مهزلة الحكومة الإسرائيلية

الحكومة الإسرائيلية السابقة

جدعون ليفي

منذ البداية ما كان ينبغي أن يكون مرشح المعسكر الصهيوني لرئاسة الوزراء؛ كان عليه أن يستقيل، بالضبط مثل نظيره إد ميلبند عشية هزيمته. ولكن حتى لو تجاوز هذين العائقين – أمس، اليوم، أو في أقصى الأحوال غدا، فان عليه أن يستقيل من منصبه في أعقاب الفيلم الوثائقي الذي كشف النقاب عن سلوكه في حملة الانتخابات.

من آمن قبل الانتخابات بأنه هو الرجل، من آمن بعدها بأن عليه أن يبقى ويواصل القيادة – كان ينبغي له أن يشاهد فيلم عنات غورين، “هرتسوغ”، الذي بث قسمه الأول أول يوم أمس في برنامج “همكور” في القناة 10. وكل ذلك من أجل الفهم بأن اسحق هرتسوغ قد يكون رجلا ممتازا، لطيف المعشر، نزيه، مثقف ومستقيم، ولكن من هذا التيس لن ينزع حليب رئيس وزراء، زعيم أو سياسي على الأقل.

غداة الانتخابات، أو في أقصى الأحوال غداة بث “هرتسوغ”، كان ينبغي لهذا الموضوع أن ينتهي. هرتسوغ غير مناسب، هرتسوغ لم يكن أبدا مناسبا – وألان الفيلم أيضا.

هرتسوغ في “هرتسوغ”، مثل هرتسوغ في الحياة، ليس ملائما لان يكون رئيس وزراء، ولا حتى رئيس معارضة. كان هناك من اعتقدوا ذلك منذ زمن بعيد، ولكن حتى من اخطأ وآمن به لم يعد يمكنه أن يتنكر للصورة التي برزت أول أمس من الشاشة الصغيرة.

“إذن ما الذي تريدونه؟ قولوا إلى أين؟”، يسأل هرتسوغ في إحدى لحظات الهبوط في توثيق حملته. “هل يمكن لأحد أن يأتي إلينا؟ ليوجهنا؟ ليشرح لنا ماذا يحصل؟”، بدأ يقول في لحظة حرج أخرى من انعدام الوسيلة والعجز، شبه الباعثة على الشفقة. وفعلا، أين سيقف؟ قرب الشجرة التي زرعها جده في غوش عصيون؟ إذ هنا تقع الشمس على وجهه، ومن هناك لا يرى المرء النصب التذكاري. إذن ماذا سيفعل؟ وماذا سنفعل نحن؟ لعله يجب أن نذكر براك اوباما في الخطاب؟ ولعله لا؟ ولعله يجب أن يكون هناك ماء على الجدار؟ ولعله لا. وفي كل الأحوال لعله يجب وضع الخطاب على الجدار ولعله لا.

لقد سبق أن شاهدنا هنا سياسيين سخيفين أن أصبحوا دمى في أيدي مستشارين إعلاميين. مستشارون إعلاميون متبجحون هم أيضا شاهدناهم حتى التعب. ولكن الخليط الذي يتكون من روبين أدلر واسحق هرتسوغ هو بالتأكيد اكثرهم تلفا: تعابير الغرور والاعتداد من المستشار الساحر، الذي يتفجر من شدة الشعور بالأهمية الذاتية، اقدامه على الطاولة، أمام انعدام الوسيلة لدمية المسرح التي يحاول ان يحركها بخيوطه الوهمية. خليط من السياسي الضعيف واليائس والمستشار المغرور لم يؤدِ أبدا إلى أماكن طيبة؛ فمتى سينهض هنا السياسي الذي لن ينصت للمستشارين؟

الرجل الذي شهد على نفسه “عندي إحساس باني أقف على رأس معسكر كبير”، وانه “يرى خطوات إلى الأمام”، ما كان ينبغي منذ البداية أن يتنافس على منصب اكبر من حجمه. ولكن السياسي – النبي لم يتنازل. لعل هذه هي مأساته ولعلها مأساة حزبه. وقد أصبحت ألان مهزلة، وقريبا ستصبح مصيبة.

وهكذا هي وجه الأمور: الحكومة الأكثر يمينية، قومية ودينية في تاريخ الدولة صعدت إلى الحكم بأغلبية طفيفة. عناصرها تجاوزت حدود الهذيان، وتصريحاتهم تجاوزت حدود الذوق السيء. حكومة وزير التعليم فيها يشرح بان “التعليم هو التطلع لان يحب كل طفل وطفلة الوطن”، هي حكومة هواة جمع الأشياء: هكذا تحدثوا ذات مرة في رومانيا نيكولاي تشاوتشسكو. ربما أيضا في ألمانيا أنور هوجا. على هذه الحكومة يشرف رئيس وزراء نفد جدول أعماله: إيران نزلت من الصورة ومثلها أيضا الأمل في الدولتين. ولم يتبقَ له غير تقويض نظام الحكم على طريقة الحكام الذين يبقون في الحكم لزمن طويل جدا.

ومن يقف أمام كل هذا؟ اسحق هرتسوغ. زعيم المعارضة. حفيد الحاخام وابن الرئيس.

هذه المهزلة يجب أن يوضع لها حد.

 

 

حرره: 
د.ز