"اتفاق مكة 2"..حماس تلعب على التناقضات السياسية!

اتفاق مكة

سناء كمال

(خاص) زمن برس، فلسطين: لم تكن دعوة حركة حماس على لسان القيادي فيها محمود الزهار للمملكة السعودية من أجل بلورة اتفاق مكة 2 بنية تحقيق المصالحة بين حركته وغريمتها فتح، إلا محاولة منها لتهيئة ظروف أفضل للعلاقة مع المملكة خصوصاً،  بعد فشل تنفيذ العديد من الاتفاقيات التي تم توقيعها في العواصم العربية ، ومنها مكة والدوحة والقاهرة، وبعد تغيير السعودية من علاقاتها مع قوى الاقليم وفي مقدمتها موقفها من الإخوان المسلمين.

" وكانت الدعوة الحمساوية للمملكة ما هي إلا مجاملة سياسية ورد جميل من حماس لتغير سياسة المملكة تجاهها، فهي تتبع سياسة مرنة وتتكيف مع التغيرات الإقليمية ومحيطها، بعد نضجها السياسي الذي وصلت إليه، فالدبلوماسية الحمساوية تحتم أن تميل الحركة تجاه السعودية  في ظل سياستها الخارجية التي تهدف إلى الابتعاد عن الخلافات بينها وبين الدول الأخرى"، يقول الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني لزمن برس، موضحاً في الوقت ذاته أن الحركة لن تتخلى عن غيران التي تدعمها عسكريا.

وأشارت مصادر مقربة من الحركة فضلت عدم الكشف عن اسمها لزمن برس" أن قناة اتصال قوية مفتوحة بين حماس والسعودية، وأن مسؤولين سعوديين لهم ثقلهم في الحكم الملكي وعدوا الحركة بأن تحل كافة القضايا العالقة بما يضمن تحقيق المصالحة "وأن أي اتفاقية جديدة لن تكون كسابقاتها، تبعاً لتغير الموقف الملكي من الإخوان وادراكهم أن معاداة الاخوان المسلمين يقوي شوكتهم ولا يضعفها".

وأوضحت المصادر ذاتها أن تغيراً ملموساً في موقف المخابرات المصرية من الحركة، ظهر مؤخراً،   وتسلمت الأخيرة رسالة منهم مفادها:ط نحن نعي تماماً أنه لا علاقة لكم بما يجري في سيناء"، مشيرةً (المصادر) إلى أن ذلك تبعه تخفيف من الاحتقان في الاعلام المصري ضد الحركة.

القيادي في الحركة أحمد يوسف يرى بأن ركود الحالة الفلسطينية وعدم أي حراك فصائلي يساهم في إيجاد حلول جدية وحقيقية لاتمام المصالحة الفلسطينية إضافة إلى انشغال مصر في شؤونها الداخلية ومحاولة تامين استقرارها الداخلي، والحديث الجاري مؤخرا عن نية حماس إقامة دولة في غزة، فكان لا بد للحركة أن توجه نداءاً للعالم العربي من أجل ايجاد حلول ترفع معاناة الشعب الفلسطيني.

وعن استهداف السعودية تحديداً يقول المستشار السابق لإسماعيل هنية:"  السعودية لها مكانتها السياسية وتستطيع أن تدفع أهم دولة في الجوار وهي الجمهورية المصرية لفتح الملف من جديد"، منوها إلى أن حركته تعمل على إعادة الكرة لملعب السعوية من جديد خاصة في ظل الجدية والالتزام من قبل حركته وصدقيتها هذه المرة".

ويضيف يوسف:" السعودية دولة إقليمية لا يمكن تجاهل دورها في إيجاد حل حقيقي لتحقيق المصالحة الفلسطينية، بعد التغيرات الجذرية التي عصفت بالسعودية وتولي الملك الجديد زمام الأمور التي تعكس روحاً جديدةً في تناول قضايا الوطن العربي ستكون طرف بشكل أو بآخر لها ثقلها السياسي".

الثقل السياسي السعودي أوضحته المصادر المقربة من حماس أنه يتمثل في عدة محاور أولها قرب الملك سلمان من الإخوان المسلمين وتعاطفه معهم، واتباعه سياسة احتوائهم لا معاداتهم في ظل نيته تشكيل محور سني كامل في المنطقة العربية، واكتسابه ورقة رابحة تمكنه من أن يكون لاعباً اقليمياً، وحماس تعي هذه النقطة جيداً وهو ما ستقدمه للسعودية في مجال حل مشاكلها العالقة مع فتح.

وأضافت تلك المصادر:" السعودية، تحديداً يمكنها أن تضغط على السلطة لأنها الدولة الوحيدة عربيا التي تدفع للسلطة المنحة دون أي تأخير ولها كلمتها على السلطة وفتح والرئيس محمود عباس، كذلك الأمر بالنسبة لمصر وهو ما لمسناه أخيرا من مرونة الجانب المصري مع الحركة ونية رئيس المخابرات المصرية لقاء السيد خالد مشعل".

