في اليوم العالمي لمحاربة الفساد..لننظر إلى الفساد المستفحل فينا!

بقلم: 

يصادف هذا الشهر والشهر السابق له، العديد من الأيام العالمية: اليوم العالمي لحقوق الإنسان ، واليوم العالمي لحقوق الطفل ، واليوم العالمي لحقوق المرأة واليوم العالمي لدعم القضية الفلسطينية،وأخيرا وقبل البدء بموسم إنطلاقات الفصائل الفلسطينية ، اليوم العالمي لمكافحة الفساد.

ربما ، ولشغفنا بإحياء الأيام الكثيرة ، علينا أن نحي هذا اليوم بإسقاط كلمة “محاربة”. الحقيقة ان علينا الاحتفاء بيوم للفساد ، في وضع يحيط بنا الفساد من كل النواحي ، حتى بات الهواء الذي نشمه فاسدا.

فكما اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يتم تتويجه في انتهاكات اصبحت جرائم . وحقوق الطفل ، بينما يخرج الطفل حاملا حجره او سكينه في غياب الرجولة ليعود محملا بنعش أو مكبلا بقيود المعتقلات . والمرأة قتلها يزداد على خلفية ما آعجب المجتمع الذكوري تسميته بجرائم الشرف . فالشهر الماضي قتلت نساء من كافة انحاء الوطن ولم نسمع بمجرم واحد قد حوسب او تم مسكه.ويوم دعم للقضية الفلسطينية في الباحات العامة والأطفال والشباب والنساء والكهول يتم إعدامهم بدم بارد على مرأى العالم.

ومع هذا خرج المجتمع بمؤسساته الوطنية والمدنية ليحي هذه الأيام مرددا نفس الشعارات ومناديا لنفس المطالب ، والجرائم بحق الإنسانية والاطفال والنساء فقط تتصاعد .

وكعادتنا وإحياء الأيام المختلفة ، لا بد ان يوم الفساد هو يوم مهم …

وكعادتنا كذلك ننشغل بالامور المتزاخمة التي تحاصر حياتنا ونترك الفساد للفاسدين. فكيف نتكلم عن فساد والوطن يودع بكل يوم شهيد. كيف نتكلم عن الفساد والاجتياحات لا تتوقف ، والتدمير مستمر والقمع في أشده على هذا الشعب من شماله الي جنوبه.

كيف نتكلم عن الفساد والمعابر لا تفتح بسبب الصراع الفصائلي الفلسطيني ، والأراضي توزع بدل استحقاقات معاشات لقلة موارد الحكومة ، او إحدى الحكومتين.

كيف نتكلم عن الفساد والعائلة تلو العائلة تثكل بفلذة قلب بفتى او صبية

كيف نتكلم عن الفساد في يوم والفساد هو عنوان حالنا . فالفساد هو الهواء الذي نتنفسه .

مناهجنا التعليمية فاسدة .

إقتصادنا فاسد .

سياستنا فاسدة.

مؤسساتنا الوطنية والمحلية والدولية حتى ينخر بها الفساد.

ثقافتنا فسدت وأخلاقنا فسدت ونحن صرنا بالمحصلة مجتمعا، الفساد هو سمته الرئيسية.

إلى اين يمكن ان يلجأ المواطن بينما يذهب لشراء منتج وطني في محاولة لمقاطعة الإحتلال والتاجر يستهزيء بالمواطن والمنتج يغش المواطن.والمواطن فيما بين المواطن يبرر الشراء ويستحسن بضائع الإحتلال. إلى اين يمكن أن يلجأ المواطن والأمن المخصص لميزانيته أكثر من ثلث ميزانية الحكومة يختفي عند الاجتياحات ويخرج لصد الشباب عن المواجهات عند نقاط التماس مع الإحتلال وتخرج تصريحات السلطة المختلفة بدعوات لأيام غضب ومقاومة

إلى أين يلجأ المقدسي والملفات تكشف أن ما تحصل عليه “محافظة” القدس العاصمة لا يتعدى الأعشار من ميزانية الأمن الغائب؟

كيف نكافح الفساد وقصر ضيافة يتم تشطيبه لاستقبال الوفود والمعاشات تقطر على الشعب؟

كيف نكافح الفساد أمام مجلس تشريعي معطل منذ سنوات يتقاضى راتبا وسيارة وامتيازات ؟ وحقائب وزارية بوزراء ان استمر الحال سيكون لكل مواطن طموح تابع لفصيل متربع على السيادة نصيب في وزارة؟

كيف نكافح الفساد والوثائق المسربة للفساد والفاسدين يتم تداولها ومناقشتها ويخرج الفاسد ليبرر فساده واحقيته لما طال ويطول ولا نسمع او نرى فاسدا تم حسابه ؟

يطالنا الفساد من رؤوسنا الى أخمص أقدامنا ونتكلم عن محاربته … لا بل نتسابق لاستحقاقات الشفافية والنزاهة؟

أين هذه المؤسسات من الفساد المستفحل فينا ؟

آين نحن في الفساد المتغلغل في عروقنا ؟

تعليمنا صار شهادة نعلقها ونتباهى بها بلا معلومة نستفيد او نفيد بها.

مدارسنا تعلم التاريخ المقتطع من أمجاد خاوية . والدين نعقد به الأبناء بدل ان نبني من خلاله الايمان . واللغات حدث ولا حرج ،فلا قواعد ولا كلمات . والثقافات التي نروج لها لا تخرج من إطار التبعية وهيمنة الذكورية والتسلط وندعو بعد ذلك للانفتاح والديمقراطية.

ننادي للإبداع ونفرض الحفظ للتقدم للامتحانات

الفساد فينا عندما نمشي بالشارع ونرمي النفايات مشيا او من السيارة وكأن المرافق العامة هي مال حرام. نشتم الورود من الحدائق ونرمي البلاستيك والصفائح ونقول النظافة من الايمان ورائحة ملابسنا معبأة بعرق أيام على الرغم من الوضوء خمس مرات .

نسجد ونحلف وندعو الله صمتا وجهارا وقلوبنا مليئة بالغل والحقد من جار او صاحب او زميل. ندعي الخير ولا ندعو له

تقول السنتنا ما لا تكنه قلوبنا .

نربي أولادنا على الصدق ونكذب .

ندعوهم للفضيلة والرذيلة هي طريقنا .

نحرم على غيرنا ما نحلله على انفسنا .

ونعيد الكرة … ونقف امام يوم عالمي نحيي فيه الفساد المستفحل فينا …

كالعاصي الذي يرجم إبليس يوم الحج يحمله وطء أفعاله .

حكومة فاسدة لشعب فاسد.