الظروف ما يصر تنظيم الدولة على عمله اليوم.

امكانية سيطرة تنظيم الدولة وجبهة النصرة على سوريا يجب أن تقلق إسرائيل. ولكن السؤال هو ما هو البديل. السياسة الإسرائيلية كانت على مدى السنين وكذا بعد اندلاع الثورة في سوريا بان بشار الاسد هو شريك مرغوب فيه بصفته «الشيطان الذي نعرفه»، أي حاكم عقلاني وبرغماتي، اعتدنا عليه على مدى السنين ومع تعلمنا كي نتدبر أمرنا. وبعد كل شيء فان بشار، مثل ابيه من قبله، حرس على حفظ الهدوء على طول الحدود الإسرائيلية ـ السوري على مدى الاربعين سنة الاخيرة، منذ انتهاء حرب يوم الغفران.

عندما غرقت سوريا في الحرب الاهلية المضرجة بالدماء كان في إسرائيل من تمنى النجاح للطرفين المتقاتلين في الدولة المجاورة من الشمال، سواء لبشار أم للثائرين عليه. وذلك، بالمناسبة، على أمل أن يبقى بشار قويا بما يكفي كي يضمن الهدوء على طول هضبة الجولان، ولكنه اضعف من أن يهدد إسرائيل او ان يرد في كل مرة تعمل فيها ضد ارساليات السلاح من اراضيه إلى حزب الله.

ولكن الحرب في سوريا من شأنها أن تنتهي باسرع مما قدرت إسرائيل. وحتى لو تطلب الامر اشهر طويلة إلى أن يسقط بشار.

والأسوأ من ذلك، فان تجند نصرالله وإيران لنجدة بشار يدل على أن المعضلة التي تقف امامها إسرائيل ليست بشار أم تنظيم الدولة بل نصرالله ام تنظيم الدولة.
وعلى ذلك أفادت الاحداث في هضبة الجولان في شهر كانون الثاني من هذا العام، عندما بعث حزب الله برجاله في وضح النهار إلى الجدار الحدودي الإسرائيلي ـ السوري، ولما صفتهم إسرائيل رد بعملية في هار دوف.

فضلا عن ذلك، كلما عمق حزب الله دوره في الحرب في سوريا يصبح بشار متعلقا بنصرالله وبالإيرانيين. ومن هنا فان المنطق التي وجه إسرائيل بانه يمكن الثقة ببشار بات قابلا للدحض.

بالنسبة لنصرالله، فهو ملتزم بالحفاظ على الاثار والبقايا الاثرية بل وسمح بترميم الكنيس في بيروت مجين ابراهام، ولكن هذا التنور يصل حتى حدود إسرائيل. ففي خطاب هاجم فيه تنظيم الدولة اعلن عن التزامه بتصفية إسرائيل وقبل ذلك دعا اليهود الذين يعيشون فيها إلى المغادرة والعودة إلى حيث أتوا.

وبالفعل، فان البرابرة على الجدران، حتى وان كانوا ينشغلون بالقتال الواحد مع الاخر، آجلا أم عاجلا ستأتي اللحظة التي يوجهون فيها سلاحهم نحو إسرائيل. وبهذا فلا فرق بين نصرالله وتنظيم الدولة، وهؤلاء هم الذين سيقررون النبرة في سوريا في المستقبل المنظور.

إسرائيل اليوم

حرره: 
س.ع