الانتهاكات الإسرائيلية تُغيب المرأة الفلسطينية عن يومها

الانتهاكات الإسرائيلية

سناء كمال

(خاص) زمن برس، فلسطين: في اليوم الذي تحتفل فيه المرأة في كافة أنحاء العالم بيومها العالمي في الثامن من آذار من كل عام وبانجازاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتكون الإهداءات والأماني والتهاني هي المسيطرة على حياتها في هذا اليوم، تكون المرأة الفلسطينية بشكل عام وفي قطاع غزة بشكل خاص، لا تشعر به نتيجة لتعرضها لانتهاكات تطال حقوقها من أكثر من جهة وجانب، أولها وأصعبها الاحتلال الإسرائيلي الذي شن ثلاثة حروب في ستة أعوام فقط.
"عن أي يوم تتحدثون" هذه العبارة هي التي تتصدر ردود النساء اللاتي يبادر أزواجهن أو أخوتهن أو حتى صديقاتهن لتهنئتها بيومها العالمي، وذلك إذا ما تناسوا الأوجاع والآلام التي تكسو المرأة في غزة، فبالنسبة لعدد كبير من النساء لا يستشعرن بأن لهن يوم يُحتفل به في كل أنحاء العالم، فظروفهن الصعبة التي يعشنها في الوقت الراهن أقوى وأكبر من الانتباه "لمثل هذه الأمور السطحية" كما يقُلن.
ولعل التشرد وفقدان الأمل في مستقبل مشرق هو ما يطفو على سطح أصعب الأوضاع المعيشية للنساء في غزة، وذلك عقب الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي خلفت الآلاف من النساء المشردات، بعدما هدمت الآليات الحربية الإسرائيلية منازلهن، وتركتهن في الشوارع بلا مأوى ولا مكان آمن يلذن إليه.
أم محمد عطية (50 عاما) من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، تعيش في "شبه منزل" جدرانه من "خشب المشاطيح" مكسو ببقايا أغطية ممزقة أعطاها لها جيرانها، تليها قطعة كبيرة من النايلون لتحميها من الأمطار، حياتها أقرب إلى الحياة البرية، وذلك بعدما فقدت منزلها وولدها الوحيد في حرب إسرائيل على غزة.
وتقول لزمن برس:" كيف بهنونا بيوم المرأة، واحنا مشردات قتلوا ولادنا ودمروا بيوتنا وشردونا بالشوارع ما بنلاقي الأكل والغطا ولا الأمان"، في إشارة منها إلى الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل التي اخترعتا هذا اليوم وفق اعتقادها.
ولا تكف أم محمد عن البكاء وندب حظها، خاصة وان أملها بالحياة قد رحل عنها _ابنها وولديه وزوجته_ وتركها وحيدة، رافضة اللجوء إلى أحد من أقاربها، وزيادة حملهم في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها.
وتضيف لزمن برس:" هنا مكاني، حتى وإن بقيت على أنقاض منزلي لكن ريحة ابني وولاده هان ومش حبعد عنهم لغاية ما أموت"، مشيرة إلى انها لم تستلم كرفان مثل جيرانها إلى أن المنزل ليس باسمها ولا حتى باسم ابنها وهو ما حال دون استلامها مكان يأويها حتى وإن كان غير آمن هو الآخر.
ولا تختلف سعاد (33 عاما) وهي امرأة عاملة في موقفها عن أم محمد، رغم أن حياتها الاجتماعية مختلفة عنها تماما، فهي إمرأة عاملة وتحظى ببيت يأويها وزوج يساندها لكنها لا تشعر بالأمان في ظل تردي الأمن والأمان في قطاع برزت بشكل واضح عقب الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
وتخشى سعاد على نفسها وزوجها وأولادها من السرقة أو الاختطاف أو حتى القتل، على غرار الأحداث التي جرت في القطاع في الآونة الأخيرة، كانت آخرها اختفاء فتاة من عائلة أبو هاشم تبلغ من العمر 17 عاما في ظروف غامضة، وسبقتها قتل المسنة سميحة عوض الله من أحد المقربين منها.
وتقول سعاد لزمن برس:" في ظل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السيئة التي تعيشها نساء غزة، لا تشعرن بيومهن فهن بالكاد يلتفتن إلى المناسبات بقدر ما يسعين إلى تأمين حياة إنسانية لهن ولعائلاتهن يستطعن خلالها من مواجهة الأعباء اليومية التي تزداد عليهم.
ووفق سعاد فإن جميع نساء غزة متساويات في المعاناة حتى وإن تباينت أشكالها، لكن المعاناة هي التي تسيطر عليهن مهما تعددت أعمارهن أو اختلفت ظروف حياتهن، "فلكل واحدة منهن همها الذي يكفيها ويزيد" تضيف لزمن برس.
ولعل الإحصائيات الضخمة التي خلفتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة هي أكبر دليل على ما تؤكده سعاد، فـ(34697) إمرأة في قطاع غزة هُجرن من منازلهن خلال الحرب الإسرائيلية، فيما فقدت (791) سيدة زوجها، وذلك وفق إحصائية مركز الميزان لحقوق الإنسان.
وأشار المركز إلى أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب بحق النساء، حيث أنهن يعانين من ظروف بالغة القسوة بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ عام 2007، داعيا المؤسسات الحقوقية الولية إلى دعم المرأة في القطاع وحمياتهن من الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحقهن.

حرره: 
م.م