سقط القناع عن التنسيق بارتقاء امجد الى ملكوت السماء

بقلم: 

شهدنا بالاسابيع الاخيرة تحركا اعلاميا للقوى الامنية المتوقع خلافة احد قوادها للرئاسة المرتقبة(على الارجح بعد عمر طويل للرئيس ) القادمة. على ما يبدو لم يكن اي مما جرى من السباق الاعلامي المقصود سواء كان مباشرا ام لم يكن، محض الصدفة . فلقد بدأ الاعلام الاسرائيلي ومؤسسته الامنية الاستخباراتية بالكلام عن رئيس قادم سيكون على […]

شهدنا بالاسابيع الاخيرة تحركا اعلاميا للقوى الامنية المتوقع خلافة احد قوادها للرئاسة المرتقبة(على الارجح بعد عمر طويل للرئيس ) القادمة.

على ما يبدو لم يكن اي مما جرى من السباق الاعلامي المقصود سواء كان مباشرا ام لم يكن، محض الصدفة . فلقد بدأ الاعلام الاسرائيلي ومؤسسته الامنية الاستخباراتية بالكلام عن رئيس قادم سيكون على الارجح من القواد الامنيين. ولم يكن ما يجري من حراك غير مفهوم وغامض مقنع للشعب المغيب عن الواقع السياسي مرضي الا لاتباع القواد الامنيين او كل من يرى نفسه مؤهلا للسباق الرئاسي المرتقب من قبلهم.

فيبدو ان ما يجري على الساحة السياسية بعيدا كل البعد عن الشعب . فالشعب بواد والقواد والقيادة السلطوية بواد منفصل ومنفصم عن نبض الشارع.

والشارع ليس بأحسن حال فهو بلا نبض . او لنقل بنبض خافت اعياه كثر التلوث الداخل للانفاس فلم يعد يعي نبضه. او وفره او استخسره.فبات خانعا ساكتا مضغنا غضبا ربما او يأس ربما او كلاهما.

ويستمر ابناء الشعب من اولئك الذين قرروا ايقاف نبض حياتهم لتيقنهم بأن اليأس هو الغالب ، حتى ولو اشتد الغضب بتقديم ما كان ممكن من حياة لهم قربانا لهذه المأساة التي لا يزال يدفع ثمنها من ينبض به حب وطن.

هناك ما هو حي بهذا الشعب لا يكاد يفهمه الا من تبقى حاملا حلم الوطن النابض بداخله . ولو حتى اضمحل هؤلاء بين يائس هرب الى اخرته ، او يائس تقوقع بداخل نفسه متشبتا ببعض امل قد يأتي ليوم فيه عدل. او يائس يائس يحاول ضحد اليأس بمحاولات يائسة لتغيير لا يتغير.

ما جرى اليوم من عملية لا زلت اصر ان منفذها هو ضحية . خسرته الحياة وخسره اهله واحباؤه . وكسبه الوطن. وخرج من هذه الدنيا بسر موته معه. فالاحتلال لا يزال يصر على ان يكون القتل هو مصير الفلسطيني بآي لحظة ممكنة. وبين ضحية وجلاد .

اصر ايضا ان كل هذا الموت المجاني لن يكون الحل من خلاله . وخروج الناس المنفرد هذا لن يأتينا الا بمزيد الخسائر . والخسارة هي بخسارة هذا الذي يخرج للموت . ولن يتغير حالنا ما لم تغير القيادة في نفسها وتنهج التحرر كاستراتيجية ،لا التلهث نحو ما يرمي علينا الاحتلال من منة صارت استحقاقاته علينا .

خروج رجل من قلب المؤسسة الامنية التي تتغنى بالتنسيق الامني وتقدسه . وكل يخرج تلو الاخر يتبجح بالتنسيق الذي يعلو الوطن والمواطن، يعتبر صفعة في وجه قيادة السلطة والقوى الامنية والاحتلال . ما حصل اليوم قد يشكل تغيرا نوعيا في هذه الهبة التي تسابقنا على تسميتها اكثر من الاهتمام بما يترتب عليها او استيعابها والتعامل معها بما يتطلبه الموقف ، والتي كادت حسب مراهنات القيادة بأن تنطفيء وتخمد نفسها بنفسها .

وعلى الرغم من رفض الفصائل ولا قيادتها المتمثلة بالقيادة الحالية فهم ما جرى واستيعابه . فتسارعت للاستحواذ على الموقف ليكون الشهيد شهيدها . على الرغم من ان هذا الشهيد كالكثير مممن سبقوه قال كلمته الاخيرة . لم تكن حياته التي زهد فيها فداءا للفصيل . بل كانت يأسا ومحاولة لاعلاء كلمة حق لا تجلبها حياتنا بهذا الوطن الذي لا يطفيء ظمأه دماء ابنائه .كلمة حق بها استجداء لعدل مسلوب من السلطة كما هو مسلوب من قبل اسرائيل .

