هل تلوح حماس بتفعيل قناة اتصال سرية مع إسرائيل للضغط على مصر؟

غازي حمد
 
زمن برس، فلسطين: كشف وسام عفيفة رئيس تحرير صحيفة الرسالة التابعة لحركة حماس تفاصيل عن قنوات الاتصال السرية بين حركة حماس وإسرائيل في عدة مراحل كان الصراع فيها محتدماً بين الطرفين كما هو الآن.
 
وقال عفيفة في مقالٍ تم إبرازه بشكل يبدو مقصوداً على قائمة العناوين الرئيسية في موقع الرسالة الإلكتروني" إنه في محطات سابقة وصلت المفاوضات إلى ذروتها عبر قناة اتصال سرية تم خلالها اتمام صفقة "وفاء الأحرار" التي أفرج بموجبها عن 1027 أسيراً فلسطينياً مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة حينها، جلعاد شاليط".
 
وأضاف عفيفة:" اعتمدت استراتيجية حماس التفاوضية مع إسرائيل خلال السنوات الماضية على الاتصال غير المباشر عبر وسيط كانت تتوج أحيانا باتفاقيات جزئية تتعلق بقضايا مرتبطة بظروف الصراع مع الاحتلال، وتعد القناة السرية بين غازي حمد وكيل وزارة الخارجية في حكومة غزة السابقة، والصحفي الإسرائيلي غرشون باسكين، أقرب اتصال مباشر بين الطرفين جرى خلال الفترة بين عامي 2010-2011، لإنضاج صفقة وفاء الأحرار".
 
ورأى عفيفة في مقاله:" أنه من المناسب حالياً  أن تعود حماس للتفكير بفتح قناة اتصال غير رسمية على غرار قناة (غازي- غرشون)، تساهم في انضاج اتفاق يخدم مسار المفاوضات الحالي في القاهرة، ما يجعل الباب مفتوحا لنمط جديد وطريقة مختلفة للحديث مع الإسرائيليين، خصوصا اذا بقي مسار المفاوضات والوساطة المصرية كما يصفها مراسل الشؤون الفلسطينية في الإذاعة الإسرائيلية، يغآل بيرغير، الذي قال إن "المصريين لا يحملون عصا في غرفة المباحثات مع (حماس)، بل مدفعاً، ويمارسون كل الضغوط عليهم من أجل إجبارهم على قبول وقف إطلاق النار من دون أي مقابل". 
 
 ويبرر عفيفة حديثه هذا بأن الوسيط المصري يلعب دوراً كبيراً في الضغط على حماس والرغبة بتحجيمها وتحجيم المقاومة اكثر مما تقوم به إسرائيل كما جاء في مقاله. 
ويثير هذا المقال تساؤلات حول دوافع نشره في هذا التوقيت وإبرازة من قبل وسيلة إعلام تابعة لحركة حماس، خصوصاً في ظل انتقادات كثيرة توجهها قيادات في حركة حماس للدور المصري في مفاوضات القاهرة، واتهامها بالانحياز لإسرائيل. 
 
وفيما يلي نص المقال المنشور: 
 
في ذروة العداء بين حركة حماس وإسرائيل كانت هناك محطات أجبرت الطرفين على إجراء مفاوضات للخروج من عنق الزجاجة، وكان السؤال المحرم لدى الطرفين هل يمكن أن تجري مفاوضات مباشرة؟ لكن لا إجابه واضحة حتى اللحظة، خصوصا منذ أصبحت حماس رأس حربة للمقاومة الفلسطينية منذ تأسيسها عام 1987، فهل يبقى الأمر كذلك؟

هذا السؤال يعود ليبرز اليوم في ظل مفاوضات غير مباشرة تجري بوساطة مصرية في القاهرة، على وقع الصواريخ في غزة و"إسرائيل"، بينما تشارك حماس ضمن وفد فلسطيني يمثل جميع الفصائل للمرة الأولى.

وتبرز علامات استفهام حول طبيعة الدور المصري الذي يجمع الساسة والمحللون الإسرائيليون أنه يتوافق مع أهدافهم، ما دفع الصحافية الإسرائيلية كيرين نويبخ، التي تقدم برنامج "سيدر يوم" في شبكة "الإذاعة الثانية" العبرية، للتساؤل بعفوية، "نحن نعرف أن السيسي، يكره (حماس) أكثر مما نكرهها، لكن ماذا نستفيد نحن من ذلك؟ نحن نريد وقف إطلاق النار، وهذه مصلحتنا، وهو يريد غير ذلك".

في محطات سابقة وصلت المفاوضات بين حماس و "إسرائيل" إلى ذروتها في صفقة تبادل الأسرى (صفقة وفاء الأحرار) وشملت الإفراج عن 1027 أسيراً فلسطينياً مقابل الجندي الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط في 11 أكتوبر 2011 بوساطة مصرية، وما تلاها من مفاوضات التهدئة مقابل تخفيف الحصار عقب الهجوم الذي شنه الجيش الإسرائيلي تحت اسم عامود السحاب بعد اغتيال أحمد الجعبري أحد قادة حركة حماس في غزة في 14 نوفمبر 2012.

