"انتل" الشركة التكنولوجية الكبرى: استثمارات في إسرائيل بـ10 مليارات دولار

تل أبيب: بدأت الثورة التكنولوجية في إسرائيل أساساً عندما أفلحت في تغيير منهاجها التعليمي من جهة، واستيعاب الهجرة الروسية من جهة ثانية. وبديهي أن جيش الاحتلال وعبر محاولات تطويره على أرضية الرغبة في الحفاظ على تفوقه النوعي في مواجهة الجيوش العربية، شكل قاطرة تطوير هذا القطاع الذي غدا مركزياً في الحياة العامة الإسرائيلية. فنصف صادرات إسرائيل الصناعية هي نتاج تكنولوجيا عالية لشركات محلية ودولية تعمل هناك.

وعند الحديث عن الشركات التكنولوجية العاملة في إسرائيل، يخصص جانب مهم لشركة "إنتل". ومن بين حوالي 20 ألف خبير ومتخصص تستخدمهم الشركات الدولية العاملة في إسرائيل يعمل حوالي نصفهم (8500) في مراكز شركة "انتل" الكبيرة المقامة في كل من حيفا، و"ياكوم"، و"بيتح تكفا" والقدس، و"كريات غات". وخلافاً لمعظم الشركات الدولية المستجدة النشاط في إسرائيل، فإن شركة "انتل" تعمل في إسرائيل منذ السبعينيات. وتقوم المراكز الإسرائيلية للشركة بدور مركزي في أهم التطويرات التي أدخلتها الشركة على منتجاتها الأساسية، وعلى رأسها المعالجات التي تشكل قلب كل حاسوب يُباع في أرجاء العالم.

وعلى سبيل المثال فإن معالج "سنترينو"، الذي تم تطويره في إسرائيل ووزع في العالم ابتداء من العام 2003، احتوى على تكنولوجيا "WIFI" جعلت منه للمرة الأولى معياراً للحاسوب المحمول الخفيف المقتصد في الطاقة، والمؤهل للارتباط بالانترنت لاسلكياً. كما أن معالج "ساندي بريدج"، الذي أدخل إلى الخدمة في العام 2011 من إنتاج مركز «إنتل» في حيفا، أما خلفه أي معالج "هايفي بريدج"، الذي طور في إسرائيل وأمريكا، فينتج حالياً بكميات هائلة في مصنع الشرائح التابع لـ"انتل" في "كريات غات".

وفضلاً عن ذلك، فإن رابط "ثاندربولت" الموجود في حواسيب "ماكبوك" (والمعد لخلافة رابط USB مستقبلاً) طوره المركز الإسرائيلي لـ"إنتل" بالشراكة مع "أبل". وفي الأسابيع الماضية، أعلنت "انتل" عن الجيل الجديد من الروابط القادرة على أن تنقل للحاسوب معلومات بسرعة 20 جيغا بايت في الثانية، وهي أيضاً نتاج تكنولوجيا إسرائيلية.

وتركز الشركة حالياً في مركزها في إسرائيل على تطوير القفزة التالية في عالم الحواسيب، والمسماة "الحوسبة الحساسة"، والتي ترمي إلى السيطرة مستقبلاً على الحواسيب والأجهزة الأخرى عبر حركات الجسم، والكلام أو النظرة وحتى عبر الأحاسيس.

وبغية فهم المعنى الحقيقي لاستثمارات "انتل" في إسرائيل، يمكن الإشارة إلى ما قاله رئيس "أنتل إسرائيل" مولي أدان عن استثمار 10,5 مليارات دولار حتى الآن في مصانع الشركة في إسرائيل.

وبعد تعرض "انتل" وعدد من الشركات الدولية لانتقادات واسعة في إسرائيل جراء تمتعها بإعفاءات ضريبية، دافع أدان عن شركته قائلاً إنها خسرت مؤخراً فرصة إقامة مصنع آخر يشغل 4500 مستخدم لأن العرض الايرلندي كان أفضل من الإسرائيلي. وأكد أن هناك منافسة شديدة بين الدول لاجتذاب استثمارات تكنولوجية، مشدداً على أن الخسارة لا تنحصر فقط في فقدان أماكن عمل بقدر ما تتمدد لتشمل خسائر مداخيل مالية كبيرة من الضرائب التي تجبيها الدولة على منتجات هذه المصانع.

وأشار أدان إلى الصورة الكاملة التي تعمل فيها الشركات العالمية في إسرائيل، مثل "تيفع" للدواء و"كيل" للأدوات و"انتل" لمنتجات الحواسيب، وأثرها على الاقتصاد الإسرائيلي. وأوضح مثلاً أن "انتل توفر 8500 فرصة عمل هي من الوظائف المنتجة، المجددة وذات الرواتب العالية. ويضاف إلى ذلك واقع أن لذلك تأثيراً على الأعمال غير المباشرة مثل مقدمي الخدمات، من معدي البرامج وصولاً إلى خدمة الإطعام والنقل، والتي تخلق أيضاً حوالي 25 ألف فرصة عمل. وقد بلغت صادرات انتل الإسرائيلية 4,6 مليارات دولار في العام 2012".

ولإظهار الصورة أوضح، بيّن أدان أن "الصادرات الصناعية من إسرائيل تبلغ 46 مليار دولار"، ما يعني أن حصة "انتل" وحدها من هذه الصادرات بلغت عشرة في المئة. ويمضي ليشير إلى أن "صادرات التكنولوجيا العالية تبلغ 21,5 مليارات دولار، ما يعني أن انتل إسرائيل التي تصدر بقيمة 4,6 مليارات دولار، تشكل 20 في المئة من مجموع صادرات التكنولوجيا العالية الإسرائيلية. وكل استثمار جديد لانتل يشكل إضافة لأماكن عمل، وزيادة في الصادرات وزيادة في المداخيل الضريبية للدولة، بحيث إن إسرائيل تخرج في نهاية المطاف رابحة من كل استثمارات انتل".

وسنة بعد سنة، تكبر "انتل" في إسرائيل، ويزداد عدد المستخدمين فيها، وتزداد عوائد الدولة العبرية من الضرائب المفروضة على منتجاتها وعلى العاملين فيها. ووفقاً لرئيس الشركة في إسرائيل فإن الدولة العبرية تجبي ضريبة دخل من مستخدمي الشركة أعلى بستة أضعاف من متوسط ضريبة الدخل في إسرائيل. ولكن ما لا يقل عن ذلك أهمية أن "أكثر من 12 ألف مستخدم تركوا شركة انتل وانخرطوا في القطاع الاقتصادي، وأقاموا مئات الشركات التكنولوجية. كما أن الكثير ممن انتقلوا للعمل مع مركز شركات أخرى في إسرائيل مثل أبل وياهو هم من متخرّجي انتل".

تجدر الإشارة إلى أن 40 في المئة من صادرات إسرائيل هي من انتاج عشر شركات كبرى فقط، وهذه هي سيرورة تطور الاقتصاد الذي يغدو أكثر تركيزاً واحتكاراً حسب ما نقلته صحيفة السفير.

حرره: 
م.م