"كرفانات" مشردي غزة ..حياة على صفيح ساخن

صفيح ساخن

سعيد قديح

(خاص) زمن برس، فلسطين: في ممرٍ بين "كرفانات" المشردين في بلدة خزاعة، يغرفُ ياسر ذو العشر سنوات يده في إناءٍ من الماء البارد، ويزلقها على رأسه، في محاولةٍ للتخفيف من درجات الحرارة العالية التي حولّت الكرفانات إلى " أفرانٍ حارقة " وفق تشبيه سكانها.

حيث لجأ مشردو البلدة إليها بعد أن دمرت إسرائيل بيوتهم بشكل كاملٍ في الحرب الأخيرة، وطال مكوثهم فيها دون حلٍ يضمنُ عودتهم لبيوتٍ جاهزة أو مكانٍ أفضل من الكرفانات على الأقل.

وقد خط أحمد عميش ( 29 عامًا ) دعاء " اللهم أخرجنا من هذه البيوت كما أخرجت يونس من بطن الحوت " على جدار الكرفان الذي يسكنه، في اشارةٍ لمعاناتهم الكبيرة  وعدم تحملّهم هذه الحال أكثر من ذلك، إذ تجاوزت درجة الحرارة داخل الكرفانات أكثر من 55 درجة مئوية.

ويقول المواطن عميش لزمن برس:" لم نعد نتحمل شيء هنا، درجات الحرارة باتت كالسيف المسلط فوق رؤوسنا، ولا أحد على الأغلب بات يعنيه أمرنا، لقد تخلوا عن وعودهم وتركونا كالأنعام في الصحراء".

يأخذ طفله، ويزيح الملابس عن جلده، لتظهر كثير من البقع الحمراء، قائلًا:" الشمس أحرقتنا، وسببت لأطفالنا أمراض جلدية كما ترى". ويتابع:" لقد هرب الكثيرون إلى بيوتٍ أقاربٍ لهم في البلدة كي يستظلوا تحت سقف بيوتهم، أو تحت أشجار البلدة".

وطالب عميش بلدية خزاعة وهيئة الإغاثة الإسلامية ( الممولة لمشروع الكرفانات ) بالنظر إلى حالهم، وعدم التخلي عنهم، وحل أزمتهم في أسرع وقتٍ ممكن، قبل أن تتفشى الأمراض والأوبئة بينهم.

وهدد المواطنون بخوض إضراب مفتوح عن الطعام مع نسائهم وأطفالهم في حال لو تتم الاستجابة لمطالبهم بحل أزمتهم بعد هذه المدة الطويلة من الإقامة في الكرفانات.

أما رئيس بلدية خزاعة شحدة أبو روك فقد وصف معاناة سكان الكرافانات بالأزمة الكبيرة، داعيًا مؤسسات العمل الدولي والأهلي بعمل اللازم، وقال:" نحنُ نستثمر علاقاتنا جيدًا مع المعنيين في سبيل توعيتهم بضرورة المساعدة ودعم أصحاب الكرفانات، ودعا السكان للتحلي بالصبر".

المواطنة مريم قديح (45 عامًا )  لجأت من الكرفان الذي كانت تقيم فيه إلى بيت أخيها داخل القرية، حيث كان حظ الأخير أفضل إذ أن بيته لم يصب بأضرار كبيرة على عكس بيت أخته الذي دُمِر تمامًا في القصف.

تقول قديح:" فرق كبير بين أن تكون تحت سقف كرفان، وسقف بيت عامر، وأتمنى أن تُحل معاناتنا في القريب العاجل، نفسيتي متعبة جدًا بفعل صعوبة العيش في الكرفانات". وتتساءل :" ماذا ستفعل لك مساحة الكرفان الضيقة، ومعدنها الذي إن لمسته كأنك تلمسُ جمرة نار في عزِ هذا الحر ؟".

من ناحيةٍ أخرى، وفي محاولةٍ للهروب من أجواء الكرفانات، لجأ مواطنون في البلدة لبناء بيوتهم من الخشب، بتمويلٍ من مؤسسات خيرية، ويصف المهندس شادي أبو ريدة والمشرف على العمل المشروع بالمريح لسكانه والاقتصادي. ويضيف:" في هذه الأجواء الحارة، فإن البيت الخشبي أفضل بكثير من الكرفانات، ويقي من درجات الحرارة العالية، وهو خيار جيد للسكان الذين دمرت إسرائيل بيوتهم بشكل كامل".


 

حرره: 
م.م