أبو هاجر الحضرمي يغني لمحمود درويش

بقلم: 

مصادفةً، وصلت إلى "نشيدة جهاديةٍ" من أناشيد داعش التي تطلقها الأذرع الاعلامية للتنظيم، تحمل عنوان "يحكون"، لمنشد التنظيم الأكثر شهرة، أبو هاجر الحضرمي، وليس من الصعب الانتباه إلى أن كلمات هذه النشيد مأخوذة من قصيدة "عاد في كفن" للشاعر الفلسطيني محمود درويش، غير أن التنظيم وضع الـ Touch  الخاصة به على كلمات القصيدة، لنرى في النشيد نسخةً معدلةً من القصيدة.

لقد انتقى القائمون على هذا النشيد المواضع التي تتفق مع ما يحاولون إيصاله، فحين تسمع النشيد تظنُ أن درويش نفسه - الذي توفي قبل سنوات من ظهور داعش - قد كتب القصيدة من أجل "المجاهدين"، غير أنهم أضافوا إليها مقطعين على نفس الوزن والموسيقى يقولان: "يا اخوة الشهيد لا تكثروا السؤال متى يعود ابننا من ساحة النزال" و "مضى مهاجرا الى مواطن المنون مضى بخلسة وكل الأهل نائمون"، هذا بالاضافةِ إلى "زوجه" التي زج بها التنظيم في القصيدة، لتنسجم مع تطلعاته في زواج النكاح، غير أن درويش بريءٌ منها.

ويجب أن نلاحظ أيضاً أن التنظيم قد تجنب كلماتٍ أخرى في القصيدة، يعتبرها كلماتٍ سيئة، لتكون القصيدة مفصلةً بحسب الطلب.

لقد حل منشد النشيد الوطني للتنظيم صبغته وتنظيمه على قصيدةٍ من تاريخ الأدب الفلسطيني الذي يمثل درويش جزءاُ كبيراً منه، لتناسب الثقافة الداعشية، ولتشكل احتلالاً ثقافياً لثقافة الفلسطينيين تحديداً، في الوقت الذي تُدمر فيه الثقافة العراقية، التي عاشت آلاف السنوات، على يد التنظيم باعتبارها أصناماً يجب تدميرها.
وليتبع التنظيم بهذه الحركة الطريقة ذاتها التي استخدمها مغنون إسرائيليون في غنائهم أغانٍ عربية، في محاولة لاحتلال الثقافة الفلسطينية، وفي محاولةٍ منه – أي التنظيم – ربما، لكسب مناصرين في فلسطين، أو التقرب منهم في أسوأ الأحوال.

ربما لو دخل التنظيم الإرهابي إلى فلسطين، لحطمَ في بداية ما حطمه، متحف محمود درويش، كون الشاعر استخدم كلمة "يُقبل" في إحدى قصائده، دون أن يدري أنها كانت في نفس القصيدة التي غناها الحضرمي.