وعن صياغة الاتفاق الجديد يوضح أحمد يوسف" أن هذا الملف لن يتحرك بعيدا عما كان موجود من أفكار ستتحرك ضمن منظومة وعناصر التفاهم والاتفاق بين الفلسطينيين وستكون المرجعية في كل ما سبق الاتفاق عليه ولن تكون مصر بعيدة لما لها من دور اساسي وكذلك الدوحة".

إصرار حماس على أن تكون المرجعية التفاهمات التي توصلت إليها في الاتفاقات السابقة ما هي إلا محاولة منها "لتناور بين كافة الاطراف على ان ترضي الجميع، في مقدمتها مصر باشتراطها ان تكون المباراة مبينة على أسس اتفاق القاهرة، واتفاق الدوحة وهو مراضاة لقطر، واتفاق الشاطئ وهو مراضاة لعباس وبالتالي تعمل على كسب ود الجميع بما يضمن مصلحة الوطن ومصلحتها" يقول الدجني.

لكنه يستدرك قوله:" ذلك كله لن يكون على حساب علاقتها بايران، مع العلم ان السعودية تسعى بكافة الاشكال لسد الثغرات التي ملأتها ايران بابتعاد السعودية عن المحور الاقليمي"، منوها إلى أن يمكن لايران ان تدعم المقاومة والسعودية تدعم الاقتصاد الفلسطيني وتقدم الدعم المالي بما يمكنهم من الصمود أكثر، وهو ما تسعى إليه حماس بتكامل الأدوار.

واتفق كلا من الدجني ويوسف على أن أمريكا هذه المرة لن يكون لديها فيتو ضد اتمام المصالحة لعدة أسباب تتقدمها أن العداء لحماس يكلف أكثر من احتوائها، إضافة إلى عدم تمكن أمريكا انجاز أي تسوية سياسية في ظل الانقسام بين الفلسطينيين وعدم وجود طرف موحد يمكن التفاهم معه.

وفي حال تم بلورة اتفاق مكة2 فإنه سيكون تعزيز لحماس وقوتها على الساحة السياسية كما تؤكد المصادر المقربة من الحركة.

بيد أن الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب أبدى تخوفه من إبرام أي اتفاق جديد في السعودية، خاصة وأنه بعد اتفاق مكة 1 عُمق الانقسام بين الحركتين عقب تشكيل حكومة التوافق وأحداث "الانقلاب" وسيطرة حماس على القطاع حتى اليوم، مشيرا إلى أنه يخشى هذه المرة أن يصبح الواقع انفصال وليس انقسام، وتشكيل دولة في غزة بشكل حقيقي وواقعي.

ويقول حبيب لزمن برس:"دعوة حماس للسعودية لإعادة صياغة اتفاق مكة، إلى اتفاق مكة ـ 2 هو أحد مساعي كارتر في إدارته المحتملة للملفين، من خلال دور سعودي بارز في هذا السياق، خاصة فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية، يقال إن الرياض طالبت حركة حماس بالاعتراف «بالمبادرة العربية» التي أقرتها القمة العربية في بيروت على أساس المبادرة السعودية بهذا الشأن، كي تتمكن السعودية من أن تلعب دوراً مركزياً، كضامن لمصالحة فلسطينية داخلية".

ويضيف حبيب:" ، ومن خلال توفير العنصر المالي اللازم لتسوية أوضاع موظفي «حماس» ودمجهم في رواتب السلطة الفلسطينية، كما أن دعوة قيادة «حماس» إلى مكة ـ 2، يعني ببساطة سحب ملف المصالحة من جمهورية مصر العربية التي كانت تستحوذ على هذا الملف بدعم من الجامعة العربية، ومن طرفي الأزمة، حتى الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة".

ويرى حبيب" أنه يمكن أن تشكل هذه الدعوة، سذاجة واضحة، باعتبار أن الأمر لم يعد بحاجة إلى مبادرات واتفاقات جديدة، هناك ركام من هذه التوافقات تكللت بتشكيل حكومة الوفاق الوطني، لكن الأمر يعود بدرجة أساسية إلى ترحيل المصالحة إلى أبعد مدى ريثما تنجلي صورة المساعي الحثيثة التي تقوم بها كل من تركيا وقطر وإسرائيل لترسيم دولة «حماس» في قطاع غزة، وربما خشية كارتر من أن يسبق هذا الملف المتعلق بدولة غزة، نجاحه في إحراز تقدم على ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية، هو الذي جعله يؤخر الزيارة، وربما يلغيها تماماً" على حد تعبيره"

حرره: 
م.م