المنتخب الفلسطيني …قصة وطن

بقلم: 

آمالنا وتوقعاتنا انهزمت مع هزيمة المنتخب الفلسطيني أمام الأردني صبيحة هذا اليوم . وكعادتنا حولنا الفدائي إلى مستهتر بروحه ووطنه ..ولم نقبل هزيمته بالرغم من توقعاتنا المسبقة من خلال التحليلات الكثيرة بأن المنتخب غير مستعد. وقد تكون الأسباب كثيرة من الناحية التقنية والفنية لما يجب ان يشغل المنتخبات الرياضية . وطبعا استطيع حتى انا اصدار الفتاوي في شأن المباريات ، فنحن عالم متخصص ، فكما اصبحنا نفقه بالاصوات وطبقاتها ،فالفتوى في حق كرة القدم أسهل…
ولست في صدد الدفاع عن المنتخب او الهجوم عليه .. فكما أسلفت ، ما يمكن تحليله ونقده حتى كثير . الا ان الغريب دائما توقعاتنا وإصرارنا على ما ندرك جيدا انه مستحيل.

فمما لا شك فيه ان وصول المنتخب إلى بطولة آسيا لإنجاز مهم وكبير ، ولكنه لا يشكل تاريخا يجب الوقوف عنده مطولا وكثيرا . ولا يجب التغاضي عن التقدم الذي أحرزه المنتخب في السنوات الماضية القليلة . الا انه يجب ايضا ان لا ننتبه لكمية الدعم الذي يتم ضخه في كرة القدم وعلينا ان نسأل انفسنا اذا ما كان الدعم الذي يتم وضعه يتناسب مع النتائج واذا ما كان يتم استثماره في المكان والطريقه الصحيحة . وفي كل الاحوال هذ الاسئلة ممنوعه من الطرح اصلا او النقاش او التعاطي معها فالمس بها كمس جرم من النار .

لذا ، فلنبقى بالمنتخب وما يستطيعه وما لا يستطيعه . فحن بكل ما يوجد امامنا من معطيات ، نقف امام حقائق تفرضها ظروف تخرج دائما عما نستطيع ، ويجعل المنتخب كالوطن استثنائي في ظروفه . ربما المنتخب العراقي والافغاني والسوري الاقرب الى ظروف استثنائية كظروف منتخبنا . ونتفوق عليهم طبعا بوجود الاحتلال .

فنحن امام منتخب بأحسن احواله ، يتعرض فريقه للقتل والسجن ولا يعرف أبدا اذا ما كان سيتمكن من السفر حتى يجد نفسه فعلا خارج البلد. والسفر المرافق لفريق خارج للقيام ببطولة بعد يوم او يومين ، يترتب عليه ظروف لا تشبه ظروف السفر الفلسطيني .حتى اختيار اللاعبين يحصل “لملمة” فالقريق يلعب زبما مع من لا يتدرب معه. والسفر عناء في حاله لا تشبهه الا ظروف القرون الماضية من عناء وجهد ومخرجات لا تمت لواقع اللاعب العادي بصلة .

الا انه يبقى امام المنتخب اللعب بكل ما يستطيعه من امكانيات متاحة بأحسن ما لديه . وهنا يقع المنتخب كما وقع الوطن ، بفخ الاحتلال والتعلق والتمسك بالظروف الخارجة عن الارادة واستعمالها حجة أمام كل فشل .

فبين اللعب الجيد واللعب السيء لا يقف احتلال على ملعب . وكرة القدم ما يميزها هو عدم معرفة نتائجها . ولا يخدمها التاريخ ابدا . فلن تعرف النتيجة الا بانتهاء الدقيقة الأخيرة . الا ان طريقة اللعب هي التي تحسم تقييم المشاهد ، واللعب السيء لا يعني سوء حظ، والحظ مهم في كرة القدم ، والفلسطيني يعرف جيدا بأنه لا يستطيع اللعب اعتمادا على الحظ لانه لا يتوافق مع كونه فلسطينيا.

فبين التوقعات والتمنيات هناك الكد والجهد والعوامل الاخرى التي تساعد على تغيير النتائج ، وهذا ما كان ينقص في لعب اليوم . وعليه كانت قسوة التعليقات ..

الا اننا ايضا كمشاهدين ، انحرفنا عن الممكن والغير ممكن، ونسينا ظروف المنتخب وأردنا له التفوق ليس فقط على نفسه بل على العالم …

وأخفقنا …

وأخفق المنتخب

وعدنا لعادتنا الأولى باللوم والشجب والتحسر

وأنزلنا من صنعنا منهم أبطالا قبل أيام الى متخاذلين

ناسين انهم مثلنا ومنا قد يخفقوا وقد يصيبوا وقد يقعوا كذلك في خطيئة الغرور والتوقعات المسلم بها …

لا زلنا كشعب وكمنتخب بحاجة للعمل الدؤوب لنكون.

فانجاز صغير هنا وهناك لا يعني اننا وصلنا القمم … فطريق الوجود طويل وشاسع لا ينهيه انجاز وا تحقيق او اخفاق او خساره

فطريقنا كمنتخبنا لا يزال في طوره .. والعمل الدؤوب المتواصل هو الوحيد الكفيل بنقلنا لمرحلة جديدة …نكون فيها