اعتمدت استراتيجية حماس التفاوضية مع إسرائيل خلال السنوات الماضية على الاتصال غير المباشر عبر وسيط كانت تتوج أحيانا باتفاقيات جزئية تتعلق بقضايا مرتبطة بظروف الصراع مع الاحتلال، وتعد القناة السرية بين غازي حمد وكيل وزارة الخارجية في حكومة غزة السابقة، والصحفي الإسرائيلي غرشون باسكين، أقرب اتصال مباشر بين الطرفين جرى خلال الفترة بين عامي 2010-2011، لإنضاج صفقة وفاء الأحرار.

ولعبت هذه القناة الموازية للمفاوضات الرسمية دورا مهما في نجاح صفقة تبادل الأسرى جرى خلالها تبادل رسائل بين قائد القسام احمد الجعبري ومسئول ملف المفاوضات ديفيد ميدان.

ولدى مراجعة بعض تفاصيل ملف الصفقة وطبيعة دور الوسيط المصري خلال الشهور الأولى عقب عملية الوهم المتبدد، نكتشف أن الوسيط مارس ضغوطا شديدة على حماس لإطلاق سراح الجندي الأسير مقابل وقف العمليات الحربية الإسرائيلية، وفي أحسن الأحوال إطلاق سراح بضعة أسرى فلسطينيين، ولكن حماس أصرت على مدار خمس سنوات من المفاوضات على شروطها بإنجاز صفقة مشرفة، ومع دخول أطراف أخرى على خط الوساطة مثل الألمان كانت تغير مصر من سلوكها مع حرصها احتكار الملف واستبعاد وسطاء آخرين.

ولم تكن مفاوضات إسرائيل -حماس من السهولة بمكان، ليس لأنها تدور حول عملية تبادل أسرى معقدة أو بسبب الخطوط الحمراء والمحرمات الإسرائيلية، بل لأن حماس كان لديها محرمات في آلية التفاوض مع إسرائيل، ولهذا رفضت التفاوض مباشرة (وجه لوجه) في كل المحطات، رغم حاجتها لإنجاز صفقة، واشترطت دائما أن تكون عبر وسطاء، وهو الأمر الذي استفادت منه مصر.

وبعد تولي ديفيد ميدان الضابط المتقاعد في الموساد، ملف شاليط عرض مفاوضات مباشرة مع الجعبري بالآلية والطريقة التي تختارها حماس، لكن مقترحاته واجهت تحفظا من الحركة، ومن بين المقترحات التي وصلت عبر رسالة في تاريخ 19|7|2011 من فريق المفاوضات الإسرائيلي بقيادة ميدان مررها حمد للجعبري لكن الأخير رفض المقترح الإسرائيلي.

وللمرة الأولى نكشف من واقع المراسلات التي اطلعنا عليها أن المفاوض الإسرائيلي "ميدان" سعى للاتصال المباشر مع حماس لأنه اشتكى من أن الوسيط المصري كان في بعض محطات المفاوضات غير متحمس لإنجاح الصفقة.

ولطالما كانت المفاوضات بين حماس وإسرائيل التي رعتها مصر، منذ اتفاقات وقف إطلاق النار المتكررة، مرورا بمفاوضات صفقة الأسرى، ومن ثم طرأ تغير لافت في مفاوضات التهدئة في عهد الرئيس محمد مرسي بعد انتهاء الحرب على غزة 2012، مثار قلق كبير في رام الله باعتبارها تتجاهل منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد وتعطي صفة الشرعية لحماس، لكن هذه الحجة زالت اليوم بعدما أصبحت المنظمة تقود اليوم وفد المفاوضات بالقاهرة.

ويبدو أن الوسيط المصري يبالغ في حرصه على تحجيم مطالب المقاومة لدرجة تهدد بفشل المفاوضات، ولهذا يرى معلق الشؤون الخارجية في القناة "العاشرة"، نداف إيال، أن كل طرف معني بالتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة "حماس" يتوجب عليه الضغط على مصر من أجل تحقيق هذا الهدف.

وقال إيال خلال مشاركته في برنامج مساء الجمعة، إن "الأميركيين أدركوا الحاجة للضغط على مصر من أجل تسهيل مهمة إنجاز وقف إطلاق النار"، منوهاً إلى أن "الوفد الأميركي الذي وصل القاهرة سيركز على محاولة إقناع الإدارة المصرية بتغيير نمط سلوكها".

وفي ظل معطيات التحركات السياسية والدبلوماسية الراهنة، وأمام المحور الإقليمي الجديد الذي ترى فيه حكومة الاحتلال اهم إنجازاتها في الحرب على غزة، قد يكون من المناسب أن تعود حماس للتفكير بفتح قناة اتصال غير رسمية على غرار قناة (غازي- غرشون)، تساهم في انضاج اتفاق يخدم مسار المفاوضات الحالي في القاهرة، ما يجعل الباب مفتوحا لنمط جديد وطريقة مختلفة للحديث مع الإسرائيليين، خصوصا اذا بقي مسار المفاوضات والوساطة المصرية كما يصفها مراسل الشؤون الفلسطينية في الإذاعة الإسرائيلية، يغآل بيرغير، الذي قال إن "المصريين لا يحملون عصا في غرفة المباحثات مع (حماس)، بل مدفعاً، ويمارسون كل الضغوط عليهم من أجل إجبارهم على قبول وقف إطلاق النار من دون أي مقابل". 
 
حرره: 
م.م