عساف ولينا!

بقلم: 

احتل خبر فسخ خطوبة محبوب العرب محمد عساف من الاعلامية الفاتنة المظهر لينا قيشاوي الرأي العام الفلسطيني . فغطى على الشهداء اليوميين وقضية الاسرى ومحمد القيق الذي يحارب في كل لحظة لاستنشاق الحياة ، ويتسابق المتسلقون من اجل صورة تذكارية او مناشدة فارغة. وترسب خبر المصالحة التاريخية كترسب ذرات التراب في قعر الماء .

الموضوع ليس بغريب . فهكذا خبر يشكل “هبرة” الاحاديث المجتمعية, ونميمة الصالونات والمقاهي . فكيف لا ونحن نتحدث عن محبوب فلسطين والعرب محمد عساف.

قبل شهر ، حدثني صديق عن عدم حبه لعساف مفجرا امامي خبر اشتراطه على خطيبته الحسناء عدم العمل . واصابني الذهول ، وكانت ابنتي الصغرى جالسة بانتظار الخروج لحفل افتتاح فيلمه برام الله. فقلت لها بان هناك اشكالية بعساف اذا ما كان فعلا لا يريد لخطيبته العمل بالاعلام. وبالاخص انه تعرف عليها وهي اعلامية . وتبدو واعدة ، وارتباطها به كان سيمنحها فرصا اكبر بلا شك . فرمقتني ابنتي ،ابنة الثلاث عشر سنة قائلة بثقة واستهزاء اثاروا استغرابي : ” انا لا افهم اصرار النساء على العمل . لا بد انها ذكية. ليعمل هو ولتصرف هي . ” فكرت بالموضوع ، وظننت ان لينا هذه قد تكون من نفس مدرسة ابنتي بهذا الجيل . فعلا ، لما تريد العمل ان كان هناك من يلبي احتياجات حياتها وبملايين يملكها عساف.

في الشق النسوي مني ، لم تعجبني طريقة تفكير ابنتي وكذلك تلك لينا التي كادت ان تكون اعلامية ربما واعدة . فقلت في نفسي : هذا جيل لا بد يدرك اكثر ما يريد.

عندما سمعت خبر فسخ الخطوبة ، سألت نفسي ان كانت لينا قد غيرت رأيها وقررت انها تريد العمل . ففرحت النسوية بداخلي وهللت لها . هكذا هي المرآة المستقلة قلت بنفسي.

وطبعا خرج الموضوع من خبر عادي ليشغل تحليل وتفكير المجتمع . وبين خصوصية الامر من ناحية ، وبين عموميته بسبب شخص محمد عساف من ناحية ، وبسبب ما يعكس هذا الموضوع من حقيقة للمجتمع كان من الصخب ان نراها بهذه المواجهة المباشرة مع محمد عساف.

فمحمد عساف بات يشكل ظاهرة للشباب الذي يستطيع ان يحلم ، وان يصل الى الحلم حتى ولو كان من غزة وعبر الانفاق والتسريب والقفز عن الجدران . محمد عساف اشعل بوجدان كل فلسطيني شعلة المستقبل المشرق . فكيف يكون هذا المستقبل بهذه الرجعية ؟

كيف تحول عساف بلحظة ورغم صغر عمره وقلة تجربته الحياتية الى مجرد رجل شرقي لا تغير الشهرة والاضواء الا القشور منه.

وكيف اصبحت امه بلحظة “الحماة” ،لم تعد تلك الام الماجدة التي دفشت بابنها الى الحلم.

تخيلت الحديث الدائر بينهم ، بعد “تصريح” والدة عساف للصحافة . فكيف لا وهي ام محبوب العرب. كانت حاضرة واهله بكل ما يدور بفلك محبوب العرب في السنتين الاخيرتين ، والهالة التي احاطتها دعواتها من خير لابنها اصابتها والعائلة . بتلك اللحظة عندما قالت “ان لينا عنيدة ” . عبر امامي المشهد التقليدي لايام الخطوبة . كيف تصبح “العروس” لعبة العائلتين ، بين ام العريس وام العروس. الا اننا هنا في صدد مشهد اختلف كذلك على ام محمد ، فام العروس اوكرانيه. لن تستطيع الاثنتان المجابهة بنفس الخط ، كان يكون هناك اختلاف على نوع الذهب وكميته وشكله . واذا ما كان الجهاز سيكون من سميرا ميس او بيلا ليدي والحذاء من عند تمارا شوز .. بهذه اللحظة اخترع اسماء لا اعرف ان كانت لا تزال موجوده. اتخيل ام محمد وهي تصاحب لينا لشراء الجهاز. ولينا تلك التي صارت تحلم ربما بجهاز كارتييه او لازوردي. ما تلبسه اليسا وهيفا وهبه . كيف لا وهي عروس محبوب العرب.

صرت اتخيل المشادات . ام محمد تقول لمحمد : في اصول وعادات . انا لما ابوك تزوجني… وستك كانت تضربني لما ما اجلي صحن …او كنت اطبخ للعائلة الممتده.. وكلمة حماتي ما كانت تنزل الارض… انا كنت اطلع بالبسطة علشان اطعميكم….

بلحظة فكرت ، ام محمد اكيد كانت تشتغل . ام محمد بدت كانسانة مكافحة . احببناها بقدر حبنا لابنها . اصبحت الايقونه للام العظيمة .. وفجآة محمد يصبح محمد ابن ام محمد ، وهي تصبح حماة تحرص على الاصول والقواعد . وهي تعرفها جيدا .كيف لا فلقد صارت تدلي بتصريحات صحفية.

. حتى محمد صار جزءا من الملهاة الفلسطينية الممتدة . ارجعنا محمد وامه الى الايام التي نحاول جاهدين التخلص من تكبيلها وتعقيد عقدها فينا .

قد تكون هذه القصة ، شخصية جدا ، وعادية جدا … ولكن هذه هي المعضلة. فمحمد عساف كانت قوته بانه كان شخصا عاديا جدا وتحدى الواقع المرير واستطاع ان يعيش حلما سحب فيه اجيالا من الشباب الفلسطيني اليه .

وفجأة … اصبح عساف شخصا .. رجل عادي شرقي بجدارة.. ما يجري بمحيطه لا يمس بتاتا ما يجري خلف باب بيته الموصد. فهو رجل وله حقوق وعلى لينا الطاعة والولاء. فهي بكل الحالات كان عليها الطاعة .. فكيف لا وهي قرينة محبوب العرب ولكن بالنهاية هي كانت ستتزوج من رجل عربي فلسطيني ..هو السيد وهي لحظها الوافر زوجته…

الحقيقة انه لينا غلطانة