أن أدوّن أو لا أدوّن

بقلم: 

أكبر كذبة نقولها لأنفسنا " امشي جنب الحيط وقول يا رب الستر"، لأن سياسة الحكومات البوليسية لا تُفرق بين مشاغب أو مهادن، ولا تريد من المواطن أن يكون مهادناً فحسب، بل تريد تحويله إلى نعجة لا تملك أي نوع من الحرية يمكن جرها أينما تشاء.

يبدو أن مقولة شكسبير " أن أكون أو لا أكون" قد انقرضت في هذا الزمن لأننا نعيش زمن الحكومات البوليسية .. و أصبح السؤال المصيري فيه "أن أدوّن أو لا أدوّن"!?.

رقت إرادة الناس، كما رق الدين لديهم، فكلمة "حرام، وحلال" قد تحولت إلى"لائق، وغير لائق" ثم نزلت إلى"معاقب عليه قانونًا، ومباح قانونًا" ثم انحطت آخراً إلى"ممكن، وغير ممكن".   

إنها العبودية الجديدة يا سادة، عبودية أوصلتنا إلى مرحلة صرنا نخشى فيها حتى من التدوين على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يُستهجن مستقبلاً أن نُحاسب ونُعاقب على أحلامنا أو نُمنع من المشي في الشارع برفقة ظلالنا والخافي أعظم!.

حينما استذكر قول الشاعر محمود درويش " حريتي : أن أكون كما ﻻ يريدون لي أن أكون"، أتأمل وانظر من حولي، وأوقن أني أعيش مسلوب الإرادة والحرية، ولكني ذي قيمة لأنهم عندما لا يريدونني أن أكون، فإنهم  حتماً يخشون مما سأكون.

دوّن ليس كي تكون، بل كي لا تنسى وهذا أقل الإيمان. ولا تنتظر كلمة شكراً، لأنها قد شطبت من قاموس هذا الزمان، وإن كنت تريد الراحة والنوم بضمير مرتاح، إعمل وكُن ودوّن أو إبقى نعجة .

البعض يقول " نصمت أحياناً لأننا نعلم أن حديثنا لا يغير شيئاً ". أما أنا سأبقى أتحدث حتى لو مع نفسي، على الأقل حتى يبقى ضميري مرتاحاً.  العبودية الجديدة التي أتحدث عنها هي الحقيقة و لا يمكن الاعتذار لأحد أبداً لقول الحقيقة.