خطر دولة وحكومة!

بقلم: 

في العاشر من الشهر الماضي اختفى ثلاثة مستوطنين بالقرب من مستوطنة غوش عتصيون الواقعة بين مدينتي بيت لحم والخليل، لتستغل اسرائيل هذه الحادثة التي روجت اليها بانها عملية "اختطاف" ووجهت اتهاماتها المباشرة لحركة حماس بالوقوف خلف هذه العملية، لتنفذ  على اثرها عملية استباحة واسعة لمدن الضفة الغربية بحثا عن الفتيه الثلاثة وعاثت خرابا في الخليل حتى عثر عليهم مقتولين دون الافصاح الجنائي المهني عن تفاصيل  مقتلهم الذي تم في ظروف غامضة، ما عكس هشاشة وارباك وتخبط لدى قوى واجهزة الامن الاسرائيلية في التعامل معها وانعكاسه على مواقف السياسيين المتطرفين الذين غذتهم ميول التطرف بالحقد والكراهية والاستعداد لفعل اي شي ضد الفلسطينيين حتى لو لم تكن هناك معلومات دقيقة حول تلك الحادثة، خاصة ان اسرائيل تذرعت بغياب ثلاثة فلسطينيين محسوبين على  حركة حماس عن منازلهم ومكان وجودهم مازال مجهولا لتوجيه الاتهام لحماس بالوقوف وراء هذه العملية؟!
من حق العالم ومن حق الفلسطينيين ان يعرفوا تفاصيل قتل هؤلاء المستوطنين لانهم هم من دفعوا الثمن باستهدافهم من قبل جنود الاحتلال ومستوطنيه الذين رأوا في تلك الرواية الاسرائيلية لمقتل المستوطنين الثلاثة فرصة لبث سموم حقدهم وكراهيتهم ضد كل ما هو فلسطيني الامر الذي نتج عنه الجريمة المروعة بحق الطفل المقدسي محمد ابو خضير حينما تم خطفه وحرقه حيا قبل تنفيذ جريمة قتله بوحشية وسادية.
ردة الفعل الاسرائيلية الرسمية على مقتل المستوطنين الثلاثة وما تبعه من  تصريحات وسياسات اسرائيلية يكشف للعالم اجمع بان قادة الاحتلال " جيش ومستوطنين ودولة"، باننا امام حالة تفتقر للحد الادنى من الاتزان النفسي والمعنوي ، واكثر ما دلل على ذلك مسارعة حكومة نتنياهو لتجنيد الرأي العام الاسرائيلي لشن الحرب الاجرامية على قطاع غزة وسكانه الآمنين وتنفيذ ابشع جرائم القتل بحق الاطفال والنساء والشيوخ والشباب ، ما يؤشر الى حالة "جنون العظمى "وما ينتج عنه من كارثة بحق البشرية لان ما قامت به الة الحرب العسكرية بحق شعبنا لن يقف عند حدود غزة بل يكشف حقيقة ماثلة يجب التوقف عندها بان تسليح دولة  قائمة على اساس ديني وتفتقر لقيادة حكيمة قادرة على التحكم والسيطرة في استخدام ما لديها من اسلحة فتاكة ضد البشر، يشكل تهديدا ليس للشعب الذي يعيش تحت الاحتلال بل للمنطقة برمتها، سيما ان قادة هذه الدولة يعتقدون انهم اسياد هذه الارض وان البشرية جمعاء خلقت من اجل خدمتهم بما في شعوب اوروبا واميركا والعالم كله.
ان جريمة قتل ما يزيد عن 1800 مدني وجرح قرابة 10 الاف اخرين اغلبهم من الاطفال  والرضع والنساء الحوامل وكبار السن والمقعدين والشبان والفتيان، هذه كله قبل الانتهاء من انتشال جثامين من المناطق المدمرة ، اضافة الى تهديم المنازل والمؤسسات والمساجد، لا يمكن له ان ينتج عن قادة دولة تمتلك الحد الادنى من الاتزان والحكمة والانسانية.
مسؤولية معاقبة "اسرائيل" عما اقترفته لن تكون مسؤولية الفلسطينيين وحدهم رغم انهم الجهة المتضررة مباشرة من جرائمها، بل هي مسؤولية دولية مفروضة على دول العالم الذي يقدم نفسه امام شعوبه على انه متحضر وديمقراطي وانساني، والا فان فضيحته وانكشافه لن تقل اثرا عن ما فعلته اسرائيل بشعبنا الفلسطيني.