لا اعرف لما احضر شهيد اليوم، امجد السكري مشهد ما فعله بنا الشهيد مهند الحلبي الذي اشعل فتيل هذه الهبة بعد يأس واحباط شد الخناق على ما تبقى من انفاسنا كشعب.

ما جرى اليوم يشبه ما فعله مهند. تغيير قواعد اللعبة في وقت يعقد العزم على حسمها. فخروجه بسيارة تمثل ـالشخصيات المهمة” باللوحة الحمراء التي تجوب البلد والحواجز محتكمة الي مزايا الاحتلال من تسهيلات اكثر من تلك التي لا يحلم بها المواطن العادي وباتت له بعيدة المنال من تنقل بين مدينة او مدينة او حاجز تلو الحاجز. رفع امجد السلاح بزيه الامني يمثل انهيارا كاملا لمنظومة التنسيق الامني المتمثل بقوى الامن التي يتم اقتطاع جل الميزانيات من اجلها . تحول الامن الفلسطيني بالاشهر السابقة لاداة خنوع ولربما كذلك اداة اضطهاد لم نر الكثير منها للضغوطات المختلفة. الا ان هذا الرجل اكد اليوم ان الفلسطيني المضطهد هو نفسه . ان من يقتل وينكل به كل يوم هو فلسطيني اخر كان على وعي تام بان الدور قادم له لا محاله.

قال الشهيد الكلمة الاخيرة كالعادة….

ولا تزال القيادة وقوادها يراوحون مكانهم . يتخبطون في هذه اللحظات بلا شك. فهذه المرة هم من سيتضررون . ستتم معاملتهم من قبل الاحتلال معاملة الشعب . لم تعد سياراتهم بلوحاتها الحمراء محصنة من التنكيل الذي يعيشه الشعب في كل لحظة. قد يتوقف التنسيق المقدس ويدنسه الاحتلال بقطع التصاريح التي امتازوا بها .

والمأزق متبادل. فالاحتلال الاسرائيلي في مطب كبير . هل يكون المخرج هو عدوان جديد على غزة؟ ولكن منفذ العملية ابن فتح وابن المؤسسة الامنية التي يدربها عرابوا التنسيق من كافة الاطراف الدولية التي تقدس هذا التنسيق وتريد المحافظة عليه. هل تقتحم المجنزرات والدبابات رام الله وتعيد احتلالها الليلة . فالحادث حصل على مدخل عاصمة الدولة المنتظرة اعتراف اسرائيل .التنسيق المتبادل بين الطرفين بدا وكآنه في احسن احواله في الاشهر الماضية . فما العقوبة التي ستفرضها اسرائيل على الفلسطينيين تشفي من خلالها غليل غضب شعبها المنتظر الانتقام ؟

الشعب كذلك يبدو في حال رجع اليه النبض. فالاحتقان المترتب على موضوع التنسيق الذي صار التباهي به ارعن ، جعل الشعب البائس فينا يتنفس ولو لوهلة. لا لشهادة هذا الشاب ولا لاصابته لجنود الاحتلال. ولكن لكسر شوكة التنسيق . والكل يتأمل الموقف ويأمل من خلاله تعطيل بطاقات التمييز بالمرور وغيرها لاولي السلطة والتنسيق.

فالشعب يعاني الامرين في كل لحظة … اصدرت اسرائيل اغلاق رام الله على اهلها وسكانها المسجلون .ومن المفترض منع دخول اي الى رام الله على حسب ما تم نشره. اهذه عقوبة ام بسط سيادة .ام اهانة للسلطة؟ انها كالعادة كل الامور سوية. فاسرائيل تتبجح ولا تجد من يوقفها . والسلطة وصلت الى مرحلة تفقد فيها في كل يوم مصداقيتها … واليوم تفقد السيطرة على من تقوم مباشرة بتدجينه ليكون عصاها على المجتمع وحاجز امن اسرائيل.

لقد سقطت هذه المنظومة اليوم…

ولقد سقطت التحليلات السابقة كلها .فمن حرض امجد على الخروج؟ امجد لا يذهب الى مدرسة ولا الى جامعة يتم تحريضه من خلال التعليم كما تريد التحليلات ان تقنع الجماهير. أمجد اين المؤسسة القريبة على وجدان الاحتلال . فهي المؤسسة الحريصة على امنه . هي المؤسسة التي يتم ضخ الاموال فيها للسيطرة على امن الشارع علي هواهم. من حرض امجد ؟

هناك نبض لا يزال يصر على الحياة …. حتى عند اختيار الموت…. هذه هي الحقيقة الفلسطينية التي تصر دائما ان تتحدى الواقع الذي يأبى الا ان يكون مرير.

لقد اسقط امجد القناع عن التنسيق وارتقى بنفسه لعله يكون عند الله شهيد.

“صباحكم نصر بإذن الله…أشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد عبده وسوله” ..كانت اخر عبارة كتبها امجد.