موظفو غزة يتلقون رواتبهم..يا فرحة ما تمت !

رواتب غزة

سناء كمال

(خاص) زمن برس، فلسطين: لا يعلم موظفوا غزة الذين اصطفوا بالآلاف أمام مقر البريد في مدينة غزة ليتلقوا مبلغا ماليا وقدره (1200$) هل هي من ضمن مستحقاتهم المالية على الحكومة، أم هي مساعدات مقدمة من الجهات المانحة رأفة بحالهم التي أصبح يٌرثى لها بعد أن انقطعت عنهم الرواتب بشكل كامل عقب استلام حكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد لله، وذلك للخلاف الدائر حول شرعيتهم من عدمها.

ساعات طويلة انتظرها الموظف عمر الحايك (33 عاما) أمام مقر البريد وسط طابور جمع الآلاف من زملائه حتى يحصل على راتبه، وبعد طول انتظار حصل على المبلغ وهو يضع يده على قلبه متخوفا من أن يتم خصم مستحقاتٍ بنكية لقرض كان استلفه منه سابقا.

ويقول لزمن برس:" لم نصدق أن تكون الحكومة صادقة هذه المرة بعد أن قاموا بوعدنا آلاف المرات ولم نستلم"، ويضيف وهو يبتسم بسخرية:" لكن يا حسرة علينا ويافرحة ما تمت هيني استلمت الفلوس باليمين وراح اسددها ديون بالشمال يعني من هان اخدنا ومن هان أعطينا" في إشارة ليديه الاثنتين.

وكذلك الحال بالنسبة لعايدة سيسالم (40 عاما) التي اصطفت هي الأخرى مع زميلاتها أمام البريد كي تتلقى دفعة من راتبها، لكنها لا تعرف كيف ستتصرف بها خاصة وأن الأشهر التي لم يتلقوا فيها رواتبهم تراكمت عليها ديون ومستحقات لأصحاب المحلات التجارية والبقالة والخضرة.

وتقول سيسالم لزمن برس:" هذه الأموال هي جزء من مستحقاتنا على الحكومة، ولا تكفي لشيء ولكن ريحة البر ولا عدمه"، مستاءة من الازدحام الكبير داخل البريد وعدم صرفها عن طريق البنوك في القطاع.

غير أنه في الوقت ذاته لا تعرف سيسالم هل ستتمكن من تلقي راتبها شهريا، أم أنها فقط لمدة شهر، كي يصبروا على الحرمان شهور طويلة أخرى، وتضيف:" نأمل أن تحل أزمتنا كليا وألا تبقى كذلك لفترة طويلة، حتى نعود لحياتنا الطبيعية مرة أخرى".
أما المسن أبو محمد الشرباصي (65 عاما) فلم يجد وسيلة سوى أن يحضر بنفسه على كرسيه المتحرك كي يستلم راتب ابنه الشهيد في الحرب الأخيرة والذي أصبح وكيلا عنه بعد استشهاده، ويقول الشرباصي لزمن برس:" ابني استشهد وعليه ديون كثيرة حين كان يستلف من أصدقائه والدكان وغيرها وهذا المبلغ لن استفيد منه ولكنني سأسدد ديون ابني كي يشفع له الله".

وكانت عشرات الآلاف من موظفي غزة تجمعوا أمام مقر البريد كي يُحصلوا دفعة من رواتبهم المستحقة والتي لم تصرفوها لهم لأكثر من 5 أشهر، وكانوا يحصلون على دفعات من مستحقاتهم السابقة من حركة حماس التي كانت تتولى الحكومة بغزة.

ولم يكن ملف رواتب موظفي غزة بالهين بالمشاورات  والمباحثات بين فتح وحماس، فكان من أهم الملفات التي قد تعيق اتمام المصالحة، ولكن في اتفاق الشاطئ تم التوافق بين الحركتين على أن يتم تشكيل لجنة لبحث أسماء الموظفين وإعادة رواتبهم وضم عدد منهم في حكومة التوافق لحين اتمام الانتخابات التشريعية والرئاسية.

غير أن العسكر من موظفي غزة بقوا على ما هم عليه فلم يتلقوا دفعةً مالية أسوة بغيرهم، ويعتبر عدد منهم بأنها كذبة ومهانة لهم ولمن حصلوا على الاموال فقط لأنه يتم التلاعب بقضيتهم، ويقول الشرطي محمود عباس:" هذه كذبة كبيرة، وهي لعبة سياسية بحتة، يتلاعبون بنا جميعا ويريدون إذلالنا بالنقود كي لا تنفجر الامور في غزة"، مشيرا إلى أنه راض بما هو عليه الآن على الرغم من أنه بحاجة ماسة للحصول على مستحقاته كي يستطيع الاستمرار بحياته بشكل طبيعي ويعول أسرته المكونة من 10 أفراد بينهم والديه المسنين.

وربما أكثر ما يحزن عباس هو ان أطفاله الصغار كانوا يسألونه أمس إن كان سيأتي لهم بالألعاب بعد أن يستلم راتبه ويقول لزمن برس بحسرة:" ماذا سأقول لهم؟ وكيف سأبرر لهم ما يجري لنا هل أقول بأننا مغضوب علينا من إسرائيل وأمريكا لذلك لم أشتري لكم هدية متواضعة؟".

ولم يعد يحتمل الرد على هاتفه النقال والدائنين يسألونه إن كان سيستطيع سد جزء من دينه لهم من المال الذي سيقبضه اليوم لكنه يرد عليهم بصوت أقرب إلى اليأس:" والله ما هو احنا اللي راح نقبض هدول المدنيين احنا عساكر يعني مغضوب علينا".

وكانت قطر قد تدخلت بين الحكومة وحركت حماس وتعهدت بدفع رواتب موظفي غزة لمدة 3 أشهر لحين انتهاء اللجنة من عملها، ولكن حكومة الوفاق أعلنت بأن هذه الأموال هي مساعدة انسانية مقدمة من مكتب دعم الاستقرار التابع للأمم المتحدة.

حرره: 
م.م