انتفاضة القدس.. بواعث العودة في ذكرى الهجرة

بقلم: 

في ذكري الهجرة النبوية الشريفة، تعيش الأمة العربية والإسلامية مرحلة من أخطر مراحل حياتها، فهي تعاني من جراحات أليمة، وحروب وظلم جسيم، وخيانة عربية وإسلامية لفلسطين ومقدساتها، التي تنتهك صباح مساء من جيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه على مرأى ومسمع من قادتها العظام.

تطل علينا ذكرى الهجرة المباركة بعبرِها ودروسها الجديرة بأن تبعثَ فينا اليومَ، ما بعثَته بالأمسِ في فؤاد نبينا محمد صلوات ربي وسلامه عليه مِن روحِ العزَّة والسؤدد، وما هيَّأته للمؤمنين من أسبابِ الرِّفعة وبواعثِ السموِّ وعواملِ التَّمكين، التي قد تمكن الشعب الفلسطيني من الخروج من أزماته الداخلية وتحرير أرضه ومقدساته من صلف الاحتلال الصهيوني .

وإذ يتنسم الشعب الفلسطيني كما الأمة الإسلامية عبير الذكرى العطرة للهجرة النبوية الشريفة 1437هـ، لشغوف بأن يتنسم عبير الحرية والكرامة، المستوحاة من السيرة العطرة للهجرة المباركة بما فيها من معاني، الأنفة والقوة، وتضافر الجهود، وبناء النفوس، وتوحيد الصفوف، لمواجهة التحديات والأخطار المحدقة بالشعب الفلسطيني من كل حدب وصوب .

ما أشبه اليوم بالبارحة، فالشعب الفلسطيني يعيش نفس الظروف التي عايشها سيد الخلق محمد صلوات ربي وسلامه عليه، من واقع مرير، وضعف وهوان، وتكالب الأعداء والمنافقين، وتخلي ذوي القربى، في وقت أحوج ما يكون إليه في تلك اللحظات المصيرية من حياة الدعوة، كما الشعب الفلسطيني اليوم بحاجة للنصرة والتأييد .

الشعب الفلسطيني اليوم أحوج ما يكون لدراسة معاني الهجرة النبوية المباركة، لاستلهام الدروس والعظات منها؛ ففي الهجرة مفارقة للوطن والأهل والديار والأموال، وفيها تتجلي معاني الصبر والغربة وحب الوطن والحنين إليه، وفيها كمَال اليقينِ بمعيّة الله تعالى لعبادِه المؤمنين الصَّادقين، ذلك اليقين الرَّاسخ الذي لا تزعزِعُه عواصِف الباطل، ولا نوائب الزمان.

في الوقت الذي تعيش الأمة الإسلامية في رحاب عام هجري جديد, تتنسم معه عبير السيرة المحمدية التي تفوح من كنفاتها أسمى معاني الصبر والتضحية، يستلهم الشعب الفلسطيني الدروس الفعلية للهجرة ويشعل "انتفاضة القدس" نيابة عن الأمة بأكملها، ومن شيم الرجال أنهم يأخذون الدروس والعبر من ماضيهم لحاضرهم، ومن حاضرهم لمستقبلهم، فما بالك لو كانت هذه الدروس والعبر من سيد البشر .

نعم لقد كانت الهجرة النبوية فتحاً ونصراً وانطلاقة كبرى لنشر الدعوة الإسلامية، ومثلاً للشعب الفلسطيني يحتذي به في حسن الثقة واليقين بنصر الله تعالى, وأن العزة دائما لله ولرسوله وللمؤمنين وأن المستقبل على هذه الأرض هو للشعب الفلسطيني وأن هذا الاحتلال الغاشم إلى زوال.

الشعب الفلسطيني الذي أشعل انتفاضته المباركة في وجه المحتل "الإسرائيلي" مطالب اليوم بالإقتداءً بسيرة المصطفي صلي الله عليه وسلم، وأخذ العظة والعبر منها بالوحدة ورص الصفوف والتآخي والسعي الفوري لإنهاء الانقسام ووقف المناكفات السياسية، وتجديد العهد والبيعة مع الله أولا ثم مع شهدائه وأسراه بالسير على خطاهم وحفظ وصاياهم بإبقاء "جذوة الصراع" مشتعلة على أرض فلسطين حتى تحقق أهدافه بالحرية و التمكين.