امريكا... وإضاعة الزخم

بقلم: 

 

 

إذا كانت نتائج اللقاء الاخير بين عباس وأوباما، هي تلك التصريحات المتبادلة، بين ثالوث المعادلة ، الامريكان والاسرائيليين والفلسطينيين، فإن تعليقي الاولي على هذه النتائج.... مفاده أن لا لزوم للقاء كهذا.
فإذا كان الغرض من اللقاء هو اظهار دعم اوباما لوزير خارجيته، بعد اتهامه بالبرود تجاه العملية السياسية وجهود وزير خارجيته، فكان ممكنا ان يتم ذلك بتصريح قوي من الرئيس اوباما ،أو من المتحدثة الرسمية باسم البيت الابيض، واذا كان الغرض الثاني هو موازنة لقاء اوباما الذي تم قبل ايام، فما كان ضروريا التفكير بهذه الصورة، لان الكل يعلم بأن نتنياهو ذهب أولاً للمشاركة في مؤتمر "الايباك" وثانياً لصيانة تحالفاته في الكونجرس، وثالثاً لتوفير متنفس اقتصادي اضافي لاسرائيل... وأخيراً للقاء أوباما وإسماعه ما يقوله يعلون وبينيت، ولكن بلغة امريكية متقنة.
إن الذي حدث في واشنطن، هو نوع من تمديد فترة عمل كيري بصورة متدرجة، أي تمديد الجهد حتى نهاية الفترة المحددة له، أي خلال شهر وبضعة ايام على الاكثر، ثم بعد ذلك يفتح باب التمديد لسنة، كما اقترح نتنياهو، وبين التمديدين ربما تتم ترضيات لا علاقة لها بالمطالب الاساسية للطرف الفلسطيني.
لقد تابعت وبتركيز شديد موعظة الرئيس اوباما للرئيس محمود عباس، تلك الموعظة التي حفظناها عن ظهر قلب، والتي تتضمن جملة واحدة وإن كانت بصيغ مختلفة، وهذه الجملة هي..." يجب المجازفة والاقدام على تنازلات مؤلمة من اجل السلام"، ولعل الرئيس اوباما لم يدقق في أن الجالس امامه ليس لديه ما يقدمه، وإن كان مطلوبا منه تقديم شيء ، فليس بمقدوره ان يفعل ما هو مطلوب منه خصوصا وان الاسرائيليين يريدون أخذ الماضي والحاضر والمستقبل، لمجرد قبولهم بنصوص الاطار المقترح ، الذي يملكون قدرة فائقة على جعله مجرد كلام، ولقد اغنانا السيد يعلون عن ايراد قرائن عن هذا الامر، حين ربط اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة، باطلاق سراح الدفعة الاخيرة من المعتقلين ، فاذا كان الامر هكذا ، فما هي يا ترى مطالبه حين يتعلق الامر باعترافه بقيام دولة فلسطينية مستقلة وبالقدس الشرقية عاصمة لها؟.
في رحلة الذهاب الى واشنطن، كان هنالك بعض امل غريزي باحتمال ان تسفر الرحلة عن انجاز ما حتى لو كان ضئيلا، وفي رحلة العودة سيكون احتمال الانجاز قد تبدد، ليظهر بدلا عنه عوائق اضافية ترفع جداراً يصعب اختراقه نحو انجاز ما.
سيعود الرئيس عباس الى الوطن، وربما يكون قد اتفق على زيارة جديدة للسيد كيري ،يناقش فيها سطرا جديدا من سطور اتفاق الاطار المبهم ، وقد يتوصل الى تسوية بشأن الدفعة الرابعة من الاسرى، وعندها نكون قد اقتربنا من استحقاق التمديد الثاني، وهكذا دواليك.
اخيرا ...أقول، لم يعد مقنعا للفلسطينيين تركيز حياتهم وجهدهم في امر نجاح كيري من عدمه، على اهمية الاستمرار في العملية السياسية، سواء تقدمت او تراجعت ، ذلك ان الفلسطينيين، لم يعد يكفيهم مجرد الحديث المكثف عن التمسك بالثوابت ، فهذه يفترض ان تكون مسألة بديهية، بل يريدون رؤية ورشة عمل نشطة ومجدية، تنفض عنهم غبار العجز واليأس والانقسام، ومن اجل التهيؤ لدخول المرحلة الصعبة التي تنتظرنا، ولا بد من الصمود فيها وعبورها.

القدس