ما هو الزواج؟

بقلم: 

الزواج أن تفقدَ فرديّتك، وأن تصبح مساحاتك البيضاء ملاجئ هروب ضيقة تتلصص حولك وأنت تأوي إليها، والزواج أن يصير اسمك مركبًا في البداية، ثم ثلاثيًّا فرباعيًّا كلّما أضافت حماقتك فردًا إضافيا إلى أسرتك السعيدة بكل حملها على رأسك.

لكنْ، الزواجُ بعبارة أخرى، أن تصيرَ زوجيّ الحركات، ثنائيَّ الأبعاد بشكل أساسي، موصومًا بإحداهُنَّ هي زوجتك، وهي موصومة بك، ولا يضيرني أن أقول لك إنك تتزاوج معها، بكل ما في الوصف من إيحاءات، لتجلب للحياة مزيدًا منكَ ومنها، فتنتشر بمكيدة أخرى، مع أن العالم كان يحتملك على مضض.
ومن عاداتنا الآنيّة في الزواج، أن نحتفيَ بك تلك الليلة، فنرقص لكَ ولها، مُعتبرين أن ما حدث وسيحدث لاحقًا، أمر عظيمٌ... وبعد أن ترسم علمَ اليابان على سريرِكما، ستصير زوجًا مع سبق الإصرار والترصد!

لا أعلم إن كنت أستسيغ فكرة حفل الزفاف، هي لا تروقني أبدًا، وكلّما حضرت عرسًا أفترض أني سأجلس مثل قردٍ على "الكوشة/ اللوج" لتفترسني عيون الحاضرين بطريقة سخيفة! والأدهى أنَّ الواجب يحتّم عليَّ الرقص أمام الجميع كالأحمق، حسنًا لن يحدث ذلك، ولن أحضرَ تلك الليلة... سأغيب عنها مثل أيّة محاضرة سمجة، أو حصّة مملة.

الزواج كانت له احتفاليات بأشكال كثيرة، وصَلت لحفلات الزفاف المختلطة، ثم غير المختلطة بحجة "العَيب" فيُقال من حق النساء أن يأخذن راحتهن في خلع حُجُبهن، كي لا ينظرهنّ الرجال!

ربما يكون العريس وأهله وأهل عروسه والمصور وعامل المونتاج، ومن سيحضرون مقاطع الفيديو عبر الموبايلات، ومن سيحضر شريط الفيديو المسجل للعرس بإذن العريس وزوجه، كل هؤلاء، محسوبين على الخصيان والنساء، ربّما...!

البعض يقول إن الحفل غير المختلط أقربُ لله! يحاولون بذلك تورية ذكوريتهم المفرطة، مع أن صخبَ المكان ورائحة العطور وبذخ الطعام وترفه وكمياته، كل هذه الوصفة، تنفي أية علاقة للتدين بمثل هذه الحفلات، وما الاحتجاج بالتدين سوى حالة انفصام في الشخصية.

المُدهش أنَّ المبدأ المتواري خلف واجهة هذا كله، أن كلَّ الرجال ينظرون لبعضهم على أنهم خونة، وذئاب مفترسة، وأن النساء مشاريع خيانة وطيش، ومع ذلك نحضُر تلك الأعراس تحت هذا المبدأ المبطن... حسنًا، إن كان كذلك، فلتكن أعراسكم بلا مدعوّين، على الوضع الصامت، ولا مانع من الاهتزاز في المكان قليلًا، وإعلانٍ في زاوية الجريدة مفاده أن فلانة أزال بكارتها فلان بإذن أهلها وبحكم عقد الزواج، يكفي ذلك!

ومن باب النصيحة... إنّ حفل الزفاف ليس سوى خشبة مسرح، كل المتواجدين عليها متنكرون، يدفع فيه العريس دمَ قلبه لتنتقده وزوجته السيدات المتعاليات، وليسخر من حرَجه الرجال الأوغاد... اعملوا على إلغائه!