إدارة الأزمات النفسية

بقلم: 

تعصف بواقعنا اليوم متغيرات متعددة الاتجاهات ، متغيرات تمس هوية المجتمعات وأنظمة الحكم وطبيعة التعامل مع يوميات إدارة الواقع سياسياً وفكرياً واجتماعياً واقتصادياً .

وفي ظل هذه المتغيرات ، وفي غمرة هذه الحروب والنزاعات المسلحة ومشاهد الموت والخوف والرعب والعبث السياسي ، تبرز الإشكاليات النفسية ، وتتعدد أشكال الأزمات الفردية والمؤسساتية في شتى مجالات الحياة ، والأهم منها ما يترك أثراً يتعدى الحجارة والدمار والأزمات الاقتصادية ، ويتصل بالأزمات النفسية التي تحتاج لجهود حقيقية وفاعلة للتعامل معها ، حتى لا تترسب في الوعي المجتمعي بصورة تهدد مستقبل الأجيال وطبيعة ونمط تصرفاتها .

الهدف العام الذي نطرحه كخبراء ومستشارين ومدربين في شتى مجالات التكوين التي نخوضها هو إعداد وتأهيل المشاركين في المحاضرات والندوات والمؤتمرات والفعاليات التدريبية على آليات إدارة الأزمات النفسية والإدارية في بيئة العمل والأسرة والعمل السياسي على حد سواء ، لتصويب المسار ورفع مستويات الرفاهية في العمل والحياة اليومية برغم كل التحديات القائمة من خلال إيجاد منظومة ضابطة للمشكلات هيكلياً وتنظيمياً وفردياً.

المحاور الرئيسة التي يجب على الوالدين في الأسرة ، والقادة السياسيين في المجتمعات التعامل معها تكمن في تعريف المشكلات وتحليلها ، وبناء منهجية فهم المشكلات النفسية والإدارية ، وفهم البواعث وتحليلها ، وكيفية التعامل معها ومنع انعكاسها على بيئة العمل ، والتوصيف اللائق لمنهجية البناء الفكري والسلوكي لمن هم في مجال مسؤولياتنا مهما اختلفت المسميات والتكتلات  .

في عالم الإدارة الحديث ، هناك العديد من الوسائل والمرتكزات التي يمكن اللجوء إليها للتعامل مع الأزمات ، مثل القواعد الضابطة للمشكلات النفسية ، وأبجديات الحلول الناجعة والحلول الابتكارية لها ، بما يعني امتلاك الخبرة والقدرة على تحويل المشكلات إلى فرص ، وإعادة صياغة بنية المؤسسة والهيكلية الضابطة ، وتوظيف المشكلات في ترسيم السياسات المستقبلية .

الأمر لن يكون سهلاً ولن يستطيع القيام به إنسان غير مؤهل ، بل هي مسؤولية النخب والقيادات المجتمعية في فرض سياسات جامعة للوعي العام لفهم طبيعة المشكلات النفسية وانعكاساتها على الفرد والمجتمع ، والبدء فوراً في تشكيل أنوية تعامل اجتماعي معها بحكمة وحنكة ، بشكل يجمع العطاء الإعلامي والحكومي والمؤسسي والأهلي والأسري بصورة منضبطة وموجهة .