حرب نفسية مزدوجة وناجحة

حرب نفسية

يمكن ظاهرا التعامل باستخفاف مع بيان ايران امس بانها طورت طرازا جديدا من الصواريخ الجوالة لمسافة 700كم. ليس سرا أن ايران تطور صواريخ جوالة، ويوجد لديها منذ الان عدة أنواع كهذه لمديات مختلفة، في البر، في البحر وفي الجو. وعليه، فليس في ذلك ظاهرا أي جديد كبير، فما بالك ان ايران درجت منذ نحو عقدين من الزمان على نحو ثابت على التبليغ بين الحين والاخر بتطوير منظومة سلاح حديثة – من الراجمات وحتى الطائرات، الطائرات بدون طيار والغواصات.

كما يمكن الادعاء بان بيانات كهذه عن تطوير وانتاج منظومات سلاح بشكل عام وصواريخ بشكل خاص هي جزء من حرب نفسية (دعائية) مزدوجة – ينبغي الاعتراف بانها ناجحة جدا – تخوضها ايران. تجاه الداخل ترمي هذه الحرب الى اكساب النظام ومؤيديه ثقة بالنفس وزيادة تأييد الشعب للنظام؛ وتجاه الخارج تستهدف مثل هذه البيانات ردع أعداء ايران – الولايات المتحدة، اسرائيل والغرب – خشية أن يتجرأوا على مهاجمتها. وهذه رسالة بصيغة نحن أقوياء ولهذا لا تتجرأوا على التورط معنا.

ولكن من الافضل ان نأخذ الامور بجدية. فايران تثبت بانه رغم نظام العقوبات المفروضة عليها والمصاعب التي تواجهها في شراء منظومات سلاح او عناصر لها، نجحت في أن تطور بقواها الذاتية صناعة سلاح بالغة الاثارة للانطباع. ومؤخرا كشف النقاب عن طائرة بدون طيار هجومية من انتاج ايراني استخدمها حزب الله ضد هدف للقاعدة في سوريا. وتطلق ايران اقمارا صناعية الى الفضاء وتطور صواريخ ارض، بر وبحر من أنواع مختلفة بمسافات متنوعة. أبعدها هي صواريخ باليستية دقيقة، من طراز شهاب لمسافات تتراوح بين 1.200 و 2.000كم يمكنها أن تضرب كل هدف في اسرائيل.

لقد طورت ايران منذ الان صواريخ جوالة لمديات مختلفة. وحتى وقت اخير مضى كان معروفا عن صاروخ كهذا لمسافة 300كم. والان بشرت ايران بتطوير قدرة صواريخها الجوالة مع «يا علي» – وهذا هو اسم الصاروخ الجديد لمدى 700كم.

والميزة الاكبر للصواريخ الجوالة هي أنها متملصة. فهي يمكنها أن تطير على ارتفاع منخفض وتتفادى الانكشاف في رادات الخصم. ومع ذلك، لا يدور الحديث عن صاروخ جوال فوق صوتي، الذي لدول قليلة فقط في العالم توجد التكنولوجيا المتطورة لانتاجها.

صحيح ان الصاروخ غير قادر على الوصول الى اسرائيل. وصحيح ايضا ان طائرة قتالية يمكنها أن تعترض صاروخا جوالا. فقد سبق لهذا ان حصل في بداية حرب يوم الغفران في 1973، التي بدأت باطلاق صاروخ جوال من طائرة قتالية مصرية نحو تل أبيب. ولكن ايران يمكنها ذات يوم أن تنقل صواريخها الجوالة الى حزب الله وحماس. ولدى حزب الله توجد منذ الان صواريخ جوالة اكثر تطورا من طراز «ياخنت» من انتاج روسي.

وهذه صواريخ جوالة بر – بحر من أكثر الصواريخ تطورا في العالم، وهي قادرة على أن تضرب طوافات التنقيب عن الغاز الاسرائيلية في البحر الابيض المتوسط.

كما أن توقيت النشر في ايران لا يمكنه أن يكون مصادفا. فايران والقوى العظمى (مجموعة 5 + 1) توجد في مراحل حساسة ومتقدمة من المفاوضات على البرنامج النووي لطهران. وبقيت الفجوات واسعة، ولكن توجد ايضا مؤشرات على استعداد القوى العظمى لتلطيف حدة موقفها.

والنشر ليس مصادفا ايضا بسبب حقيقة أنه جاء قبل يوم من خطاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الامم المتحدة، والذي سيحاول ايقاظ الرأي العام في العالم من جديد لما يصفه بـ «خطر النووي» الايراني. وأمام العضلات التي سيحاول نتنياهو مرة اخرى استعراضها، تطلق ايران رسالة خاصة بها: نحن أقوياء ومتقدمون في مجال تكنولوجياتنا العسكرية.

يوسي ميلمان

معاريف الاسبوع